تقرير سياسي عن أحداث الساعة
*الفرنسيون.. والإصلاح الاقتصادي
*التجربة المصرية.. أمام رئيس الوزراء الجديد
*أخيرا.. أيقن الرئيس ماكرون: المسكنات لا تجدي
*كورونا.. واضطرابات أمريكا.. وراء التغيير
*الحاكم العسكري لطرابلس.. شهادة الوفاة الأخيرة لـ”غير الطيب”..!
*الجيش الوطني الليبي يستعد لمعركة الحسم
*هل يستمع المجتمع الدولي لتحذير رئيس قبرص؟
*الأربعة ملايين دولار التي ملأت سماء لبنان.. من أين جاء بها الوالي العثماني التائه.. ولماذا؟
*دعاء من الأعماق.. أن يدعم الله تكاتفنا وتلاحمنا؟
*لمسات وفاء عديدة للفريق” العصار”..
عاش الفرنسيون على مدى الثلاث سنوات الماضية شأنهم شأن شعوب كثيرة في العالم.. ظروفا اقتصادية صعبة حيث ارتفعت معدلات التضخم وبالتالي زادت أسعار السلع.. وتكدس العاطلون في طوابير طويلة وسط الشوارع والميادين في نفس الوقت لم تعد تلك الأسعار ملائمة للأجور.. مما أوجد فجوة في الحياة المعيشية للغالبية العظمى من المواطنين..!
لذا.. ظهرت حركات احتجاجية واسعة النطاق كان أبطالها من أطلقوا على أنفسهم ” السترات الصفراء”.. الذين اشتدت احتجاجاتهم في نهاية العام الماضي عندما أخذوا يهتفون ويهللون حتى وصل الأمر في النهاية إلى حد الاعتداء على الممتلكات الخاصة والعامة.. وتعطيل وسائل المواصلات مما أسفر عن تراجع الحركة السياسية إلى أدنى مستوياتها.
وفي البداية أعلن الرئيس ماكرون رفضه لسياسة “لي الذراع” وبالتالي لن يستمع إلى تلك الأصوات الزاعقة إلا بعد أن يعودوا إلى سواء السبيل.. وهنا رفع المحتجون من سقف مطالبهم .. التي كانت تنحصر في البداية في رفع الحد الأدنى للأجور وتعديل قوانين الضرائب.. وتوسيع دائرة الرعاية الصحية.. ثم سرعان ما طالبوا بإقالة رئيس الوزراء.
***
بديهي أن يرفض الرئيس ماكرون الضغوط ويعلن من جديد.. ضرورة اتباع الوسائل السلمية.. وإلا فليتحمل أصحاب السترات الصفراء النتائج..!
ورغم ذلك.. لم تهدأ حركة الشارع فبادرت الحكومة برفع الحد الأدنى للأجور.. لكنه كان رفعا هزيلا.. مما دفع المحتجين إلى رفضه.. وقابل الرئيس هذا الرفض الجديد بالحسم.. والقانون.. حتى اضطر أصحاب السترات الصفراء وغيرهم إلى التزام الهدوء حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا..!
***
منذ ديسمبر 2018 حتى مارس 2020 لم تتحقق للفرنسيين مطالبهم.. وشاء القدر.. أن يظهر فيروس كورونا على الساحة.. فتنقلب الأمور رأسا على عقب.. ليس في فرنسا فحسب.. بل في الدنيا كلها..!
نعم.. لقد توقفت النشاطات الاقتصادية.. وتجمدت الحركة السياحية.. وأغلقت المصانع.. وازدادت طوابير العاطلين أكثر وأكثر..
باختصار شديد.. لقد لامس الفرنسيون خط “الفقر” .. مما أثار غضبهم من جديد.. ورفع من حدة مطالبتهم بالتغيير..!
وبالفعل.. أيقن الرئيس ماكرون أن الوقت قد حان للتغيير.. بعد أن ثبت أن الحلول المسكنة لا تجدي نفعا.. فقام بإقالة وزارة إدوارد فيليب وعهد إلى جان كاستكس الخبير الاقتصادي بتشكيل الوزارة الجديدة وقد كانت الصورة مكتملة أمامه تماما.. فهو على بينة تامة بالنتائج السلبية التي تسبب فيها فيروس كورونا.. كما لم يتغافل عن حجم رد الفعل الذي أحدثه مصرع المواطن الأمريكي الأسود على يد الشرطة.. وهو الحادث الذي أشعل نيران الغضب.. فعمت المظاهرات أرجاء البلاد.. ووقعت عمليات سرقة ونهب غير مسبوقة..!
