د.ربيع الغفير .. خطيب الجامع الأزهر:
الغاية من الخلق هي التحاب والتعارف بين الناس.. والتقرب من الله سبحانه يكون أساسه التقوى والعمل الصالح
قوة الأمة في اتحاد كلمتها ووحدة صفها واجتماع أبنائها ووقوفهم على قلب رجل واحد
الإسلام أغلق على أبنائه منافذ الاختلاف وحرم الفُرقة أيا كانت أسبابها
سنة المصطفى ﷺ أرست دعائم المعنى القرآني في وحدة الأمة والمجتمع
كتب عبد العزيز السيد
أكد الدكتور ربيع الغفير، أستاذ اللغويات بجامعة الأزهر، أن الله سبحانه وتعالى أرسل رسله وأنزل كتبه وسن شرائعة ليقيم في الأرض مجتمعات قوية مترابطة، تربط بين أفرادها روابط الحب والإخاء والاحترام، ليكونوا على قلب رجل واحد، قال المولى عز وجل: “يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ “، وكأن الغاية من الخلق هي التحاب والتعارف بين الناس، وأن التقرب من الله تعالى أساسه التقوى والعمل الصالح.
وأوضح د. الغفير ، خلال خطبة الجمعة اليوم بالجامع الأزهر ، والتي دار موضوعها حول “الوحدة وبناء الأوطان”، أن سنة المصطفى ﷺ أرست دعائم المعنى القرآني في قوله تعالى “إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ” فجاءت السنة النبوية المطهرة لتجذر هذا المعنى في قلوب المسلمين فقال المعصوم ﷺ “مثلُ المؤمنين في تَوادِّهم ، وتَرَاحُمِهِم ، وتعاطُفِهِمْ . مثلُ الجسَدِ إذا اشتكَى منْهُ عضوٌ تدَاعَى لَهُ سائِرُ الجسَدِ بالسَّهَرِ والْحُمَّى”.
واستشهد خطيب الجامع الأزهر، بقوله ﷺ “إن اللهَ يرضَى لكم ثلاثًا ويسخطُ لكم ثلاثًا يرضَى لكم أن تعبدوه ولا تُشرِكوا به شيئًا وأن تعتصموا بحبلِ اللهِ جميعًا ولا تفرَّقوا وأن تناصحوا مَن ولَّاه اللهُ أمرَكم”، ولهذا وجب على العباد أن يعتصموا ويتمسكوا بحبل الله جميعا ولا يتنازعوا مهما كانت الأسباب والدوافع فالتفرق في ديننا مذموم ومرفوض.
ولفت د.الغفير، إلى أنه إذا ما طالعنا كتب السيرة النبوية المطهرة وجدنا أن أول اهتماماته ﷺ ، حينما هاجر من مكة إلى المدينة أنه أقام الصلح وألف بين قلوب قبيلتي الأوس والخزرج اللتين دارت بينهما الحروب الطاحنة والمعارك الشرسة التي استمرت عقودًا طويلة، نفث خلالها اليهود بينهم روح الفُرقة بين أفراد الأمة وأبناء المجتمع، ولكن النبي ﷺ استطاع بفضل الله أن يؤلف بين قلوبهم فتلاشت الألقاب والقبائل لينصهروا جميعا في بوتقة الإيمان وعُرفوا وقتها بالأنصار، قال ﷻ” وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ”
وبيّن خطيب الجامع الأزهر، أن الفُرقة بين أفراد الأمة وأبناء المجتمع هو مبدأ استخدمه أعداؤهم ليل نهار وقاعدتهم الأولى”فرِّق تسُد”، لأن قوة الأمة في اتحاد كلمتها ووحدة صفها واجتماع أبنائها ووقوفهم على قلب رجل واحد وفي هذا قال الأعرابي:”كونوا جميعا يا بَني إذا اعترى خطبٌ ولا تتفرقوا آحادا”، مضيفا أن الإسلام أغلق على أبنائه منافذ الاختلاف وحرم الفُرقة أيا كانت أسبابها، فلا يحل لأبناء الأمة الواحدة أن تختلف.