قال..
وأفضل ما في الوقت يا صديقي، أنه يعلمك أن تصنع من أحزانك خيطا متينا ترتق به جروحك القديمة كلها..
وأنت ما زلت تنزف..
وتمزج مرارة وحدتك بعلقم الخذلان ليصيرا ترياقا لذلك السم في عمق شرايينك المدعو (أحدهم)..
يُعلِمك، أنه لا حياة بلا دروس..
ولا دروس بلا ثمن..
وأن الفقراء أمثالنا..
يدفعون حياتهم ثمنا،وربما لا تكفي..
ويموتون على قيد الحياة..
أو يحيون-انتظارا-على قيد الموت..
آملين بذلك أن يهدأ صراع أعماقهم قليلا..
أو يطلب هدنة، يعيدون فيها ترميم أنفسهم من جديد..
وبناء ذات من بعثرة..
على نحو يجعلهم أكثر نضجا..
أعمق تجاهلا..
وأكثر هدوءً..
زادهم تلك اللا مبالاة..
التي تجعلهم ينظرون للأشياء والأحداث من منظور من يؤمن بأن حصاد الصمت أفضل جدا من بذار الكلام الذي لا يثمر..
ويعبرون بخطى من جمر على أرواحٍ يسلمها الماء البارد إلى حتف مؤكد من شدة ما لاقت أهوالا، ودون أن تطلق شفاهم صرخة ألم..
ولا آهة واحدة تضعهم في خانة الأحياء..
وكأن مشاعرهم ماتت قبل أن تولد..
وأنهم واروها تراب النسيان قبل أن تُلقى في دفاتر ذكريات عابث، أفضل ما لديه أن يضعها فوق رف متعب قبل الوصول إلى محطة الوداع وقد ملَّ من حملها في ذاكرته..
وأهداها قبل التراب وردة بلا عطر وتمتمات مفارق..
وبعضا من دموع تماسيح كاذبة في عيون مسخ..
زورا ادعى أنه..
بشر..
ثم اعتب إذا شئت..
لا شيء سيتغير..
إلا أن يشهر في وجهك سلاحا يُسلمك إلى الخرس والتسليم..
فكل شيء عنده..
قضاء وقدر..
فتعلم من الوقت يا صديقي قواعد الغد الثلاث..
الاستغناء التام..
الانطفاء التام..
وألا تثق مجددا..
وقد أودت بك الثقة ذات مرة..
فعارٌ عليك أن تعود..
وعار أكبر أن تلعن من علمك كل هذه الدروس دون أن يسخر منك كما فعلوا..
إذ ألقوك كزهرة قطفها أحدهم فلما مرت بأبواب الذبول رماها..
سحقا سحقا..
انتهى..
النص تحت مقصلة النقد..
بقلمي العابث..