وقد شاءت الظروف أن يلقى شاب فرنسي حتفه بنفس الطريقة على يد الشرطة الفرنسية مما ألهب الأجواء وبدت الحلول صعبة للغاية..!
لكن كاستكس متفائل بأنه سيعيد تصحيح المعادلة.. لاسيما وأنه قرر الاستفادة من تجارب الآخرين في الإصلاح الاقتصادي.. وعلى رأسها التجربة المصرية الناجحة التي تم من خلالها تنفيذ برامج الإصلاح بكل تؤدة وهدوء.. وقناعة.. وصبر.
ويعلق رئيس الوزراء الجديد الآمال على مواطنيه الذين لم يعد أمامهم سوى الاستجابة لمتطلبات الإصلاح من أجل أن ينعموا مستقبلا بحياة آمنة هانئة.
وقبل أن يعرض كاستكس برنامجه الجديد على الجمعية الوطنية حرص على أن يلتقي بممثلين لمختلف فئات الشعب.. من الأحزاب السياسية.. والإعلاميين والكتاب وأساتذة الجامعات.. بغية أن يسد منافذ الاعتراض أو الاحتجاج منذ اللحظات الأولى..!
..وهكذا يرى الفرنسيون.. أن العبرة أولا وأخيرا.. بعنصر الوقت.. وبنوعية النتائج التي يرجون أن تكون مثمرة ومفيدة..و..و.. وإيجابية..!
***
والآن.. دعونا ننتقل من فرنسا حيث الحكم العاقل المتزن إلى ليبيا.. التي يريد أن يفرض نفسه عليها.. حاكم أرعن أحمق مغرور..!
هذا الحاكم الملقب بـ” غير الطيب” أردوغان.. فقد البقية الباقية من عقله.. وطار صوابه بعد الغارات الجوية المفاجئة التي شتتت جمع جنوده ومرتزقته الذين أتى بهم ليحتلوا قاعدة الوطية في طرابلس..!
لقد تبددت أمنياته.. وتحطمت أحلامه.. وهو يطلع على صور الدمار التي لحقت بالجيش الذي قال عنه مرة إنه من أقوى جيوش العالم..!
هذا الجيش يغلي الآن.. وأصبح كبار ضباطه وقياداته على شفا حفرة من الانتقام لمن أصابهم في مقتل.. وأصاب زملاءهم وهو ما جعل أردوغان يزداد حيرة فوق حيرة.. يبحث عن طريقة للخلاص أو لإعادة الثقة بينه وبين جيشه..!
وقد تفتق ذهن والي تركيا إلى تعيين حاكم عسكريلطرابلس الليبية متصورا أن مثل هذا الحاكم كفيل بضبط الأوضاع.. واستعادة ما تبقى من خياله المريض..!
على الجانب الآخر.. فقد أقسم قادة وضباط الجيش الوطني الليبي على أن يجعلوا هذا القائد إذا فرض وتم تعيينه عبرة لمن يعتبر.. ومن لا يعتبر..!
للأسف هكذا يلعب “غير الطيب” بالنار من جديد ويتسبب بتصرفاته المجنونة في إلحاق الأذى بمن كان ضحية صلفه وضيق أفقه..
تُرى ماذا سيصير إليه حال الوالي العثماني.. وهو يرى بعينه الحاكم العسكري المغلوب على أمره وقد جاءوا به داخل كيس بلاستيك جثة هامدة..؟
عندئذ.. هل تكون لديه شجاعة الاعتراف بالحق .. وأيضا بالهزيمة الساحقة ليكتب بذلك شهادة وفاته الأخيرة..؟!
لقد عاهد الجيش الليبي وطنه ومواطنيه باقتراب معركة الحسم التي يجهز بها على هذا المعتدي الآثم الذي لا دين له ولا ذمة ولا ضمير ولا أخلاق..!
