—يا مسهل أهي أول جريمه تجيلنا ونفتح الدفتر ونقول بسم الله ، دخل المتهمة يابني ..
يُفتح الباب وتقف امامه إمرأة لم يظهر رأسها بعد طويلة القامة بصورة غير عاديه وتخفض رأسها لتدخل من الباب فتظهر ملامحها الحادة وشعرها الأشعث وهي تردد ..
—بريئه يا بيه والله ، ومادام هو مش اد الهزار كان بيهزر معايا ليه طاااه ، يابيه دا كان موقف وعدى ومكنتش مبيتاله النيه هو طلب وانا حبيت احققله طلبه ..
فأشرت لها بالصمت والجلوس لأن رقبتي قد آلمتني من النظر للسقف حتى أرى مع من أتكلم ؛ فجلست وصمتت ، وسألتها ..
— اسمك وسنك وعنوانك يا ست وإختصري علشان اليوم باين عليه طويييل وأنا مش ناقص ..
نظرت شذرا بجانب عينها وهي تقول ..
—اسمي ( نانا الطويل )، وسني 38 ، وعنواني حارة الأوزعه بالقصيرين ..
رددت في نفسي
— هنبتديها كذب بقا ولا إيه ، قصيرين مين يا نخلة دانا خايف وأنا بكلمك وكل شويه احسس عالمسدس في جنبي علشان أأمن نفسي واللي معايا في الأوضة ، وعليت صوتي وقولتلها ..
— كملي يا نانا كملي ..
ردت بكل براءة رغم ان بالبراءة بريئة منها ..
—أكمل إيه يا بيه ، دانا غلبانه ومعرفش إيه حصل لده كله ..
إعتدلت في جلستي وأنا أكمل التحقيق ..
—قولي يا نانا اللي حصل بالظبط علشان في لبس في الموضوع ..
أكملت وهي تتململ في جلستها ..
—بص ياباشا ..
—بصيت..
—صلي عالنبي..
—صليت ..
—متتأفأفش كده واصبر هقولك كل حاجه ..
—هو يوم باين من أوله ، إنجزي يا نانا علشان ورانا مصيبة كبيرة لازم نلحقها ونشوف الراجل اللى مش لاقينه دا راح فين
—هقولك أهو ياباشا هقول ، هو كان جاي من الشغل زهقان حبتين ..تمام
—تمام
—راح قالي يا نونه يا حبيبتي هاتيلي أكل
كل المتواجدين بالغرفة في نفس واحد وبدهشة ظاهرة متسائلين..
—نونه ؟؟!!!
—أيوة مانا اسم الدلع بتاعي نونه يعني الصغيرة كداهو ..
أنا بعد نفاد صبر..
—إخلصي يا نوغا وكملي
—نونه ياباشا نونة
صوبت المسدس نحوها وبصوت عالي
—إنجزي لأخليكي ملجأ أيتام
—حاضر يا باشا خلقك ضيق كدا ليه يوه ، المهم طول ما هو قاعد يقولي ياريت بفلوس الجواز كنت جبت جواز سفر اهو كان نفعني ، وكمان معلقتين ويقول ياريتني كنت حطيت الفلوس في بنك كنت أستفدت بيه ، وكمان حبه شوربه وبخهم في وشي وهو بيلعن اليوم اللي أمه جات فيه عندنا وقعد يبرطم كدا زي اللي مش عاجبه العجب مع اني يا باشا حطاله طول اليوم روج وكحل ورافعه شعري وعملاله حركات وحبشتكانات وال ايييه عايز يبقى عصفور طليق ويتنطط من شجرة لشجرة …..
نظراتي لم تفارق وجهها غريب الأطوار ولا حتى ذلك الشعر الاشعث المرفوع كسعف النخيل ورددت في نفسي..
—رافعه ايييه دا ناقص حبة بلح ونحدفك بالطوب يا بعيدة ، دانتي قاعدة وخايف عالمروحة اللي فوقيكي لتخبطك وتتكسر ..
ونظرت إليها لأستمع إلى باقي الكلام وهي تتغزل في نفسها وكل من بالغرفة يكتمون ضحكاتهم حتى لا تفعل بهم ما فعلته بذلك الزوج المسكين وقالت..
—وبس يا باشا حبيت اخليه يغير جو بدل ماهو عمال يقطم فيا كده ع طول وبما اننا معندناش فلوس ولا حتى نقدر نسافر لميدان لبنان فقولت أعيشه عيشة العصافير زي ما هو عايز علشان يجرب ويحمد ربنا عالنعمة اللي هو فيها…
رددت عليها بغضب ..
— تعيشيه عيشه العصافير يعني تدلعيه ، وتسيبيله مساحه من الحريه .. مش تعلقيه على شجرة يا نانا تلات أيام وكمان تجبريه ياكل قمح والمصيبه انك عايزاه يبيييض ..
—الله مش لازم يعيشها على اصولها يابيه ، وكمان انتم بوظتوا الليله دا كان خلاص هيبيض O:-)
طرق أحدهم باب غرفة التحقيق وطلب الإذن بالدخول ؛ فأذنت له وإذا به رجل قصير القامة هزيل مربوط الرأس مبتسم ببلاهة وهو يقول ..
—هتنازل عن المحضر اللي عملته المستشفى يابيه ، وانا ماليش غير مراتي حبيبتي والمسامح كريم ..
تنفست الصعداء ونظرت لتلك الفرحة بيعينيها واتخذت الإجراءات للصلح وخرجوا سويا من سراي النيابه وكانت قدم الرجل مقوسه ويسير بشكل عجيب لابد أنه استجاب لطلبها وحاول بالفعل أن يبيض 😀
تمت