كرونا ليست حداً لرحمة الله وليست حاجزًا بين العباد وربهم وليست نهاية العالم إن أراد الله غير ذلك.
لكن كرونا هي ضائقة على كل عباد الله فهل ستلين القلوب ويختفي الطمع والجشع وتساعد الناس بعضها وتحب لأخيها ما تحبه لنفسها بالا تكون سببًا في انتشار الوباء وأن تعود الطيبة والإيثار والمحبة.
كرونا مصاب لمن في الارض جميعًا لا دين لها ولا وطن ولا جواز سفر ولا لون ولا جنس لكنها وقفة للإنسان هل سيسلك الخير أم يستمر في الطغيان.
كرونا ليست نكتة ولا مزحة ولا وقت سخرية كرونا ناس تموت وحدها وتدفن وحدها اي كان من أصابته يبقى عبداً من عباد الله أأنتم أرحم من الله بعباده؟
كرونا قد تكون فرصة لنجاة البشر من الهلاك إذا عم، فرصة للأرض أن تتنفس هواءً نقياً بعد أن ملأ التلوث الجوي والفكري والعقائدي القلوب والصدور.
كرونا لم تحصد ما حصدته الحروب ولا الاٍرهاب ولا حوادث الطرقات لكننا نخاف منها لأننا نخاف ذنوبنا التي بلغت عنان السماء ولا ندري كيف سنقابل القاهر فوق عباده الرحمن على العرش استوى.
كرونا ان كانت مصيبة فلنا اجر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون وإن كانت ابتلاءً فهو من شرور اعمالنا ومن سيئاتنا.
كرونا لم تقفل المساجد وان كان لم تخرجنا من الملة ومن الدين ولم تعلن كفرنا بل هي من سيطهرنا بإذن الله تعالى إن نحن تخلصنا من الكِبر والرياء وجنون العظمة وأننا لن يقدر علينا أحد.
كرونا يجب أن لا تجعلنا نشمت في دول بمصابها وأنك ميت وانهم ميتون وما من أحد يدرأ عن نفسه الموت.
كرونا رسالة للبشرية اي كان معتقدها ولنا نحن المسلمون أن الله تعالى ما أخذنا على غفلة ولكن لينظر ماذا سنفعل.
كرونا وقفة للنفس أن يتخلص التجار من جشعهم وأن يتخلص الفرد من أنانية وان يترك لغيره ما يقتات به
كرونا فقط جاءت لتنبهنا ما غفلنا عنه وهو أن الموت حق لأجل ذلك أخافت الناس كلها،
كرونا منبه من الغفلة التي عاشت فيها الناس والدول وأن الانسان لن يقدر على شيء
كرونا يجب أن تغير تفكيرنا السلبي وان نخرج من جو السخرية والنكت والضحك الممسوخ الذي لا لون له ولا طعم وأن الآلاف في العالم يعيشون مآتم فهلا احترمنا الحزن.
هناك من سيقول إن الآخرين لم يهتموا لمصابنا من قبل وهذا هو الاختلاف بيننا ديننا
يحثنا على التسامح والعفو والإحسان فهلا كانت كرونا عودة لرحاب الاسلام السمح الذي يقول من احيى نفساً كما أحيى الناس جميعاً.
ليس كل مصاب شر فلعل الله جعل في باطنه خيرا وسلاماً لكل عباده وكيف لا وهو رب الناس ملك الناس إله الناس
كرونا هو إيثار الأطباء ومن في فلكهم لينقذوا الناس على حساب حياتهم
كرونا الاقتصاد والسياسة: التحديات والآفاق
الدول العظمى اقتصادياً، سياسيًا واستراتيجيًا تحت مجهر فيروس كرونا. هناك أخطاء قد تتحول لوصمة عار كخطر ظل أصبح بقعة على ورق.
فالكثير من الإصرار لإلغاء الظل او مسح البقعة قد يحدث ثقباً في الورقة لذلك تستحيل الرغبة في إزالة كل شيء.
إنها قاعدة اللعبة، إنها لعبة الضوء والظل، إنها لعبة مسرح الحياة الصغير التي يرويها تاريخ الشعوب والأمم.
أشياء خطيرة حدثت في الآونة الأخيرة. اختارت بعض الحكومات المال على الحياة، الاقتصاد والأرباح والتجارة على الدم والروح.
