.. ورفعنا العلم في العيد الثاني والثلاثين لأغلى كيلو و1/5
*حكاية 14 علامة حديدية حشدنا من أجلها أسانيد ووثائق العالم
*غدا.. صلاة الجمعة من “الطور”.. التي تحولت إلى روضة من رياض الجنة
*اللواء خالد فودة: غيرنا وجه الحياة في جنوب سيناء
*العلاوة.. لتحسين المعيشة.. وليستمسكنا وقتيا
*الموظفون المصريون يتعهدون بتقديم الأفضل
*عودة الانتماء للوطن لأبنائنا في الخارج
*البلطجة أبدا لن تعود مرة أخرى
*”قلة الأدب” سلاح العاجزين والفاشلين وعبدة الليرة!
*دخلنا في “هوجة” مسلسلات رمضان
أرجوكم.. الهوينا.. الهوينا..!
هكذا تمر السنون والأيام.. وتطوى سجلات التاريخ أحداثا.. وأحداثا.. منها ما يكتب بأحرف من نور.. ومنها من يفضل أصحابه الانزواء في الدهاليز.. والأزقة الضيقة..!
ونحن منذ 32 عاما.. صنعنا حدثا يعد من أهم الأحداث التي مرت بها البلاد.. لأنه يحمل من المعاني ما يؤكد أصالتنا.. وشجاعتنا.. وصلابة إرادتنا.. وأعني بها استرداد العزيزة طابا..!
يوم 15 مارس 1989 رفعنا العلم المصري فوق آخر قطعة أرض من أراضينا التي نجحنا في تحريرها من براثن المحتل الذي طالما حلم بضم شبه جزيرة سيناء كلها إليه.. فإذا به يفاجأ بأننا متمسكون بمساحة كيلو متر و1/5 كيلو مربع وهي فقط مساحة طابا..!
وقتئذ.. حاول الإسرائيليون أن يناوروا.. وأن يضغطوا.. وأن يخترعوا المبررات لعدم الانسحاب منها.. لكننا رفعنا شعارا يقول: الحق يستحيل أن يضيع أو يتبدد طالما أن أصحابه يطالبون به.. ولديهم الاستعداد لخوض أعتى المعارك في سبيله..!
كانت نتيجة كل هذه المحاولات اليائسة.. أن تم عرض هذا الشريط ” المحدود” على محكمة العدل الدولية.. لاتخاذ القرار”العادل”..!
طبعا.. كان يمكن أن نتردد أو نبحث عن وسيلة أخرى.. لكن لأننا موقنون بقضيتنا وافقنا على التحكيم ليصدر الحكم بمصرية طابا.. وحتى بعد صدور الحكم حاولوا تعطيل تنفيذه بشتى السبل والوسائل.. فمرة يقولون إن هذا الشريط متاخم لحدودهم.. ومرة أخرى يزعمون أنهم أقاموا فندقا عليه تكلف ملايين الدولارات.. وبالتالي لابد من تعويضهم..!
المهم.. صبرنا واجتهدنا .. وناضلنا ليضطروا في النهاية للرضوخ للأمر الواقع.. وحزموا حقائبهم ورحلوا..!
***
سألت د. مفيد شهاب أستاذ القانون الدولي وعضو وفد المفاوضات المصري في قضية طابا: لماذا كان هذا الإصرار من جانبنا على ضرورة استرداد تلك المساحة الصغيرة من الأرض..؟
أجاب: لأنها ببساطة أرضنا.. والأرض عرض.. وأيضا أمننا.. ونحن نذود عن هذا الأمن بكل ما أوتينا من قوة..
ثم..ثم.. فهي منطقة إستراتيجية مائة xالمائة حيث إنها ملاصقة لميناء إيلات الذي تعتبره إسرائيل درعايصد أي عدوان عليها فضلا عن كونها منطقة سياحية جذابة يتدفق عليها السياح من كل حدب وصوب.
***
وفي لقاء مع د. مفيد شهاب منذ يومين استعرض السنوات الصعبة التي مرت بها أزمة طابا.. لكنه توقف برهة وأضاف:
تصور جاء وقت على الإسرائيليين تمنوا فيه أن نغلق جميع الملفات بيننا وبينهم وكفى الله المؤمنين القتال..!
