بعد تصريحات بوتين ووزير خارجيته
القذائف الحديثة.. أقوى بكثير من قنبلتي هيروشيما وناجازاكي..!
أوامر بوتين حول رفع حالة التأهب غامضة.. ولكن!!
هــل تلجــأ روسيـــا لأســلحـــة تكتيكيـــة فــي ســـاحة القتــــال
أم تطلق الصــواريخ العابرة للقــارات ضـــد دول الغــرب..؟؟
إيجاد مخرج للرئيس الروسي.. السبيل الوحيد لنزع “فتيل الدمار”!!
إمكانية “الردع” .. تجعل إطلاق السلاح النووي .. نوعًا من الانتحار!
تقرير يكتبه
عبد المنعم السلموني
تصريح بوتين حول رفع حالة التأهب النووية الروسية، نشر حالة من الرعب في العالم خوفًا من نشوب حرب نووية عالمية. ويقول بعض المراقبين إنه من غير المرجح أن تبدأ موسكو بالفعل حربًا نووية. ولكن نظرًا لتقلب بوتين، لا يمكن الاستخفاف بتهديداته أيضًا.
وتستعد القوى العظمى بشكل روتيني لأسوأ السيناريوهات. لكنها تريد تجنب الحرب النووية الحقيقية، التي ستدمر العالم في حال نشوبها بين القوى العظمى!
وكان وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف قد اتهم، الخميس الماضي، السياسيين الغربيين بالتركيز على الحرب النووية، وذلك بعد أسبوع من قيام موسكو بغزو أوكرانيا.
وقال لافروف في مقابلة عبر الإنترنت مع وسائل إعلام روسية وأجنبية: “الواضح أن الحرب العالمية الثالثة لا يمكن أن تكون إلا حربًا نووية”.
وسبق أن أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الأحد الماضي، بوضع القوات النووية الروسية في حالة تأهب قصوى، متهمًا الغرب باتخاذ خطوات “غير ودية” ضد بلاده.
لكن عندما أصدر بوتين أوامره للقوات النووية الروسية لتكون على أهبة الاستعداد، قالت الولايات المتحدة إنها لن ترد بتغييرات في وضعها النووي. وقالت السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض جين ساكي للصحفيين: “في هذا الوقت لا نرى أي سبب لتغيير مستويات التأهب لدينا.”
مع ذلك، يشعر بعض الخبراء بالقلق من احتمال حدوث تصعيد نووي.
يقول بافيل بودفيج، الباحث البارز بمعهد الأمم المتحدة لبحوث نزع السلاح بجنيف: ما قاله بوتين، في الأساس هو: “بسبب كل هذه التصريحات العدائية والسياسات العدوانية، يجب أن نبدأ هذا النمط الخاص من الواجب القتالي لقواتنا الرادعة”.
ومن غير الواضح ما هو المقصود بـ “نمط خاص من الواجب القتالي”. أحد الاحتمالات هو أن الأمر الصادر من الرئيس الروسي معناه تنشيط نظام القيادة والسيطرة النووي للدولة.
ويقول بودفيج: “في زمن السلم، يتم ضبط نظام القيادة والسيطرة بطريقة تجعل توجيه أمر فعلي مستحيلًا للغاية”. “يبدو الوضع كما لو أنك تضغط على زر، ولكن لا يحدث شيء، لأن الزر غير متصل بأي شيء.”
ربما كان أمر بوتين يعني تفعيل الزر النووي. وربما لا أيضًا.
وتمتلك روسيا أسلحة نووية أكثر من أي دولة أخرى على وجه الأرض، وفقًا لهانز كريستنسن، مدير مشروع المعلومات النووية باتحاد العلماء الأمريكيين: “نقدر أن لديهم حوالي 4500 رأس نووي في مخزونهم العسكري”.
في الوقت الحالي، حسبما يقول كريستنسن لموقع “إن بي آر”، يبدو أن أكبر الأسلحة النووية لدى روسيا –الأسلحة الموجودة على متن غواصاتها وقاذفاتها وصواريخها الباليستية العابرة للقارات -في مستوى التأهب المعتاد. لكن مخزونهم يشمل أيضًا ما يقرب من 2000 سلاح نووي تكتيكي، وهذه الأسلحة يتم الاحتفاظ بها داخل منشآت التخزين في جميع أنحاء روسيا، وقد تم تطويرها بهدف خوض معركة إقليمية محدودة. أي حرب نووية في منطقة صغيرة جدًا”.
كما تمتلك الولايات المتحدة حوالي 100 قنبلة نووية منتشرة في جميع أنحاء أوروبا يمكن استخدامها في حرب نووية تكتيكية.
