يقوم مفهوم رأس المال الاجتماعي لأي منظمة إنتاجية أو خدمية علي مفهوم “الثقة المتبادلة بين الموظفين ومدرائهم بالبيئة الداخلية، وتنعكس هذه الشفافية التنظيمية علي سهولة سريان وتبادل المعلومات بين موظفي المنظمة الواحدة، وخفض تكاليف المعاملات الإدارية بها، فضلًا عن سهولة وسرعة تكيف المؤسسة مع بيئتها الخارجية التي تمثل السياق الاجتماعي الأكبر المحيط بها.
أي أن الإطار العام الذي يحكم المنظمة هو تواصلها وسعيها الدائم نحو إشباع احتياجات موظفيها ومساعدتهم علي تحقيق أهدافهم؛ شريطة إدراكهم التام لالتزاماتهم الكاملة نحوها، وتكيفهم التنظيمي معها؛ كي تنعكس هذه العلاقة التبادلية علي تحسين إنتاجية المنظمة، وجودة مخرجاتها، وتعظيم أرباحها وقيمة أسهمها، ورضا عملائها.
وقد توصلت العديد من الدراسات الأجنبية إلي طردية العلاقة الارتباطية بين قوة رأس المال الاجتماعي للمنظمة وبين تعزيز فرص الترقي الوظيفي للعاملين ذوي الأهداف والقيم المشتركة، والذين يتبادلون معارفهم ومعلوماتهم من منطلق الدعم المتبادل بينهم داخل المنظمة، ومن ثم كفاءة الأداء الوظيفي، وجودة مخرجات العمل، وتحسين دقة وكفاءة العمليات الإدارية للمنظمة، وتقليل وقت وجهد الموظفين في إنجاز العمل، وخفض معدلات دوران الموظفين وترك العمل.
ويتميز هذا المستوي من رأس المال الاجتماعي بإرساء استراتيجية تنظيمية تحسن سمعة الشركة، وتنمي استثماراتها المالية، و تضمن عدالة العلاقات الإنسانية بين الزملاء داخل بيئة المنظمة، وعدالة توزيع الموارد عليهم، وتدعيم المكانة الوظيفية للعامل الذي يمتلك مهارات شخصية وعلاقات اجتماعية؛ يستطيع توظيفها لصالح منظمته، التي توفر له فرص مناسبة للترقي والتدرج الوظيفي.
بينما تأتي تحديات هذا المستوي من رأس المال الاجتماعي؛ متمثلة في تمركز القوي في عدد قليل من المدراء التنفيذيين والموظفين الرئيسيين بالمنظمة، مما يفرض علي المؤسسة ممارسة أعمال المتابعة والمراقبة المستمرة لمتغيرات وروابط بيئتها الخارجية والجهات الفاعلة فيها، فضلًا عن استمرارية خلق دوافع ومتغيرات تحفيز متعددة لموظفيها؛ لتحسين أدائهم، واستثمار كفاءتهم في الارتقاء بالوحدات الإدارية المتعددة للمنظمة.