هل تعرف لماذا..؟
لأننا طالبنا باسترداد رأس النقب وهذه الأخرى تمثل أهمية كبرى بالنسبة لإسرائيل حيث إنها ملاصقة لميناء إيلات –كما أشرت آنفا- وما أدراك ما إيلات بالنسبة للإسرائيليين الذين حاولوا بشتى السبل والوسائل الحيلولة بين مصر وبين استعادة هذه المنطقة .. لكننا استندنا إلى علامات الحدود التي توضح بالضبط المسافات والأبعاد.. وخطوط التماس وعندما أحصيناهاوجدنا أنها 14 علامة 9 في الشمال و4 في الوسط وواحدة في الجنوب هي طابا.. وقد كان الإسرائيليون يتفقون معنا في الصباح على مكان كل علامة.. ثم يعودون في المساء لتغييرهاوعندما نسألهم ينفون علمهم بما حدث مبدين استغرابهم وحنقهم.. وطبعا نحن وهم كنا نعرف الحكاية من أولها إلى آخرها وبالتالي عندما أغلقت دونهم كافة الأبواب اضطروا للاعتراف بالحق الذي يؤكد أن هذه العلامات هي التي تفصل بدقة بالغة بين أرض مصر.. وأراضي الآخرين بصرف النظر عمن يكون هؤلاء الآخرون.
***
الآن.. يأتي السياح الإسرائيليون إلى طابا وهم يشعرون بحسرة ما بعدها حسرة.. فقد امتدت لها يد التطوير كما امتدت إلى كافة أرجاء محافظة سيناء.. والتي يقول محافظها اللواء خالد فودة:
لقد غيرنا وجه الحياة في المحافظة تغييرا جذريا وشاملا.. وفي واقع الأمر ما يقوله المحافظ صحيح مائة xالمائة ..
وأنا شخصيا لمست هذا التغيير منذ أن وطأت قدمي أرض مطار شرم الشيخ الذي يبدو وكأنه اكتسى بأفخر الثياب وأزهاها.. وذلك خلاف آخر زيارة لي منذ نحو أربع أو خمس سنوات مضت.
***
وأنا سوف أؤدي صلاة الجمعة غدا بإذن الله في مسجد السلام بمدينة الطور.. التي تحولت هي الأخرى إلى مدينة عصرية على أحدث طراز.. شوارعها.. ميادينها.. بيوتها.. مرافق الخدمات بها.. كلها تؤكد أن أي جهد يبذل لابد أن يتحقق لصاحبه أحلى النتائج وأفضلها.
مدينة الطور هذه.. كانت في يوم من الأيام بمثابة المنفى الذي ينقل إليه الموظف المقصر.. أو الطبيب الذي انشغل بأمور أخرى غير مهمته الأساسية.. أو ضابط المراقبة الجوية الذي يرتكب في الدقيقة الواحدة عشرات الأخطاء التي يمكن أن تودي بالطائرات وركابها إلى مصير مؤلم محتوم.
الآن.. المدينة –كما ذكرت مسبقا- نموذج للذوق الرفيع والحضارة الخالدة.. والتي تبعث برسائل للعالمين تقول فيها: هنا تجلى الله سبحانه وتعالى لنبيه موسى.
ومدينة الطور هذه شاء الله سبحانه وتعالى أن تكون مجمعا للأديان السماوية.. حيث يوجد بها جامع قلعة وكنيسة القديس جاود جيوشوبها حمام موسى الذي تتدفق منه المياه من خمس عيون وهي مياه غنية بالمعادن الطبيعية لذلك تستخدم في علاج أمراض الروماتيزم والأمراض الجلدية والعمود الفقري.
الأهم.. والأهم.. أن الله سبحانه وتعالى ذكرها في قرآنه الكريم بقوله:” وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَاءَ تَنبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِّلْآكِلِينَ ” صدق الله العظيم.
***
والآن.. وقفة تأمل لهذه القرارات المؤثرة في حياة الموظفين المصريين.. والتي تقضي بزيادة المرتبات ورفع المعاشات.. ومنح العلاوات وفتح الطريق أمام الترقيات..
تلك كلها أضفت شعورا لدى المصريين بصفة عامة.. وليس الموظفين فقط بأن بلادهم أصبحت تتقدم بهم إلى الأمام.. وفي ظل هذا التقدم المأمول.. أصبح للكرامة معنى.. ولحماية النفس والبدن قيمة ما بعدها قيمة.
وإذا كان الشيء بالشيء يذكر.. فإن موظفي الحكومة طالما عانوا من تجميد الترقيات بحيث يمضي الموظف المدة المطلوبة للترقية.. لكن يظل ثابتا في موقعه..
الآن.. بالقرارات الجديدة تتحقق انفراجة كبرى تسعد الآلاف من الموظفين وبذلك أصبحت الحلول الجذرية هي التي تسيطر وتسود.. بينما المسكنات الوقتية.. فقد انتهى زمانها.
