فكرة رائعة، تلك التى قام بها الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، حينما اختار كوكبة من العلماء، وشاركهم فى إصدار كتاب جديد تحت عنوان “فقه النوازل.. كورونا المستجد أنموذجًا”.
ميزة هذا الكتاب أنه يُلقى الضوء على الوجه السمح للدين الإسلامى العظيم، بعيدا عن الجمود العقلى عند حفظ بعض المسائل والأحكام، فالمصابون بالجمود العقلى لم يفرقوا بين الكليات والجزئيات, ولم يُحسنوا ترتيب المقاصد الضرورية أو الكليات, ولم يفقهوا مراد الشارع منها, وإنما تمحوروا حول ما قرأوه فى بطون الكتب، أو ما أخذوه على يد كبيرهم فى الجماعة, أو التنظيم, فحفظوه وكأنه القرآن الكريم، الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، بل إن أحدهم يجادلك فى فهم النص القرآنى المقدس, ولا يسمح لك بأن تراجعه أو تناقشه فى كلام شيخه ومرجعه، حتى لو كان هو أيضا لم يفهم كلام من نقل عنه على وجه صحيح, لأن الولاءات التراثية فى هذه الجماعات لا تسمح بالنقاش، أو المراجعة، أو الحوار العقلى.
ويشير الدكتور محمد مختار جمعة، فى مقدمة الكتاب، إلى أن هناك متحجرين يقفون عند ظواهر النصوص، ولا يتجاوزون الظاهر الحرفى لها إلى فهم مقاصدها ومراميها، فيقعون فى العنت والمشقة على أنفسهم، وعلى من يحاولون حملهم عن هذا الفهم المتحجر، دون أن يقفوا على فقه وفهم مقاصد السنة النبوية المطهرة، بما تحمله من وجوه الحكمة واليسر.
الكتاب يوضح مرونة الفكر الإسلامى فى التعامل مع المستجدات الزمنية، ومتطلبات المراحل المختلفة، مما ينهى حيرة المسلم فى التعامل مع المتطلبات الزمنية أو البيئية، أو متطلبات أى مرحلة تتعلق بظرف طارئ أو استثنائى، انطلاقا من قاعدة الضرورات تبيح المحظورات.
هذه القاعدة مأخوذة من عدة مواضع فى القرآن الكريم، وفى أكثر من آية، كما فى قول الله تعالى “فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم”.
أعتقد أن الكتاب يجيب عن الكثير من التساؤلات الحائرة فى أذهان الكثيرين، وهو جهد مشكور لكل من أسهم، وشارك، فى خروجه إلى النور.