”خط بارليف أصبح مثل قطعة الجبن المليئة بالثقوب، إنى أشعر بهم ثقيل على قلبى لأن المصريين حققوا مكاسب قوية في حين إننا عانينا ضربة ثقيلة، لقد عبروا قناة السويس وأنشأوا كبارى للعبور حركوا عليها المدرعات والمشاة والأسلحة المضادة للدبابات، ونحن فشلنا في منعهم من ذلك ولم نستطع أن نلحق بهم إلا خسائر قليلة”. تلك الشهادة الحقة سجلتها جولدا مائير في مذكراتها عن حرب أكتوبر 1973 وكانت تشغل منصب رئيس الوزراء أثناء الحرب. ووصفت جولدا مائير حالتها النفسية بسبب حرب أكتوبر قائلة : “سأظل أحيا بهذا الحلم المزعج لبقية حياتى، ولن أعود نفس الإنسانة مرة أخرى التي كنتها قبل حرب كيبور”.
ولعل في تلك الشهادات من سيدة تلقب بأنها أخطر إمرأة في تاريخ إسرائيل،فهي رابع رئيس وزراء للحكومة الصهيونية من 1969 حتى 1974، ولقبها الغربيون “بأم إسرائيل الحديثة”، أبلغ رد على كل دعاوي التشكيك في نصر أكتوبر الذي حققته مصر والتي تروجها اسرائيل وعملائها بزعامة رئيس الوزراء الحالي نتيناهو في الذكرى الـ 47 لهذا النصر المجيد.
وشهادة أخرى هامه سجلها أحد أخطر الصقور في تاريخ إسرائيل وهو رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق أرييل شارون، وأحد قادة الجيش الإسرائلي في حرب أكتوبر،قال في مذكراته التي ترجمت الى الفرنسية والعربية :” إن يوم الثامن من أكتوبر كان كارثة حقيقية وكابوسا لرجال الدبابات الإسرائيلية. فقد أطلقنا في معركة الفردان إحدى أشهر وحداتنا فلم يكتف المصريون بصدها بل عملوا على نتف ريشها”. واختتم شارون شهادته قائلا: “الحقيقة إن محنة 8 أكتوبر أغرقت القيادة العليا للجيش الإسرائيلي في حالة من الذهول حتى أنها لم تعد تدري ما ينبغي فعله”.
وهناك المئات من الشهادات الهامة من قادة عسكريين عالميين ، نذكر منهم الجنرال فارا هوكلى، مدير تطوير القتال فى الجيش البريطاني الذي قال : “إن الدروس المستفادة من حرب أكتوبر تتعلق بالرجال وقدراتهم أكثر مما تتعلق بالآلات التى يقومون بتشغيلها، فالإنجاز الهائل الذي حققه المصريون هو عبقرية ومهارة القادة والضباط الذين تدربوا، وقاموا بعملية هجومية جاءت مفاجأة تامة للطرف الآخر، على رغم أنها تمت تحت بصره وتكملة لهذا أظهر الجنود روحًا معنوية عالية في عداد المستحيل”.
ولم يترك المؤرخ العسكري الأمريكي تريفور ديبوي رئيس مؤسسة هيرو للتقييم العلمي للمعارك التاريخية في واشنطن أي مجال للتشكيك في انتصار العرب في حرب أكتوبر قائلا في ندوة دولية عن الحرب في القاهرة عام 1975 :” إنه نتيجة للقتال المشرف الذي خاضتة الجيوش المصرية و السورية إسترد العرب كبرياءهم و ثقتهم في أنفسهم مما أدى إلى تدعيم النفوذ العربي على الصعيد العالمي بشكل عام فليس هناك شك من الوجهة الإستراتيجية والسياسية في أن مصر قد كسبت الحرب”.
فليخرس المتشككون، فالنصر المجيد الذي تحقق في حرب أكتوبر 1973 سيحفظه التاريخ الإنساني في أنصع صفحاته. فقد كانت معركة أمه بأكلمها توحدت قادة وشعوبا لإستعادة الكرامة التي أهدرت في هزيمة يونيو 1967 ولتحرير الأرض ولردع عدوان العدو الاسرائيلي. فأثببت الوثائق مشاركة 10 جيوش عربية في الحرب ، وكانت خلفها الشعوب العربية مساندة .
وتحقق نصر أكتوبر بالتوكل على الله أولا ثم بالإرادة الصلبة للشعوب وبالتخطيط الصحيح للقيادة . وقد أدركت إسرائيل ومن خلفها كل أعداء الأمة أن تلك أسباب النصر فعملت ولا تزال تعمل على تفكيكها . والواقع يشهد بنجاح مخطط الأعداء جزئيا ، وعلينا في الذكرى الـ47 للنصر ان نستدعي مفاتحه كي نتجاوز المرحلة الصعبة التي نعيشها ، فمفاتيح النصر والنهضة لا تزال بأيدينا .
Aboalaa_n@yahoo.com