شاركت في النقاشات الفكرية التي دارت حول موسوعة : “الإعلام في فجر وضحى الاسلام ” لمؤلفها فؤاد حمدو الدقس والتي شارك فيها نخبة من مفكري مصر بندوة رابطة الادب الاسلامي الشهرية .
وإذا بدأت بما دار حول العنوان فإنني أتوقف أمام المفكر الدكتور ابراهيم عوض استاذ الأدب والنقد بكلية الآداب جامعة عين شمس الذي ناقش قضية إضافة مضافين إلى مضاف إليه كما جاء في العنوان” فجر وضحى ” حيث أضيفت الكلمتان إلى كلمة الإسلام، وهو أمر لايجوز كما هو مشهور بين المهتمين بالصواب اللغوي، لكن الدكتور إبراهيم استعرض ما جاء في شعر الأقدمين من أمثلة بها إضافة مضافين إلى مضاف ومنهم “الأعشى” الشاعر العربي الكبير الذي يقف في صفوف أصحاب المعلقات والطبقة الأولي على حسب تصنيف ابن سلام الجمحي في كتابة “طبقات فحول الشعراء” ثم لجأ الدكتور ابراهيم إلى القياس على ما يحدث فيما يسمى باب التنازع في النحو وهو أن يؤثر فعلان أو أكثر ( يسمونه عاملًا ) في معمول أو أكثر مثل سمعتك ورأيتك تثني وتمدح اعمال فلان” مثلا .
وقال الدكتور المفكر ما دام لدينا شبه لهذا الأسلوب وما دام لدينا نموذج تاريخي من الشعر العربي وما دامت الذائقة لا تستنكفه فلم لا نأخذ بذلك .
لكن الدكتور غانم السعيد العميد السابق لكلية اللغة العربية فقد أشاد بموضوعات الموسوعة أي العناوين التي جاءت تحتها التراجم مثل سفراء الإسلام حيث جمع المؤلف كل من أرسلهم الرسول إلى الملوك في ذلك العصر تحت باب واحد كما أشاد بابواب ” امهات المؤمنين والصحابيات ” وانتقد الدكتور غانم ما حدث من حشو في بعض الشخصيات حيث كان المؤلف أحيانا ينتقل إلى شخصيات اخري في ثنايا الحديث عن شخصية ما ثم يسترسل بشكل قد ينسي القارىء ما كان يتابعه .
أما الكاتب والمفكر الكبير مؤمن الهباء فقد ركز على توقيت الإصدار للموسوعة حيث الهجوم على التراث والرموز التاريخية ،وبالتالي فإن إصدار الموسوعة في ذلك التوقيت بمثابة رد عملي دون ضجيج ،وتذكير بأعلامنا وعطائهم العظيم
أما الدكتور وائل السيد استاذ الأدب والنقد فقد ذكر أن الموسوعة لا تضم تراجم لمائة واثنين وعشرين علما من الصحابة والتابعين فقد وإنما تضم في طياتها شخصيات أكثر بكثير مما جاء تحت العناوين ،وقدعرضها المؤلف في أسلوب سهل واضح. وتستطيع هذه الموسوعة أن تغني الباحثين عن مراجع كثيرة ،كما أن المؤلف رجع إلى مصادر كثيرة في تأليفها،بل ضمت الموسوعة كثيرًا من الأحكام الفقهية وكذلك أحاديث نبوية ومأثورات وموضوعات تاريخية تتعلق بمن ترجم له.
وقد أخذت نقاشات الموسوعه مناحي كثيرة في فكرنا واهتماماتنا فتحدث الكاتب والصحفي الكبير سيد حسين عن التعليم كمنطلق وأساس للنهضة وعلينا أن نوليه اهتمامًا خاصًا وفي طريقنا الى التحضر والمنشود.
والحق أن المؤلف الكاتب الكبير فؤاد الدقس بذل جهدًا كبيرًا في هذه الموسوعة الكبير الكثيفة المعلومات وقد سميتها في الكلمة الخاصة بي:” موسوعة معلوماتية” ليس لأن الموسوعات لا تكون معلوماتية وإنما لكثافة المعلومات وتنوعها حيث تتضمن تاريخًا وأدبًا وفقهًا وأحاديث نبوية، ومواقف وطرائف وحكمة مثلما أشار الدكتور وائل السيد .
أما أميز ما ميز الموسوعة فهو ما استدركته على المؤرخين القدامي من تصويب اسماء وتواريخ يمكن لمن يأخذها كما هي أن يشك فيها أو يطعن من خلالها في تاريخنا أو رموزنا العظام فقد صوبت الموسوعة تاريخ وفاة زوج السيدة حفصة وهو الصحابي خميس بن حذافة ” قبل أن تتزوج الرسول فقد جاء في كتب بعض المؤرخين أنه توفي بعد أحد وبالتالي يكون الرسول قد تزوج السيدة حفصة وهي في ذمة رجل آخر وهو ما لم يحدث، فأثبت المؤلف أن زوج السيدة حفصة توفي بعد معركة بدر الكبرى وقد تزوجها الرسول بعد انقضاء العدة
وقد رأس الجلسة الشاعر الكبير الدكتورصابر عبدالدايم رئيس رابطة الأدب الإسلامي العالمية بالقاهرة الذي ذكر أن الباحث يقدم رسالة إلى القارئ العصري تتسم بالوضوح و التشويق التاريخي الدقيق ، ومناقشة آراء المؤرخين التي سيطرت على أفكار بعض المثقفين ، ويقيم الأدلة القطعية ، والبراهين على صواب ما يراه في موضوعية علمية ، طلباً للحقيقة ، و إنصافاً لبعض الشخصيات ، فهو في هذه الموسوعة يشارك في المسيرة الفكرية التي تلقي الأضواء على تاريخ الصحابة والتابعين، والصحابيات ، وأمهات المؤمنين ، وعلى أعلام التابعين ، وتابعي التابعين ، لقد استطاع أن يجمع بين الدقة التاريخية ، و العاطفة الإيمانية ، والجرأة البحثية .