لا يختلف معي أحد اننا نعيش ظروف صعبة ، وأن مصر تواجه تحديات كبيرة . مما يلزمنا جميعا أن نسعى بكل جدية لمواجة هذه التحديات والتغلب على كل الصعاب . وان يضع الجميع المصلحة العليا للوطن في المقام الأول .
وأرى أنه من الضرورة أن يكون لدينا تفاؤل بقدرتنا الذاتية على تخطى هذه التحديات . فمصر تمتلك كل المقومات البشرية والمادية للنهضة ، بالاضافة الى العمق الحضاري الذي تفقده كثير من القوى الكبرى في عالمنا المعاصر.
ونحذر من مخاطر اليأس والقنوط ، وتتضح تلك المخاطر من تعريفات علماء الدين وعلماء النفس وعلماء الاجتماع والذين يجمعون أن” اليأس سـد لباب التفاؤل والأمل، وتوقع للخيبة والفشل، واستبعاد للفرَج بعد الشدة، واليسر بعد العسر ، وتغييب للرجاء في رَحمة الله”. ويرى أخرون أن اليأس والقنوط هو : ” انقطاع الأمل، وإحباطٌ يصيب الروحَ والعقلَ معاً، فيفقد الإنسان الأمل في إمكانية تغيٌّر الأحوال والأوضاع والأمور من حوله”.
والتفاؤل هو أقوى سلاح يدمر اليأس، لأن التفاؤل يشعل جذوة الأمل في نفوس الأفراد والمجتمع ككل، ويعزز الثقة بالنفس، ويفتح أفاق النفس والعقل لابتكار الحلول لأعقد القضايا.
وتفاؤل الفريق الذي يؤكد قدرتنا على النهضة والعودة لدور الريادة من جديد ليست مجرد أحلام تداعب الخيال . ولكنها تستند علي واقع تاريخي قوي وعميق يمتد إلي آلاف السنين حيث التراث الحضاري لأجدادهم المصريين القدماء الذي لا يزال حتي الآن يبهر العالم . يقول الدكتور وسيم السيسي عالم المصريات في كتابه القيم “مصر التي لا تعرفونها” أنه شاهد سيدة بريطانية تقف في جناح “علم الآثار المصرية EGYPTOLOGY” في المتحف البريطاني بجوار جمجمة بشرية أجريت عليها عملية تربنة منذ الفي عام قبل الميلاد وبجوارها لوحة كتب فيها ” أول جراحة مصرية في التاريخ . مصر الفرعونية “. وعندما أعربت البريطانية عن دهشتها ردت عليها مرافقتها قائلة :” إنه شيء يصعب تصديقه في الزمن البعيد السحيق . ولكنها كانت أول حضارة عرفها التاريخ “.
ورصد الدكتور وسيم في كتابه أقوال كثيرة تمجد المصريين القدماء ومساهماتهم في بناء الحضارة الإنسانية ومنهم عالم المصريات وارن داوسن الذي قال :”إن أسس العلوم جميعا . خاصة الطب .وضعت في مصر منذ 50 قرنا من الزمان “. ونقل وسيم عن العالم الفرنسي فرانسوا شامبليون. الذي فك رموز اللغة المصرية القديمة بعد استعانته بحجر رشيد . قوله : ” يتداعي الخيال ويسقط بلا حراك تحت أقدام الحضارة المصرية القديمة”.
فنحن نستمد طاقة النهضة من أجدادنا الذين أدركو قبل آلاف السنين أهمية العلم والاختراع في نهضة الأمم . ويقول الحكيم مانيتون أول مؤرخ مصري قديم حاول كتابة تاريخ مصر : ” كان عدد علماء الجامعة عندنا مائة . وكان الترقي بالإنجاز أو الكشف العلمي الذي يقدمه الباحث . وكان الباحث يطرد من الجامعة إذا لم يحقق إنجاز علمي في بحر 5 سنوات من عمله “.
هذه انجازات أجدادنا التي لا تزال ماثلة أمام الأعين رغم مرور آلاف السنيني عليها .فمتي يقتدي المصريون بأجدادهم؟! . ومتي ندرك ان جذور الإنسان ،أي إنسان هي التي تدعم وجوده وكيانه، وتحافظ علي تماسكه واستقراره، وتعينه على التغلب على كل الصعاب.