على الجانب المقابل.. وانطلاقا من موقع المسئولية فإن الموظفين في المواقع المختلفة.. تعهدوا فيما بينهم على بذل الجهد لدعم العلاقة بينهم وبين الجماهير.. أو بينهم وبين مرءوسيهم .. ومندوبيهم في الفروع الإقليمية أو الحضارية.
فطالما نالوا حقوقهم.. ليس لديهم عذر في التراخي أو التكاسل.. أو.. أو التزويغ..!
***
ولعل من أهم النقاط المضيئة في المحروسة الآن.. ارتفاع حصيلة تحويلات أبنائنا في الخارج والتي بلغت 29 مليارا و600 مليون دولار.. وهو ليس بالمبلغ الهين.. كما أنه يعد صورة أصيلة من صور الانتماء للوطن الأم.. فالواضح أن أبناءه في الخارج لا يبخلون عليه ولا يتبعون الوسائل الملتوية في تحويل أموالهم.. بل كله يتم جهارا نهارا.. وفي إطار القوانين المعمول بها دون نقصان أو زيادة ومع ذلك.. فإن أي مجتمع من المجتمعات لا يخلو من السلبيات .. فالخير موجود.. والشر أيضا موجود.. لكن هناك أحيانا أمور تزيد عن حدها.. فتصيب المجتمع بهزة أو هزات.. أو رجفات يعاني منها أجيال بأكملها..!
مثلا.. لقد عادت ظاهرة البلطجة تطل برأسها من جديد.. والدليل تلك الجريمةالبشعة التي ارتكبها أناس تجردوا من أبسط مبادئ الإنسانية فأخذوا ينهالون بالضرب على سيدة وهي داخل شقتها مما اضطرها للقفز من الدور الخامس لتسقط جثة هامة .. قبلها سحل موظفة كانت تسير في الشارع لا بها ولا عليها وقبلها.. وقبلها تكرار خطف حقائب السيدات “عيني عينك”..!
هذه الجرائم كانت قد اختفت من حياتنا منذ عدة سنوات مضت فكيف تعود الآن إذن..؟!
نعم.. نحن نقدر حجم التعداد السكاني والضغوط الأسرية.. والاقتصادية.. والرغبة المجنونة لدى البعض لإثبات الوجود.. مما يستلزم مواجهة من نوع خاص.. مواجهة تجعل الجاني يفكر ألف مرة ومرة قبل ارتكاب فعلته الشنعاء..
صدقوني.. الأحكام المشددة ممكن أن تحقق نتائج إيجابية.. لكنها قد تكون لفترة وجيزة.. ثم سرعان ما تعود الأوضاع إلى ما كانت عليه.
لا.. وألف لا.. مطلوب تعاون وثيق بين أجهزة الأمن والمواطنين.. لوضع صيغة ملائمة وحاسمة تمنع هذه البلطجة التي لا يمارسها إلا من هو أحمق.. أو معتوه..أو..أو.. إرهابي خارج من عباءة جماعات الإخوان والتطرف..!
وحينما نتوصل إلى الصيغة المثلى في هذا الصدد فإنما نعرج قليلا على بلطجية السياسة والأحزاب.. وجماعات التكفير والتطرف.. هذا النوع من البلطجة يتخذ أصحابه من “قلة الأدب” سبيلا.. للتعبير عن تجاوزاتهم وانحراف سلوكياتهم متناسين أن أي معارضة أو أي خلاف.. أو أي تباين في الرؤى.. أو حتى في صراع المصالح.. إذا ما غابت اللغة النظيفة “المحترمة”.. فالأجدر بهم أن يلقوا أنفسهم في أحط وأقذر مستنقعات الخيبة والفشل..!
***
أخيرا.. كل سنة وأنتم طيبون.. ها هو شهر رمضان على الأبواب وكالعادة.. أخذت المسلسلات تدق على أبوابنا منذ الآن.. هذه بطلة مسلسل ملاكيوذاك النجم الأساسي في مسلسل يتحكم فيه المال ليس إلا!
يا ناس.. نرجوكم نرجوكم..اختيار طريق غير الطريق.. ودراما غير الدراما.. إذ يستحيل يستحيل أن يتحول الشهر الكريم الفضيل إلى مسابقات.. في البعد عن الله سبحانه وتعالى.. وفي عدم الانصياع لأهم تعاليمه.. وهو صوم رمضان الذي تصفد فيه الشياطين.. ويختبئ مروجو البهتان والضلال.. داخل أنابيب المياه الآسنة لكننا لقادرون على إفراغ البقية الباقية من عقولهم ونثرها في الهواء ليظلوا هم بالتالي يعضون بنان الندم في أيام لا ينفع فيها مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
***
و..و..وشكرا