هل عجزت روسيا عن إيقاف “قطار الأسلحة السريع”؟؟
كميات هائلة من الأسلحة الغربية .. تتدفق على أوكرانيا !!
طائرات “انتحارية” وسفن روبوتية ومدافع هاوتزر ومصفحات.. لكييف
وصول أكثر من 5000 صاروخ “جافلين” المضاد للدبابات والمدرعات
موسكو تحذِّر واشنطن وتتهمها بصب الزيت على النار .. !!
تقرير يكتبه
عبد المنعم السلموني
قبل المعركة المنتظرة بين روسيا وأوكرانيا على إقليم دونباس، تتدفق شحنات هائلة ومذهلة من الأسلحة الغربية على أوكرانيا..!!
في الأسبوع الماضي، أرسلت روسيا مذكرة دبلوماسية رسمية إلى الولايات المتحدة تحذر من أن شحنات الولايات المتحدة وحلف الناتو التي تشمل أنظمة الأسلحة “الأكثر حساسية” إلى أوكرانيا “تصب مزيدًا من الزيت على النار” في الصراع الدائر هناك ويمكن أن تؤدي إلى “عواقب لا يمكن التنبؤ بها”.
المذكرة الدبلوماسية من صفحتين، أرسلتها السفارة الروسية في واشنطن إلى الخارجية الأمريكية. وبحسب صحيفة واشنطن بوست، فقد كانت المذكرة باللغة الروسية، وتحمل عنوان “مخاوف روسيا في ظل الإمدادات الهائلة من الأسلحة والمعدات العسكرية لنظام كييف”.
واتهمت موسكو الولايات المتحدة والناتو بمحاولة إجبار أوكرانيا على “التخلي عن” المفاوضات مع روسيا من أجل مواصلة إراقة الدماء “، مع الضغط على الدول الأخرى لإنهاء التعاون العسكري والفني مع موسكو. (بالفعل، هددت كييف بالانسحاب من المفاوضات إذا قضت القوات الروسية على الجنود الأوكرانيين المحاصرين في ماريوبول).
وجاء في المذكرة: “ندعو الولايات المتحدة وحلفاءها إلى وقف العسكرة غير المسؤولة لأوكرانيا، الأمر الذي ينطوي على عواقب لا يمكن التنبؤ بها على الأمن الإقليمي والدولي”.
ومن بين الأسلحة التي وصفتها روسيا بأنها “الأكثر حساسية” كانت “أنظمة إطلاق الصواريخ المتعددة”.
وهذا يرقى إلى انتهاك “المبادئ الصارمة” التي تحكم نقل الأسلحة إلى مناطق النزاع وتجاهل “خطر وقوع أسلحة عالية الدقة في أيدي القوميين المتطرفين والمتشددين وقطاع الطرق في أوكرانيا”.
في يوم الأربعاء الماضي، وبعد مكالمة مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أعلن الرئيس جو بايدن، في بيان مكتوب، أن إدارته قررت تقديم 800 مليون دولار إضافية كثمن لأسلحة وذخيرة لأوكرانيا، ومنها المدفعية وناقلات الجند المدرعة، في الوقت الذي تستعد فيه للدفاع عن نفسها ضد هجوم روسي جديد متوقع. وأضاف بايدن “….نواصل تسهيل نقل قدرات كبيرة من حلفائنا وشركائنا في جميع أنحاء العالم”.
وقد أرسلت الولايات المتحدة بالفعل طائرات بدون طيار كاميكازي سويتش بليد، وهي طائرات “انتحارية” تستخدم لمرة واحدة، حيث تصطدم بأهدافها لتنفجر فيها. ويمكن تجهيز بعضها برؤوس حربية خارقة للدروع لاستهداف الدبابات.
وقال المراقبون إن المذكرة الدبلوماسية الروسية قد تكون إيذانًا بمرحلة جديدة تستهدف فيها موسكو قوافل الأسلحة التي تدخل أوكرانيا. (بالفعل أسقطت الدفاعات الروسية طائرة محملة بالأسلحة، كانت في طريقها لشرق أوكرانيا، حيث ينتظر أن تحدث المواجهة الحاسمة في دونباس.)
أطلع السكرتير الصحفي للبنتاجون، جون كيربي، الصحفيين على حزمة المساعدات في مؤتمر صحفي، قائلاً إنها تتضمن “قدرات جديدة لم يسبق أن قدمناها لأوكرانيا”.
“لقد التزمنا منذ البداية، حتى قبل الغزو، بمساعدة أوكرانيا لتتمكن من الدفاع عن نفسها. وهذه المساعدات تمثل القدرات التي طلبها الأوكرانيون أنفسهم وقالوا إنهم بحاجة إليها. والقتال يتركز الان في الجزء الشرقي من البلاد “.
