كنت أشعر بكل شىء
بقساوة اصطدام وجهى بالرصيف
بهول سحلي وارتطام جسدي
بجرجرتي فوق الحصى والتراب وأجزاء مرصوفة
الأمر أشبه بمشاهد تعذيب الكفار للمسلمين
التي سمعنا عنها
شعرت بمذاق الدم النازف مني…..
بتجريف الحصى لوجهي
باختراقه جسدي وتمزيق طبقات جلدي
كانت دقائق في عمر الزمن وفي عقلي هى دهر من السواد والعذاب
ومن لطف الله بي أن حجب عن سمعي صراخ ابنتي…..
من رحمة ربي أني لم اسمع صوت استغاثتها
كي لا يتوقف قلبي خوفا عليها
ثم فجأة وجدتها في حضني….
لا أعرف من رفعني عن الأرض ولا من أين جاء هذا الحشد…
….والمكان قبل دقائق كان خاليا موحشا
لا أعرف كيف أوقفوه ولا كيف أنقذوها
سبحانك ربي…..
حتى التوقيت الذي رميت نفسي فيه على الرصيف كان بحسبان من المولى القدير
أيقنت ذلك حين أخذني زوجي بالسيارة إلى المكان…..
وسار بي حتى آخره…..ورأيت أن على بعد خطوات من نقطة القائي نفسي لأوقف الوغد الحقير
كان المكان خاويا تماماااااا وشبه معتم
وبه أزقة ومداخل مظلمة…..
ولا سكن فيه ….
فقط مصانع بأبواب كبيرة ضخمة
وكل عدة أمتار نلمح رجلا يمر…..
يا الهي…..
أرتعد كلما تذكرت…..
وكلما هيأت لي وساوسي لو أنني لم أفلت منه…..
للآن أرتجف فزعا…..
فأي فزع جعلني أستهين بإلقائي نفسي فرارا ….
وأعرضني لكل هذا الألم وهاتيك الجروح التي ملأت وجهي وجسدي…..
…..ويُغرق ثيابي نزفي
أي فزع يجعل كل شىء يهون مقابل أن أفلت من هذا الكابوس الذي أطبق على قلبي…..
و يهون أكثر مقابل سلامة ابنتي…..
….وبعدها سلامتي
يا الهي….كيف نحن الامهات
والله لم أفكر فيما يمكن أن يحدث لي وأنا ألقي بنفسي على الرصيف…..
لم أفكر أني قد أموت…. قد أُشوه
كل ماكان يشغلني حدّ الشتات والذهول….
هو خوفي على ابنتي…
هو سلامها وسلامتها ولا شىء آخر
حتى وأنا على وشك الإغماء حين رفعوني عن الأرض….
كنت أبحث عنها بعيني وأناديها
كنت أناديها وهى بحضني
كأني أتأكد من سلامتها قبل أن أفقد الوعي
هى تصرخ وتحتضنني فزعة من دمي النازف
وأنا أردد الحمد لله ….
….ثم أغيب عن الوعي !!