ويمكن إطلاق أسلحة الكرملين التكتيكية في ساحة المعركة باستخدام نفس الصواريخ قصيرة المدى التي تستخدمها روسيا حاليًا لقصف أوكرانيا، مثل صاروخ إسكندر الباليستي.
وتقول روسيا إنها لن تستخدم الأسلحة النووية إلا كملاذ أخير، لكن البعض يشكك في ذلك.
وتعتقد أولجا أوليكر من مجموعة الأزمات الدولية أن لجوء روسيا للخيار النووي لن يحدث إلا في حرب مباشرة مع قوات الناتو. وتضيف: في الصراع الحالي مع أوكرانيا، “أعتقد أنه من غير المرجح أن موسكو ستطلق سلاحًا نوويًا ضد هدف ما”.
ويرى جيفري لويس، الباحث البارز في معهد ميدلبري للدراسات الدولية في مونتيري، إن تصريحات بوتين الأخيرة قد لا تكون أكثر من مجرد صخب نووي.
وذكر مسؤول كبير بوزارة الدفاع الأمريكية في إفادة صحفية إن استدعاء بوتين لقدرة روسيا النووية “ليس فقط خطوة غير ضرورية بالنسبة له، بل خطوة تصعيدية”. ووصف الأمين العام للناتو ينس ستولتنبرج أمر بوتين بأنه “غير مسؤول”، وقال لشبكة CNN الأمريكية إن “هذا خطاب خطير”.
كتب هانز كريستنسن، مدير مشروع المعلومات النووية في اتحاد العلماء الأمريكيين، في رسالة بالبريد الإلكتروني لشبكة دويتش فيل DW: “لا يزال من غير الواضح ما الذي ينطوي عليه التحذير المتزايد”.
يفترض الخبراء أن بوتين أدلى بتصريحاته المثيرة للجدل كتذكير للعالم بأن روسيا قوة نووية لا ينبغي العبث بها بعد أن فرض الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة أقسى عقوبات اقتصادية روسيا شهدتها روسيا على الإطلاق.
وكتب كريستنسن: “من المرجح أن بوتين يفعل ذلك ليخيف الغرب ويحصل على تنازلات”. “هذه هي سياسة حافة الهاوية التي يتبعها”.
يقول مارك فينوFinaud ، رئيس قسم انتشار الأسلحة في مركز جنيف للسياسة الأمنية، وهو مؤسسة دولية مقرها سويسرا، إن هذه الخطوة قد تكون مدفوعة أيضًا بعدم النجاح في الحرب حتى الآن.
وقال فينو لدويتش فيل: الوضع العسكري في أوكرانيا ليس بالوضوح الذي تخيله بوتين”. وقد يكون هذا هو السبب في أن الرئيس الروسي شعر بالحاجة للإشارة إلى قوة الأسلحة النووية لبلاده.
وربما وجد بوتين نفسه في ورطة كبيرة بعد العقوبات القاسية على بلاده، ومع الأداء القتالي لجيشه الذي ربما لم يحقق المأمول منه حتى الآن، ومن هنا يلوح الرئيس الروسي بالسلاح النووي، باعتباره الملاذ الأخير إذا لم يتم الاستجابة لمطالبه، خصوصًا وأنه قال للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في مكالمة هاتفية بينهما: “ما لن يتحقق بالدبلوماسية سأحققه بالحرب”!!
بن هودجز، جنرال متقاعد بالجيش الأمريكي وخدم كقائد للقوات المسلحة الأمريكية في أوروبا، قال لـ دويتش فيل: مهما كان السبب وراء كلام بوتين، فإن هذا الخطاب التصعيدي لم يكلفه شيئًا، لم يخسر شيئًا للتهديد باستخدام الأسلحة النووية”. وقال إن أي هجوم نووي فعلي سيكون قصة مختلفة. “إذا كان عليهم إجراء الحسابات الرهيبة لاستخدام سلاح نووي، بغض النظر عن حجمه أو صغره، فسوف يكلف (بوتين) وروسيا كل شيء.”
والحقيقة أن السلاح النووي ليس حكرًا على بوتين، وهناك ما يسمى بالقدرة على الردع أو إمكانية الضربة الثانية، أي أنه لو بادر بوتين بتوجيه الضربة النووية الأولى ضد أي دولة نووية أخرى، فهناك إمكانية الضربة الثانية، بمعنى أن الدولة التي تلقت الضربة الأولى يمكنها توجيه ضربة نووية انتقامية ضد بوتين.