ونقلت شبكة أيه بي سي نيوز عن وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) أن القائمة، تشمل قائمة المعدات العسكرية الجديدة مدفعية هاوتزر عيار 155 ملم -بطلب محدد من أوكرانيا -و200 ناقلة جند مدرعة من طراز M-113، و100 مركبة همفي مدرعة، و300 طائرة انتحارية “kamikaze” بدون طيار من طراز سويتشبليد Switchblade ، و11 طائرة هليكوبتر من طراز MI-17. أعطت الولايات المتحدة أوكرانيا خمس طائرات هليكوبتر كجزء من شحنة سابقة.
وقالت البنتاجون، إنها قدمت أكثر من 5000 صاروخ جافلين، وهي تعد من أكثر الأسلحة فعالية في العالم ضد الدبابات والعربات المدرعة الأخرى ويمكنها حتى إسقاط طائرة هليكوبتر تحلق على ارتفاع منخفض. الصاروخ، على شكل جرس ثقيل ووزنه 50 رطلاً (23 كيلوجراماً)، يطلقه جندي واحد. ويطير الصاروخ من أنبوب الإطلاق، إلى أعلى بزاوية شديدة الانحدار وينزل مباشرة إلى هدفه، فيما يعرف باسم قذيفة ذات مسار كروي منحنٍ، ليصل إلى الجزء العلوي من دبابة حيث يكون درعها أضعف.
أضافت البنتاجون أنه سيتم تسليم عدد غير محدد من صواريخ Javelins الإضافية، وستكمل الولايات المتحدة تسليم 100 طائرة انتحارية بدون طيار Switchblade “kamikaze”.
وذكرت شبكة أيه بي سي نيوز أنه تم إدراج سفن الدفاع الساحلي ذاتية القيادة “روبوتية” في القائمة الطويلة للمعدات، والتي سيتطلب بعضها تدريباً محدداً.
وفي تقرير، كتبه روبرت بيرنز للأسوشيتدبرس، جاء أن تدفق الأسلحة الغربية على أوكرانيا ساعد في تخفيف حدة الهجوم الروسي الأولي ويبدو مؤَكدًا أن الأسلحة الغربية ستلعب دورًا مركزيًا في المعركة القريبة، وربما الحاسمة، في الصراع على منطقة دونباس. ومع ذلك، فإن الجيش الروسي يحرز تقدمًا ضئيلًا في وقف ما أصبح يسمى تاريخيًا “قطار الأسلحة السريع”.
ويقدم المسؤولون والمحللون “الأمريكيون” تفسيرات عديدة لعدم قيام الروس باعتراض الأسلحة الغربية التي تتحرك براً من البلدان المجاورة، ومنها بولندا. من بين الأسباب المحتملة: عدم سيطرة روسيا بشكل كامل على سماء أوكرانيا مما أدى إلى الحد من استخدامها للقوة الجوية. أيضًا، كافح الروس لإيصال الأسلحة والإمدادات إلى قواتهم في أوكرانيا.
يواجه الروس أيضا عقبات عملية، حيث قال روبرت جي بيل، وهو مسؤول قديم في حلف الناتو وأستاذ حاليًا بكلية سام نون للشؤون الدولية بجامعة جورجيا للتكنولوجيا، إن هناك طرقًا عديدة يمكن للشحنات من خلالها التخفي أو التنكر بما يجعلها بعيدة المنال بالنسبة للروس “فليس لدى الروس شبكة تجسس في المكان” لرصد تحركات القوافل.
ويقول ستيفن بيدل، أستاذ الشؤون الدولية والعامة في جامعة كولومبيا: “ليس من السهل إيقاف تدفق هذه المساعدات كما قد يبدو”. الذخيرة والصواريخ المحمولة على الكتف يمكن نقلها في شاحنات تشبه أي شاحنة أخرى. والشاحنات التي تحمل الذخائر ويريد الروس اعتراضها ليست سوى جزء صغير من تيار أكبر بكثير لشاحنات البضائع والسلع التجارية التي تتحرك في أنحاء بولندا وأوكرانيا وعبر الحدود.
“لذا يتعين على الروس أن يبحثوا عن إبرة في كومة قش كبيرة لتدمير الأسلحة والذخيرة التي يستهدفونها وليس إهدار الذخائر النادرة في تدمير شاحنات محملة بورق الطابعات أو حفاضات الأطفال أو من يدري ماذا.”
وتشير الأسوشيتدبرس إلى انه حتى مع هذه المساعدة الغربية، فمن غير المؤكد ما إذا كانت أوكرانيا ستنتصر في النهاية ضد قوة روسية أكبر.
في منتصف مارس، قال نائب وزير الخارجية الروسي، سيرجي ريابكوف، إن شحنات الأسلحة سيتم استهدافها.
وقال في تصريحات متلفزة “لقد حذرنا الولايات المتحدة من أن ضخ أسلحة إلى أوكرانيا من عدد من الدول ليس مجرد خطوة خطيرة بل إجراء يحول القوافل المعنية إلى أهداف مشروعة”.
ولكن حتى الآن يبدو أن الروس لم يعطوا أولوية قصوى لحظر الأسلحة، ربما لأن قواتهم الجوية تخشى التحليق في مجال الدفاعات الجوية الأوكرانية للبحث عن قوافل الإمداد أثناء التنقل ومهاجمتها. لقد ضربوا مواقع ثابتة مثل مستودعات الأسلحة ومواقع تخزين الوقود، ولكن التأثير محدود.
