أخيرا .. حسمت المحكمة الإدارية العليا قضية ضريح الحاخام اليهودى ” يعقوب أبو حصيرة ” فى قرية دمتيوه بمحافظة البحيرة بعد سنوات طوال من تداولها فى المحاكم ، فقد أصدرت حكما نهائيا وباتا بإلغاء قرار وزير الثقافة الأسبق ” فاروق حسنى ” الخاص باعتبار الضريح والمقابر اليهودية الموجودة حوله والتل المقام عليه ضمن الآثار الإسلامية والقبطية ، كما أمرت بوقف الاحتفالية السنوية التى تقام فى الضريح بمولد الحاخام ويأتى إليها عشرات اليهود يؤدون فيها طقوسا بذيئة وغريبة مما يثيرغضب واستنكار الأهالى .
قالت المحكمة إن الاحتفالية السنوية بمولد ” أبو حصيرة ” تخالف النظام العام والآداب ، وتتعارض مع وقار الشعائر الدينية وطهارتها ، وأكدت أنه لايجوز نقل رفات الحاخام اليهودى لإسرائيل ، مشددة على أن مصر بلد التسامح الدينى ، وأهل الكتاب ينعمون فيها بكل الحقوق ، ونقل الرفات يتعارض مع سماحة الإسلام ونظرته الكريمة لأهل الكتاب ، وقضت المحكمة بإبلاغ منظمة اليونسكو العالمية بشطب الضريح من قائمة الآثار الإسلامية والقبطية .
وكما هو واضح فإن الحكم القضائى لم يتضمن هدم الضريح ولا الإساءة لصاحبه ، لكنه فقط أنهى فصلا طويلا من الشكاوى والأحكام القضائية التى صدرت تباعا بخصوص القبر المثير للجدل ، ومطالبات إسرائيل بنقل رفات صاحبه إليها ، رغم عدم وجود وثيقة قاطعة تثبت أن أبوحصيرة يهودى ، فقد اختلف المؤرخون فى نسبه ، ونشرت روايات تقول إنه رجل مغربى صالح كان يتجول فى البلاد ، وقد وافته المنية وهو يعالج بض الأهالى فى قرية دمتيوه بدمنهور، فأقام له الناس ضريحا ، إلا أن اليهود هم الذين اخترعوا ـ بعد كامب ديفيد ـ أنه يهودى.
وأيا كان الأمر فقد انتصر حكم القضاء لفكرة ” المواطنة ” ، وتعامل مع الضريح على أنه لحاخام يهودى فعلا ، لكنه حاخام مصرى ومدفون فى أرض مصرية مثل كل المصريين ، من مسلمين ومسيحيين ويهود ، فمصر تتسع لكل أبنائها فوق الأرض وتحت الأرض ، لتأكيد أنها بلد التنوع والتعدد ، وفيها آلاف الأضرحة لمسلمين ومسيحيين غير مسجلة فى قائمة الآثار التى لاتضم إلا ماهو موثق بالمستند والحجة ، ومن ثم لايجوز نقل رفاته إلى إسرائيل أو أية دولة أخرى .
وكانت محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية قد أصدرت فى ديسمبر 2014 حكما مشابها بإلغاء مولد ” أبو حصيرة ” بعد أن كثرت شكاوى المواطنين فى قرية دمتيوه والقرى المجاورة لها من المساخر والاستفزازات التى يقوم بها اليهود القادمون للاحتفال بالمولد كل عام ، والذين حولوا القرية الوادعة إلى مايشبه المستوطنة الإسرائيلية ، وبعد أن صار فى إسرائيل من يتعامل مع قبر أبو حصيرة على أنه موطئ قدم لليهود ، ويريد أن يجعل منه ” مسمار جحا ” لهم فى الأرض المصرية ، عوضا عن طابا التى تحررت منهم بجهد جهيد .
وقد استقبل أهالى دمتيوه ذلك الحكم بالفرح والطبول والزغاريد وهم يهتفون ” الله أكبر يحيا العدل ، دمتيوه حرة واليهود برة ” ، وهم اليوم ـ بالتأكيد ـ أكثر سعادة بعد أن جاء الحكم البات والنهائى من المحكمة الإدارية العليا متجاوبا مع مشاعرهم الوطنية ، يحافظ على سلامة أراضيهم ، ويقطع الطريق على كل من أراد بلادنا بسوء .