***
وإذا كان الشيء بالشيء يذكر.. فهل يستمع المجتمع الدولي إلى تحذير الرئيس القبرصي نيكوس أناستا سيادس الذي حذر فيه من تطلعات أردوغان في تطبيق سياسة توسعية في منطقة شرق البحر المتوسط.. مما يمثل تهديدا كبيرا للمنطقة كلها..!
أيضا -ومازال هذا الكلام على لسان الرئيس القبرصي- فإن تركيا تخطط لتكرار ما فعلته في سوريا من خلال تدخلها في ليبيا..
أعود لأتساءل:
هل حاول هذا المجتمع الدولي أن يتوقف أمام تلك التحذيرات التي أطلقها رئيس قبرص.. أم كالعادة كل بلد من بلدان المنطقة.. أو خارجها مشغول بأموره الخاصة.. وفيما عدا ذلك.. فليحدث ما يحدث وتلك قمة الخطر..!
***
نعم.. قمة الخطر.. لأن أردوغان لا يكتفي باحتلال مساحات من سوريا .. ومن العراق.. ثم هذا التدخل السافر في ليبيا ليسلك منذ أيام مسلكا غريبا ومستفزا حيث ألقى في سماء لبنان بأربعة ملايين دولار لماذا.. وما الذي يقصده بالضبط؟
واضح أنه يسعى لتشكيل ميليشيات في لبنان.. مهمتها تخريبه خرابا أكثر مما هو فيه.. توهما منه بإمكان السيطرة على حكومته.. وشعبه.. وطوائفه خصوصا في ظل الصراعات الصارخة بين جميع هؤلاء وبعضهم البعض..!
الأهم.. والأهم.. من أين جاء بهذه الملايين..؟
هل من ميزانية الحكومة التركية ذاتها..أم بعث له بها زميله في الإرهاب هذا الأمير الصغير تميم بن حمد حاكم قطر..؟
كلها تساؤلات.. سوف يأتي يوم قريب لتجد الإجابات التي قد تكون مقنعة.. أو التي تكون نوعا من أنواع الخرف السياسي الذي يمارسه “غير الطيب”..!
***
في النهاية تبقى كلمتان:
xالكلمة الأولى.. تنحصر في دعاء من الأعماق لله سبحانه وتعالى بأن يحافظ على وحدتنا نحن المصريين.. وعلى تكاتفنا.. وعلى تعاوننا مع بعضنا البعض.. فهذا هو الواقع يثبت أن من افتقدوا التعاون والتضامن والتلاحم.. أصبحوا كالسفينة التي تتلاطمها الأمواج.. والتي ينتهي بها الحال إلى الغرق في أعماق البحر..!
xأما الكلمة الثانية.. فهي تعبير عما يجيش في الصدور بشأن تلك اللمسات الإنسانية المتعددة تجاه الفريق محمد العصار وزير الدولة للإنتاج الحربي رحمه الله.
لقد كانت اللمسة الأولى عندما توجه الرئيس السيسي لزيارته في المستشفى ووقف على حالته الصحية وهناك قال الأطباء إن حالة الوزير حرجة جدا.. بعدها غادر الرئيس المستشفى مباشرة إلى قصر الاتحادية ليصدر قرارا بترقيته إلى رتبة فريق فخري مع منحه وشاح النيل.
ولم يكد يمر يومان حتى كان الرئيس يصدرتوجيهاته العلنية بإطلاق اسم الفريق العصار على محور أبو بكر الصديق.
وأول أمس.. تقدم الرئيس الجنازة العسكرية التي تم تنظيمها للراحل الكريم والتي شارك فيها كبار ضباط القوات المسلحة.
***
إنها مصر.. مصر الوفاء.. والعرفان.. والتقدير الكريم لخيرة أبنائها.
شكرا.. لمن يعيد صياغة المعاني والقيم بأساليب جديدة تنطق بالحب.. والإعزاز.. والنبل الذي ما بعده نبل.
ورحم الله.. الفريق العصار.. الذي غادر الدنيا تسبقه سمعته التي ستظل عائلته الكبيرة مصر.. وأسرته الحانية الصغيرة تفخران بها أبد الدهر.
***
و..و..وشكر