عيون المها بيت الرصافة والجسر
جلبن الهوى من حيث أدري ولا أدري
أعدن لي الشوق القديم ولم أكن
سلوت ولكن زدن جمرا على جمر.
هذه القصيدة الرقيقة الرائعة للشاعر العربي (علي بن الجهم)
يحكي قصة افتتنانه بعيني حبيبته التي تشبه عيني (المها).
والمها هو حيوان ثديي يميل إلى البدانة قليلا له قرون وحوافر وللأسف فهو اليوم مهدد بالإنقراض.
ماعلينا الآن من عالم الحيوان ومشاكل البيئة المعادية فلهذا الموضوع أناسه المدافعون عنه.
لكن فقط استفزني التشبيه ، فأن كانت عينا حبيبة علي بن الجهم ساحرة وواسعة فلماذا يشبهها بعيني(حيوان) ليثبت صفة الجمال فيها؟
وليس هذا فحسب ، فقد دأب الناس منذ بدأ الخليقة على تشبيه جمال المرأة بصفات بديعة في (الحيوانات) ، فيقال للمرأة الرشيقة الطويلة(ناكة) اي ناقة وهي أنثى البعير ، وكذا للمرأة الرشيقة القوية البنية أصيلة النسب (فرس) أنثى الحصان، وفي حالة افتتن احدهم بامرأة شقراء بعينين ملونتين قال عنها (قطة)،
أما المرأة الوديعة المسالمة الرقيقة فينادونها بال (حمامة أو العصفورة).
الحمد لله أننا نفذنا من تشبيهنا بأنثى الشمبانزي والدب والبطريق والغوريلا . فربما فيهن مواضع جمال خافية ايضا!!
ولم يسلم عالم النباتات من التشبيه ، فنرى هنالك (غصن البان) و (شطبة الريحان) صفة للمرأة الرشيقة ممشوقة القوام ، أما المرأة صبوح الوجه رقيقة المحيا فهي (ورد الجوري أو البنفسج) .
لكن المعروف أن الإنسان هو أجمل مخلوق على الكرة الأرضية ، لأنه الوحيد ذات قوام معتدل ويمشي على اثنين وملامح وجهه متناسقة وكذا الساقين والذراعين وهو الوحيد العاقل والقادر على التفكير والإبداع ، وبالطبع ترون من خلال حديثي هذا أنني من مناهضين نظرية التطور لداروين.
وحسب نظرية داروين فإن القردة (الأنثى) الوحيدة منتصبة القامة والتي تمشي على اثنين حيث تم العثور على احفوريتها في أثيوبيا وأطلق عليها اسم (لوسي) هي امتداد لجنسنا نحن الإنسان العاقل !
لكن كيف تريد مني أن أصدقك ياداروين وأنت تنسبني لجدة يغطي جسمها الشعر ولديها مخالب وعينان غائرتان وقبح لاينتهي؟!
وأقول لك الحقيقة فحتى لو أثبتت نظريتك في يوم ما صحتها فأنا اعلن البراءة من جدتي لوسي المرعبة.
ماعلينا فلنكمل حديثنا عن الجمال ، من الواضح أن أجمل جنس للإنسان هو أنثاه ، فالمرأة خلقت أجمل من الرجل وبهذا نصل الى نتيجة حتمية وهي ان المرأة اجمل مخلوق على وجه الأرض.
نعم هكذا ببساطة ، فلماذا اذن حين نريد اثبات جمالها نشبه الأعلى(المرأة) بالأدنى(انثى الحيوان).
حين تسأل هذا السؤال سيجيبك الشعراء والفنانون بأنه علم ال (سيمياء) وهو علم يدرس انساق العلامات والأدلة والرموز طبيعية كانت أو صناعية).
اي أننا نستعمل الرمز للتعبير عن الشيء ، وهنا يكون دور علم السيمياء الإجتماعية، كما عرفها فرديناندري سوسور بأنها (علم حياة العلامات في المجتمع).
فلماذا تفرح المرأة حال تشبيهها بالقمر او الشمس وتنزعج ان شبه جمالها بحيوان!
فهو استخدام للرموز فحسب (سيمياء) ، فما جمال القمر سوى وهم بصري ، ضياء منعكس على كوكب موحش كله صخور وحفر وأخاديد يصلنا عبر سفر ملايين السنوات الضوئية فنرى القمر جميلا مبهرا مستديرا مضيئا!
وكذا شمسنا الغالية ماهي إلا مجموعة انفجارات وتفاعلات نووية مرعبة نبصرها عن بعد ملايين السنوات الضوئية مشرقة دافئة حنون!
فكلها رموز لاأكثر ، لكننا كنساء نبقى السر الذي لايمكنكم فهمه فنفرح بتشبيهنا بالقمر والشمس رغم ان جمالهما وهم بصري لا أكثر ، ونتأفف ويهان كبرياءنا عند مقارنة جمالنا بال ( الحيوانات) ، البقرة، الناقة، القطة؛ الغزال، الخ.
فلماذا لا تشبهون جمال الأدنى بالأعلى كأن تقولوا مثلا ( هذه القطة جميلة كأنها امراة شقراء بعينين ملونتين) او يقال ( هذه الريم تملك عينين ساحرتين كأنهما عينا امراة حوراء)؟
لكن أياكم والإسترسال أكثر فتضموا انثى الدولفين والقرد والديناصور إلى الرموز الجمالية فهنا سوف ننضم تظاهرة كبيرة ضدكم ونطالبكم برد الإعتبار والتعويض المالي وقد نقاطعكم وتنامون على الأريكة في الصالون بقية حياتكم ،
بالمناسبة فنحن نشعر بالسعادة حين تشبهوننا بالحوريات البحرية رغم إن الحورية كائن خيالي لم يشاهده أحد حتى اليوم وربما تكون بشعة لا نعلم لكننا هكذا نحن النساء مزاجيات ونحن أجمل من المها والغزال والناقة والفرس والقطة على أية حال.