شكراً
لأنَّ صَبيَّةً
في آخرِ الدنيا
تظنُّ بأنَّني قد قُلتُها
يومَ انكفأتُ
على الدمِ المسفوحِ من روحي
أُطبِّبُه بإيقاعِ الرَمَلْ!!
شكراً
لأنَّ فتىً صغيراً مثل أولادي
يقولُ لصحبِه
هيَّا نُفتِّشُ في الخرائطِ بيتَها
وأكادُ ألمحُهُم
وهم يتلصَّصونَ على المعاني
خلفَ أجداثِ الأمَلْ!
شكراً لهذا الشعرِ
أهداني من الأعداءِ
أجملهم
ولم يتركْ صديقاً لي حقيقياً
سوى هذا الوَجَلْ!
شكراً لهذا الشعرِ
لولا نارُه
لظللتُ صلصالاً فطيراً نيئاً
يسعى كظِلْ
شكراً لهذا الشعرِ
لولا نورُه
للبثتُ في ظلماتِ شكّيَ
في ضَلَل
شكراً لأنًّ وشيجةً في القلبِ
تجعلُني أنوحُ لمالكِ بن الريبِ
في صحرائِه
وأودُّ أنْ لو كنتُ غيمةَ قبرِه
لمَّا تغشَّاه الأجَلْ
وأكادُ ألمِسُ دمعةَ السيَّابِ
يندهُ يا عراقُ
ينوحُ يندهُ
لم يُجِبُه عِراقُه
لكنَّه لمَّا يَزَلْ !!
ما زلتُ أذكرُ
أيُّهذا الشعرُ
أذكرُ جيداً
لمَّا التقيتُكَ حينَ كنتُ صغيرةً
فجلستَ لي
علَّمتَني حرفاً فحرفاً
سرَّ تذهيبِ الجُمَلْ !
وسقيتَني
فرقصتُ مثلَ فراشةٍ سكرى
وصارَ الكونُ
كلُّ الكونِ مجنوناً ثَمِلْ !
كم مرةً
أخلفتُ موعدَ عودتي
كم مرةً
غلَّقتُ نافذتي
تركتُكَ تحتَها للريحِ
والليلِ الطويلِ
وللمَلَلْ
كم مرةً
يا شعرُ كنتُ سخيفةً ولئيمةً
لكنًّ صبرَكَ لم يَمَلْ!
شكراً
تحمَّلتَ الذي لا يُحتَمَلْ
شُكراً لأنَّكَ صاحبي
اللآنَ يوماً ما خَذَلْ!
شكراً ملاكَ الروحِ
سيدَّها الأَجَلّْ
لكنْ سألتُكَ بالذي
سواكَ بابي للحقيقةِ
والخَبَلْ
هل كانَ حتماً
أن تُجرِّفَ
تُربةَ الروحِ الشفيفةِ كلَّ يومْ؟
هل كان حتماً
أنْ تُغلِّقَ كُلَّ بابٍ
لا يقودُ إليكَ
تفتحُ نافذاتِ الروحِ مشرعةً
على المنفى
على الريحِ الغريبةِ والذَهَلْ؟
هل كان حتماً أن تظلَّ
مُلازِماً روحي كظِلْ؟!