على مدار السنوات القليلة الماضية، وحتى الآن، تطالعنا وسائل الإعلام كل يوم بقيام جهاز الرقابة الإدارية العظيم بالقبض على أحد المسئولين بعد ضبطه متلبسًا صوتًا وصورة بتقاضي رشوة مقابل الإخلال بواجبات وظيفته، وأنه تم تحويله إلى جهات التحقيق وحجزه على ذمة القضية، وهناك منهم من تم الحكم عليه ويقضي عقوبة الحبس ومصادرة ممتلكاته من حصيلة الرشاوى، وبالرغم من ذلك نجد أن السادة المرتشين لم يقلعوا عن هذا الجرم المشين والحرام ولم يتوبوا ومازالوا يتهافتون على المال الحرام ولم يتعظوا مما سبقوهم إلى السجون من أمثالهم.
والغريب والمدهش أن هناك من المرتشين الذين تم القبض عليهم خلال اليومين الماضيين وهو رئيس أحد الأحياء، وهذه الواقعة هي الثالثة لرؤساء نفس الحي خلال 4 سنوات؛ حيث سبق وتم القبض على رئيسين سابقين لنفس الحي، كما هناك عدد من رؤساء الأحياء قابعون في السجون الآن يقضون فترات عقوبة في قضايا رشوة، ولا يعلم هؤلاء المرتشون أن المال الحرام مثل ماء النار تحرق من يلمسها عاجلا أم آجلا، وكيف يقبلون أن يدخل في جوفهم وجوف أولادهم مال حرام وكان عليهم أن يتذكروا حديث رسول الله – صل الله عليه وسلم – “أن كل لحم نبت من سحت فالنار أولى به”، والحديث الآخر لرسول الله، “لعن الله الراشي والمرتشي والرائش بينهما”.
وليعلم الناس أن الرشوة من المهلكات وفساد المجتمعات وتدمير للحقوق فاحذروا أكل المال الحرام ؛ لأنه سبيل للهلاك ومستنقع قذر ووحل ضرر لما يغوص فيه وهو مال خبيث، والله تعالى لا يحب الخبيث حيث قال: “قُل لَّا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ ۚ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ”، ولابد على كل إنسان أن يحذر المال الحرام بكل صوره وأنماطه، وشتى أنواعه وأشكاله ويرضى بما قسمه الله من رزق حلال ، وأن يعلم أن المال ليس بكثرته ولكن ببركة الله فيه، وأن مهما كانت الإغراءات من رشاوى أو هناك ضغوط مادية وضيق سعة العيش فليتذكر أن الله موجود وهو مقسم الأرزاق وله حكم في ذلك، ولابد أن يرضى كل إنسان برزقه الحلال الذي قدره الله له ولا يسعى نحو الحرام الذي فيه هلاكه وهلاك أسرته من فضيحة وجرسه، ناهيك عن عقاب الآخرة الذي ينتظره.
mahmoud.diab@egyptpress.org