وفقًا لمنظمة علماء من أجل المسؤولية العالمية، ومقرها المملكة المتحدة، فإن تفجير بضع عشرات أو مئات من الرؤوس الحربية سيؤدي إلى حرائق ضخمة ينتج عنها “سحب دخان مستمرة على ارتفاعات عالية من شأنها أن تؤثر في مناخ العالم، مما يتسبب في انهيار زراعي واسع النطاق ومجاعة”.
وويجدر بالذكر أن الأسلحة النووية الحديثة أقوى بكثير من القنابل الذرية التي ألقتها الولايات المتحدة على مدينتي هيروشيما وناجازاكي اليابانيتين في الحرب العالمية الثانية. كان لهذين الاثنين انفجار يعادل حوالي 15 كيلو طن من مادة تي إن تي و20 كيلو طن من مادة تي إن تي، على التوالي. الكيلو طن يساوي 1000 طن من مادة تي إن تي.
“العديد من الأسلحة النووية الحديثة في الترسانتين الروسية والأمريكية هي أسلحة نووية حرارية ولها مردود متفجر لا يقل عن 100 كيلوطن من [تي إن تي]” ، كما ورد في الموقع الإلكتروني للحملة الدولية لإلغاء الأسلحة النووية، التي فازت بجائزة نوبل جائزة السلام عام 2017.
ولا يرجح الخبراء شن هجوم نووي على أوكرانيا، وهي دولة ليست جزءًا من حلف الناتو ولا تمتلك أسلحة نووية.
وأشار فينو “لن يكون لمثل هذا الهجوم أي معنى على الإطلاق”. “إذا كان الهدف هو السيطرة على أوكرانيا، فإن روسيا لا تريد احتلال كومة من الحطام المشع.” وقال فينو “رأينا سلسلة من الخطوط الحمراء يتجاوزها بوتين في غضون أيام قليلة. وفي كل مرة كنا نظن أنه لن يذهب أبعد من ذلك،” في إشارة إلى أنه يصعب التنبؤ بما سيفعله بوتين.
ويقول جيمس م. أكتون، من مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، في تحليل له على موقع الواشنطن بوست: من غير المرجح أن يغيِّر هذا التهديد النووي ديناميكيات الحرب. إذا استمر الصراع، فقد يؤدي اليأس ببوتين إلى تجاوز العتبة النووية. سيتعين على أوكرانيا والولايات المتحدة وحلفائها في الناتو محاولة إيجاد مخرج لبوتين لتجنب هذه النتيجة الكارثية.
مشكلة بوتين واضحة، فالقوات المسلحة الروسية تحرز تقدمًا أبطأ بكثير مما توقعه على الأرجح، وتتزايد خسائرها، ويبدو أن حربه لا تحظى بشعبية في الداخل. الغرب موحد ووافق على فرض عقوبات قاسية بالفعل. في الوقت الحالي، ستكون أفضل حالة لروسيا هي إلحاق الهزيمة النهائية بأوكرانيا في حمام دم مطول يجعل الناتو أكثر وحدة وحزمًا من ذي قبل. من المرجح أن يكون لدى بوتين بعض الإحساس العام بأن التهديد النووي، المدعوم بالترسانة الروسية الهائلة، يوفر طريقة للخروج من هذا المأزق. لكن هل هذا هو الواقع؟
في الأيام المقبلة، قد يتغير وضع القوة النووية الروسية بطريقة تشير إلى ما إذا كان بوتين يهدف إلى تهديد الولايات المتحدة أو أوكرانيا أو كليهما. أحد الاحتمالات هو أن تنبه روسيا قواتها النووية الاستراتيجية -تلك التي يمكنها الوصول إلى الولايات المتحدة -من خلال، نشر صواريخها الباليستية العابرة للقارات التي يمكن نقلها على الطرق (والتي تُحفظ عادةً في المرائب) أو تحميل القاذفات بعيدة المدى بأسلحة نووية. ومثل هذه الإجراءات تشيرإلى أن بوتين يسعى لتهديد واشنطن.
لو فعل بوتين ذلك، فقد يشير إلى أنه سيستخدم الأسلحة النووية إذا تدخلت الولايات المتحدة بشكل مباشر. ومع ذلك، فإن منع الولايات المتحدة من الدخول في الحرب مباشرة –وهو ما استبعده الرئيس بايدن بشكل قاطع قبل أن تبدأ الحرب-لن يوفر طريقًا سحريًا مختصراً لإلحاق الهزيمة بالقوات الأوكرانية، التي صمدت بنفسها حتى الآن.
