هل يمكن لمقتل “مطرب شعبي” أن يتسبب في التفجيرات والاحتجاجات وأعمال القتل التي اندلعت في أثيوبيا، وأزهقت أرواح أكثر من 80 شخصا بخلاف المصابين في منطقة أوروميا المجاورة للعاصمة؟؟
هذه الاضطرابات وأعمال العنف تسلط الضوء على الظلم الاجتماعي، كما توضح الانقسامات المتزايدة في أوساط عرقية الأورومو التي كانت تعد قاعدة قوية لرئيس الوزراء أبي أحمد، وكان أفرادها حلفاء سابقين له، ثم أصبحوا ناشطين أقوياء يتحدون حكومته.
حاول آبي أحمد تبرير مقتل المطرب بأنه “من صنع أعداء محليين وجهات خارجية لزعزعة الاستقرار ومنعنا من تحقيق ما بدأناه”. ورغم ذلك، اندلعت الاحتجاجات في العاصمة أديس أبابا، وهزت المدينة ثلاثة انفجارات.
وسبق أن قتل ضابط شرطة في مواجهة مع الحرس الشخصي لقطب الإعلام العملاق “جوار محمد”. ولقي العشرات مصرعهم عندما اشتبك أنصار جوار مع الشرطة في أكتوبر الماضي.
وتشير التقارير إلى أن آبي أحمد، وجوار، والمغني القتيل هم جميعًا من عرقية الأورومو، وهي أكبر جماعة عرقية في إثيوبيا، وكانت تشكو من تهميشها وإبعادها عن السلطة حتى تولى آبي رئاسة الحكومة عام 2018.
وفي السابق، كان جوار من مؤيدي آبي ولكنه تحول إلى ناقد قوي، وتم اعتقاله مع بيكيلي جيربا، زعيم حزب أورومو المعارض و33 شخصًا آخرين. وكانت أغاني المطرب القتيل تشكل خلفية موسيقية للاحتجاجات الدامية التي صعدت بآبي إلى السلطة.
ورغم أن آبي وعد بمنح حريات سياسية واقتصادية أكبر، فقد تصاعدت حدة المصادمات العرقية والسياسية مع تزايد حدة المظالم، وتكالب المقربين من السلطة للاستيلاء على الأراضي والموارد في بلد يضم أكثر من 80 مجموعة عرقية.
وأثارت محاولات آبي قمع العنف ردود فعل قوية من مؤيديه السابقين، مما يهدد فرص فوزه بالانتخابات التي كانت ستجرى في أغسطس ولكنها تأجلت بسبب كورونا.
ومن بين مظالم حكم آبي أحمد، تبنيه مشاريع عمرانية جديدة تخدم الأثرياء والنخب الغنية والشتات الأثيوبي في الخارج والسياح، دون أدنى اعتبار لحق المواطن العادي والشرائح الاجتماعية الفقيرة في السكن!!
في بحث أجراه ريروك تيريفيه دارس الدكتوراه بجامعة أكسفورد، يقول إن مشاريع آبي أحمد تركز على الإسكان الفاخر والسياحة الحضرية. وقبل الاضطرابات الحالية بأيام نشر تريفيه تقريرا على موقع كونفرسيشن الجنوب أفريقي، وصف فيه هذه المشاريع بأنها تمثل انفصالًا واضحًا عن الواقع وتذكرنا بالمباني الفارهة العملاقة في إمارات الخليج الثرية!!
وأخيرا، فإن احتجاجات القبائل التي ينتمي لها آبي، في مجتمع عرقي، تؤكد أن هناك خللا كبيرا في إدارة البلاد. فالانتماء للقبيلة وللحاكم القبلي يتقدم على أية أمور أخرى في مثل هذا المجتمع!!
والمشكلة في معظم دول العالم الثالث، أنه عند حدوث اضطرابات نتيجة لممارسات سياسية خاطئة، سرعان ما يتهم المسؤولون جهات خارجية وينسجون القصص حول وجود مؤامرات خارجية، بدلا من إصلاح المسار السياسي!!