منهم من اختار الابتعاد عن الأحياء، منهم من ترك المسافة والخلافات الجوهرية لتقرير مصير الناس منهم من قرر من له الحق في الحياة ومن إن مات لا يهم، منهم من هو داعية للحرب على المرض ومنهم من هو مستفيد من هذا الوضع ومنهم من قلبه جليد ومنهم من هو جدار من اللامبالاة.
في البداية اعتقدت الحكومات أن الوقت هو المال، أو الوقت والمال يذهبان دائمًا في نفس الاتجاه لكن ظهرت معضلة أن الصحة أهم وأن العلم قاعدة وأن التمييز قنبلة موقوتة.
المرض والجهل والتمييز معضلة لا خروج منها. قام البعض بتحميل جميع البيانات، بفك تشفير لعبة صانعي القرار في دورة المعلومات الأولية المنتشرة هنا وهناك بتصفية المعلومات الكاذبة والغير المرغوب فيها التي تحرض على الفوضى وتنذر بتفكيك البنى التحتية وتفكك النظم السياسية وانهيار الوحدة الاجتماعية والمقاربة الأمنية
فظهر في هذا الوقت أفضل طريقة لكسب المعركة ضد ما يحدث هو الإيثار والاحتواء والعزلة.
نعم العالم الان يعيش عزلة شبه شاملة. ما نشهده الان هو ما يوصف بأنه رد فعل اكتئابي قد يكون طويل الأمد، كحالة حداد بعد فقدان البيئة المألوفة للجميع لكن بالنسبة للدول العظمى كما يطلق عليها انها دول ينهار فيها شعورها بالثروة والقوة وإنها لا تقهر.
لكن هذه الدول لم تنتبه ولم تعط للفيروس قيمة ولم تحلل المعطيات المرافقة له، كانت هناك علامات منذ بداية وإشارات كان يجب أن تسجل لمواجهة الفيروس لحفظ الوضع العام. فلقد عانى البشر من ثلاثة شرور عظيمة:
التمييز والفقر والجهل. يمكن حل التمييز بالحب والرحمة والإيثار وقبول الاخر. الفقر قد يقل بعدالة في توزيع الثروات والمشاركة أما الجهل فالتربية والتعليم كفيلة بالقضاء عليه
فيروس كرونا أظهر أن اقتصاد الحروب والسباق نحو التسلح وحرب النجوم اقتصاد فاشل وأن الملايين التي تكرس من أجل أسلحة الدمار الشامل لا قيمة لها أمام فيروس لا يرى ولا يحس لكنه جعل العالم كله يعلن الاستسلام.
إن شعوب العالم قد ضاقت ذرعا بالجشع، والاستغلال، وانعدام العدالة، وتكدس الثروات في أيادي قلة قليلة، ذلك إنها أمور لصيقة بالنظام الرأسمالي ونتاج طبيعي لقواعد عمله، كما أن انحياز الدولة لأصحاب رؤوس الأموال على حساب القاعدة العريضة من الناس كان دائما مؤشرا خطيرا لإحداث قلاقل اجتماعية في أي وقت عندما تضيق الأمور بالناس عندما تحل الكوارث بالبشر.
مما لا شك فيه أن هذا سيتيح لقوي جديدة أن تحل محل القوي القديمة، وبالتأكيد ستتغير مراكز القوي في العالم، ومن أبرز نتائج ذلك هو تصدر الصين للعالم لقيادة الجديد، عالم ما بعد الكورونا، وتراجع الولايات المتحدة وأوربا،
ومن أبرز الدلائل على ذلك هو الفشل في إبراز أي تضامن أمريكي أوربي في أزمة الكورونا، فأمريكا منعت الطيران من والي أوربا الحليفة لمدة شهر، ولم تساعد إيطاليا المتضررة، لكن الصين قدمت المساعدة ولم تعلن عن قفل حدودها مع الأوربيين أو الأمريكان.
أن الحل الحقيقي للأزمة لا يمكن أن يتم إلا بالخروج على قواعد ومبادئ النظام الرأسمالي، وإبدالها بقواعد جديدة قادرة على مواجهة التحديات، وهذا هو بالضبط ما ستقابله الدول في النظام العالمي لما بعد الكورونا، فالعالم وقتها سيكون مطالب بإرساء أسس نظام جديد أكثر عدالة وكفاءة وأخلاق.
دكتور القانون العام ومحكم دولي معتمد
وعضو المجلس الأعلى لحقوق الانسان