مع اشتداد القتال في دونباس، وربما على طول الممر الساحلي لشبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا، قد يشعر بوتين بأنه مضطر إلى توجيه ضربات أقوى إلى خط أنابيب الأسلحة، والذي وصفه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بأنه شريان حيوي لبقاء أمته.
ويشير موقع وورلد سوشياليست ويبسايت إلى أن الاتحاد الأوروبي يوسع بشكل كبير إمداداته من الأسلحة إلى أوكرانيا، حيث قرر وزراء خارجية الاتحاد الأوروبى فى اجتماع، عقد الأسبوع الماضي فى لوكسمبورج، زيادة المساعدة العسكرية المشتركة بمقدار 500 مليون يورو لتصل إلى 1.5 مليار يورو، حسبما قال الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية جوزيب بوريل عقب الاجتماع.
ويقول الموقع: لم تترك قوى الاتحاد الأوروبي أدنى شك في ماهية هدفها، فهي تريد إلحاق هزيمة عسكرية بروسيا في أوكرانيا. وذكر بوريل بعد أن سافر إلى كييف مع رئيسة مفوضية الاتحاد الأوروبي أورسولا فون دير لاين: “نركز على تسليم الأسلحة”. كانت العقوبات “مهمة”، لكنها “لن تحل مشكلة معركة دونباس”. وقال فلنذكر ذلك بوضوح، “ستحسم الحرب في معركة دونباس”.
تحدث وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا في قمة الناتو في بروكسل عن المواجهة الضخمة التي تلوح في الأفق. وقال: “ستذكرك معركة دونباس بالحرب العالمية الثانية بعملياتها ومناوراتها واسعة النطاق، واستخدام آلاف الدبابات والمدرعات والطائرات والمدفعية”.
قامت ألمانيا بالفعل بتزويد أوكرانيا بأسلحة على نطاق واسع، بما في ذلك الآلاف من الصواريخ المضادة للدبابات والمضادة للطائرات. سيؤدي التسليم المخطط للدبابات والأسلحة الثقيلة الأخرى إلى تكثيف الحرب وخلق صراع عسكري مع روسيا التي تمتلك أسلحة نووية.
وفقًا لتقرير نشرته صحيفة هانلزبلات الألمانية اليومية، تستعد شركة رههينميتال Rheinmetall الألمانية العملاقة للأسلحة لتزويد كييف بالدبابات. وحسبما ذكر الرئيس التنفيذي للمجموعة أرمين بابرجر Armin Papperger، فإن هذا يشمل دبابة القتال ليوبارد-1 وهي الطراز السابق لـ ليوبارد2 “Leopard 2” الذي يستخدمه الجيش الألماني حاليًا. وقال: يمكن للشركة تسليم ما يصل إلى 50 دبابة من هذا النوع إلى أوكرانيا.
كما يجري بحث تسليم حاملات أفراد مصفحة من طراز “ماردير”. هنا أيضًا، “أعلنت شركة رهينميتال عن استعدادها لتسليم 50 إلى 60 ناقلة أفراد مصفحة من طراز ماردير Marder إلى أوكرانيا”.
ويشير موقع جلوبال ريسيرش إلى أنه، في الوقت الحالي، يعمل حلف الناتو والاتحاد الأوروبي “معًا” لإغراق أوكرانيا بالأسلحة واستخدام غزو بوتين كذريعة لشن حرب واسعة النطاق ضد روسيا نفسها. وهكذا فإن خطر اندلاع حرب عالمية ثالثة بأسلحة نووية يتزايد بشكل هائل.
كانت الواشنطن بوست قد كشفت في تقرير يوم 5 أبريل، حول محادثات السلام بين أوكرانيا وروسيا، عن أن الناتو يخشى أن تستسلم كييف لبعض مطالب موسكو.
وكتبت الواشنطن بوست صراحة: “بالنسبة للبعض في الناتو، من الأفضل للأوكرانيين الاستمرار في القتال والموت بدلاً من تحقيق سلام يأتي مبكرًا جدًا أو بتكلفة باهظة للغاية لكييف وبقية أوروبا.”
وقالت الصحيفة إن أعضاء الناتو مصرون على عدم منح “الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أي مظهر من مظاهر النصر”، وهم على أتم استعداد لوضع الأوكرانيين في مفرمة اللحم لتحقيق هدف هؤلاء الأعضاء.
إذا كانت واشنطن بوست تكشف عن هذه المعلومات حول الناتو، مع اقتباسات من كبار المسؤولين في البيت الأبيض، فمن الواضح أنها حصلت على الضوء الأخضر من مسؤوليها في واشنطن.
ما سبق يمثل تأكيدًا شبه رسمي على أن الناتو يعتبر الأوكرانيين مجرد وقود للمدافع في حربه بالوكالة على روسيا.