الاحتمال الآخر هو أن تبدأ روسيا في نقل الرؤوس الحربية لأنظمة الإطلاق غير الاستراتيجية -تلك التي لا يمكنها الوصول إلى الولايات المتحدة -من مواقع التخزين الخاصة بها إلى القواعد التي يتم فيها نشر أنظمة الإطلاق. في تلك الحالة، ستكون أوكرانيا الهدف المحتمل لتهديد بوتين النووي.
باختصار، من غير المرجح أن تساعد حالة التأهب النووي بوتين على كسب الحرب. وحتى في هذه الحالة، فإن خطر التصعيد النووي حقيقي. الخطر حقيقي على وجه التحديد لأنه من غير المرجح أن تنجح تهديدات بوتين النووية؛ حسبما قال صمويل شاراب، المحلل في شركةRand Corp، والذي يرى أن “بوتين المعزول والغاضب” يمكن أن يجد نفسه “في خضم حرب تقليدية طاحنة ووجودية واقتصاد دمرته العقوبات.” في هذه الحالة، قد يشعر الرئيس الروسي أنه أعطى واشنطن وكييف تحذيرًا عادلًا، ثم يلجأ إلى الخيار النووي، ربما في ساحة المعركة، على أمل أن يؤدي ذلك إلى تراجع أحدهما أو كليهما.
لتجنب هذا الموقف، يجب على أوكرانيا والولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي محاولة منح بوتين طريقة لحفظ ماء الوجه، بعد ان وصل إلى نقطة اللاعودة، لإنهاء الحرب بشروط تحافظ على أوكرانيا كدولة مستقلة.
ويرى أكتون أنه لكي تكون هناك أي فرصة للتوصل إلى اتفاق، سيتعين على الولايات المتحدة وحلفائها رفع أكثر العقوبات الاقتصادية قسوة مثل تجميد البنك المركزي الروسي، والذي يهدد بتدمير الروبل. الهدف من العقوبات، هو رفعها إذا غيّر خصمك سلوكه. يجب على واشنطن وحلفائها أن يوضحوا لموسكو العقوبات التي سيرفعونها كجزء من اتفاق لوقف إطلاق النار (ربما كان ذلك ما حدث خلال جلسة المفاوضات الثانية بين مسؤولين من روسيا وأوكرانيا). يجب أن يقاوموا الدعوات الحتمية لجعل تخفيف العقوبات مشروطًا بحل قضايا -مثل وضع شبه جزيرة القرم -التي ليست وثيقة الصلة بالصراع المباشر. يجب عليهم أيضًا إعادة بعض إجراءات البناء الأمني التي قدموها لموسكو في يناير. مثلًا، يمكن للولايات المتحدة وحلفائها أن يعرضوا على روسيا، بشرط المعاملة بالمثل، الحق في تفتيش منشآت الدفاع الصاروخي “إيجيس آشور”، التي أقامتها الولايات المتحدة في بولندا للتحقق من عدم إمكانية استخدامها لإطلاق صواريخ هجومية.
وما لم تقض دولة ما على القوات المسلحة للدولة الأخرى، وهو ما لا تستطيع أوكرانيا أن تفعله مع روسيا، فإن إنهاء الحروب ينطوي دائمًا على تنازلات مؤلمة. وهي أفضل من بعض البدائل، التي قد تشمل الحرب النووية.
في النهاية تظل التساؤلات قائمة: هل يقوم العالم بعمل جيد لإبقاء الأسلحة النووية تحت السيطرة، وما هي احتمالات نشوب حرب نووية بين روسيا والغرب في ظل الأزمة الأوكرانية؟
يشير تقرير على شبكة فوكس إلى أن الجهود العالمية لمنع انتشار الأسلحة النووية، مثل معاهدة عدم الانتشار، كانت ناجحة بشكل لافت للنظر. لكن هذه الجهود تحتاج إلى عناية ومتابعة مستمرة. وعلى الصعيد العالمي، يبدو النظام النووي في حالة سيئة للغاية. كوريا الشمالية تواصل بناء ترسانتها النووية. الهند وباكستان تشاركان في سباق تسلح لبناء أسلحة نووية تكتيكية قصيرة المدى. والعداء يتصاعد بين الولايات المتحدة وروسيا والصين.
ومن المقرر أن تنتهي اتفاقية رئيسية بين الولايات المتحدة وروسيا للحد من الصواريخ المسلحة نوويًا، والمعروفة باسم معاهدة ستارت الجديدة، في فبراير 2026، والعلاقات المتدهورة بين الولايات المتحدة وروسيا ستجعل التفاوض على التجديد أكثر صعوبة.