يقول تعالى: (حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ﴾
يجب علينا ان ندرك ان الصلاة نظاماً تعبدياً لوقاية النفس من رعونتها،
ودواء يداوي أمراضها، ويجدد قواها ويهذب نوازعها بالتنشئة السليمة، والتربية الصحيحة.فجعلها الله الدافع علي عمارة الارض فقال سبحانه فاذاقضيت الصلاة فانتشروا في الارض وابتغوا من فضل الله وصدق النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو يصف أهمية الصلاة، وكيف تزكي النفس وتقوم السلوك البشري بقوله: ( لو كان على باب دار أحدكم نهرا فاغتسل فيه كلّ يوم خمس مرّات، هل يبقى علي جسده من الدّرن شيء؟ قلنا: لايارسول الله، قال: فانّ الصّلاة كمثل النّهر الجاري، كلما صلّى صلاة غسلته من الذنوب)(1). وجاءه (صلى الله عليه وآله وسلم) رجل فقال له: يا رسول الله أوصني، فقال: (لا تدع الصّلاة متعمّداً، فإنّ من تركها متعمّداً فقد برئت منه ملّة الإسلام)(2). وجاء عنه (صلى الله عليه وآله وسلم): (ما بين الكفر والإيمان إلاّ ترك الصلاة)(3). وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): (لكلّ شيء وجه، ووجهُ دينكم الصّلاة، فلا يُشِينَنَّ أحَدُكُم وجهَ دينه)(4). وروي كذلك عنه (صلى الله عليه وآله وسلم): (ليسَ منّي من استخفّ بصلاته، لا يَردُ عليَّ الحوضَ لا والله)(5). وروي عن احد الصالحين(ما أعلم شيئاً بعد معرفة الله أفضل من هذه الصّلاة، ألا ترى ان الله قال لموسي ع واقم الصلاة لذكري وعيسى بن مريم ع قال: وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيّاً)(6).وكان نبينا صلي الله عليه وسلم يقول لبلال ارحنا بهاولهذه الأهمية العظمى للصلاة أصبحت فريضة تعبدية في كل رسالة إلهية وقرب ووصل بالله بشّر بها الأنبياء لأنّها الصلة بين العبد وربّه، ولأنّها معراج يتسامى الفرد بها إلى مستوى الاستقامة والصلاح. ولذلك فإنّ القرآن عندما تحدّث عن الأنبياء ورسالتهم في الحياة، قال: (وَجَعلناهُم أئمةً يَهدُونَ بأمرِنا وأوحينا إِليهمْ فِعْلَ الخيراتِ وإقامَ الصّلاةِ وإيتاءَ الزَّكاةِ وكانوا لنا عابِدين).(الأنبياء/73) فالصلاة عنوان وعلامة للفرد المؤمن، وللاُمة المؤمنة، وهي حدّ فاصل بين المؤمن الحق، وبين من لا ينتمي للصف المؤمن. لذا جاء قوله تعالى: (فأقيموا الصلاةَ إنَّ الصَّلاةَ كانتْ على المؤمِنينَ كِتاباً مَوْقُوتاً).(النساء/103) فهي شعار أهل الإيمان، وصفة أُلأمة المؤمنةعلى تعاقب الزمان، وتتابع الدهور والعصور. لذلك تحدّث القرآن الكريم عن أُولئك المسلمين وعن شعارهم مع نبي الإسلام محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) فأثنى عليهم، وقرن صفتهم بصفة أسلافهم من أتباع الأنبياء، وأصفياء الرسل، فقال عزّ من قائل: (مُحَمَّدٌ رسولُ اللِه وَالَّذينَ مَعَهُ أشِدّاءُ على الكُفّارِ رُحَماءُ بينهُم تَراهُم رُكَّعاً سُجَّداً يبتَغُونَ فضْلاً منَ اللهِ ورضْواناً سيماهُمْ في وُجوهِهم من أثَرِ السُّجودِ ذلكَ مَثَلُهُم في التَّوراةِ ومَثَلُهُمْ في الانجيلِ كزَرْعٍ أخرَجَ شَطْأََهُ فآزرهُ فاستغلظَ فاستَوى على سُوقهِ يُعْجِبُ الزُّراعَ لِيَغيظَ بِهِمُ الكُفَّارَ..).(الفتح/29) وما كان لكلام الله في مجمل معناه للصلاة تاكيدا لاهل الايمان أنّ الصلاة في كل الرسالات الإلهية شعارا ، ومخّا للعباده بعد الايمان بالله. وكم أوحى لنا القرآن باهمية الصلاة في دعوة الأنبياءوالرسل؛ فحدّثنا عن مناجاة ابراهيم (ع) وتبتله بين يدي مولاه حين يناجيه (قُلْ إنّ صلاتي ونُسُكي وَمَحيايَ ومَماتي للهِ ربِ العالَمينَ* لا شَريكَ لهُ وبذلكَ أُمِرتُ وَأنا أوَّلُ المسلمين).(الأنعام/162 ـ 163) وكم كان إبراهيم (ع) يرفع اكف الضراعة الي الله راجياً منه أن يجعله وذرّيته من مقيمي الصلاة ، فيقول: (رَبِّ اجعلني مُقيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرّيتي…).(إبراهيم/40) وهكذا عرض لنا القرآن نماذج للأنبياء، يعرجون بارواحهم ويتقربون بقلوبهم مؤكدين ان الصلاة فريضة علىهم وعلي أتباعهم، وليؤكد لنا الله أهمية الصلاة، ويوضح مركزها في دعوات الأنبياء ورسالات الرسل (عليهم السلام ويكفي تارك الصلاة قوله تعالي(قال الله تعالى: ﴿ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ * إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ * فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ * عَنِ الْمُجْرِمِينَ * مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ ﴾