كنت شاهد عيان على مجموعة من الشباب ..عرفتهم أثناء الدراسة الجامعية اعتمدوا كافتيريا كلية الزراعة مقرا دائما للقاء والحديث والتعبير عن الموهبة واحتراف الفن بدلا من التخصصات الجامعية وبالفعل بالمناخ الثقافي المناسب والموهبة والعلاقات الطيبة الودودة صنعوا لهم مكانا على قمة الدراما المصرية وقاموا بدور هام تحت مظلة القوى الناعمة ..وهذا المقال إطلالة على ذكرياتي معهم يتقدمهم الزعيم عادل إمام والراحلون سمير غانم و فؤاد المهندس وعبد المنعم مدبولي وغيرهم من المبدعين.
أدعوكم إلى قراءة المقال ومشاركتي رأيكم وذكرياتكم مع نجوم شلة زراعة.
**يحدث أحياناً ان تتدخل المتغيرات المناخية فى المنظومة الزراعية.. ترتفع حرارة الطقس.. أو تنخفض.. فى غير الأوان.. يفاجأ الفلاح بنضج مبكر للمحصول مع وفرة فى الإنتاجية.. هدية من السماء.. كما يعتبرها الفلاح.. ويعتبرها أمرا عارضا له يحتاج إلى دراسة أو تفسير. هل هى المصادفة أو القدر.. ربما نتذكر ذلك عندما يدفع المجهول بمجموعة من الشباب الموهوبين إلى النجاح والشهرة.. غالبا فى الفن ودراما التمثيل.. يحصلون على فرصتهم.. يقفون على خشبة المسرح تتابعهم وتصفق لهم الجماهير.. بعدها ينتشرون فى مجالات موجودة.. ويكونوا حجر الزاوية فى مشروعات جديدة تنافس أو تتسابق إلى الشهرة والانتشار داخل وخارج الحدود.. بل وتكون مدارس فنية مستقلة تؤثر بالايجاب على المناخ الثقافى.. وأذواق المشاهدين. لم يتخذوا خطوتهم الأولى إلا حين أن جاءتهم الفرصة من ذهب.. فطلبت الساحة تواجدهم.. ثم ثبات المساحة التى يقفون عليها.. لكن فقط يأتى الانتشار مقترنا بالقبول والنجاح المبدئى..
** وبعدها لكل حدث حديث.. حيث يتحولون إلى قدوة ومثل لأجيال من الهواة.. من القادمين على نفس الطريق.. ربما اضافوا إلى المنظومة تجديدات واسهامات.. نجاحات واخفاقات. هذا ما حدث على سبيل المثال لشلة الزراعة شباب جامعيون.. جمع بينهم الفن حبا وهواية.. اتخذوا من كافتيريا كلية الزراعة جامعة القاهرة أوائل ستينيات القرن الماضى.. ملتقى حاولوا من خلاله البحث عن طريق للخروج بهوايتهم وابداعهم إلى النور.. شباب متحمسين.. يحلمون بالفرصة أولا وبعدها نهر الخير قادم بدفقات قوية.. تختصر الطريق.. منهم عادل إمام.. وجورج سيدهم وصلاح السعدنى وماهر تيخة وسعيد صالح من الزراعة.. والضيف أحمد ونجاح الموجى ونشأت أباظة وسناء ماهر من الآداب.. ولا ننسى فارسهم سمير غانم وعفوا لأسماء أخرى جمعهم فؤاد المهندس (النجم الكبير فيما بعد) والمشرف فى إدارة رعاية الشباب بالجامعة على النشاط الفنى.. وصديقه القدير عم عبده.. عبدالمنعم مدبولى أستاذ ورشة الأخشاب العملية فى كلية الفنون التطبيقية.. وكان أقصى أمانيهم التى تحققت العرض تحت مظلة المسرح الجامعى والمشاركة فى أسبوع شباب الجامعات الوحيد الذى استضافته جامعة حلب السورية.. فيما اذكر.
** لكن الرياح تأتى أحيانا بما تشتهى السفن.. فقد كان التليفزيون الوحيد بقناتين يبحث عن رصيد لسهرات البداية.. فوجدها فى انشاء العديد من الفرق المسرحية استضافت الفنانين من كل حدب وصوب.. خرج من القدامى أصحاب الخبرات.. والشباب الواعد.. ومعظمهم من شلة الزراعة عجينة سهلة التشكيل.. فى يد المهندس ومدبولى ودعم ممثلى المسرح الحر القدامى.. وقائمة من الكتاب المتحمسين.. منهم أنيس منصور وعلى سالم وسمير خفاجى وبهجت قمر ونعمان عاشور.. ورحبوا أيضا بمسرحيات بأقلام نسائية لأول مرة. وبمجرد الوقفة الأولى على المسرح.. قفز ترمومتر الأستقبال الجماهير إلى أفاق تجاوزت ما حدث للريحانى والكسار ويوسف وهبى وجورج أبيض..
**وحدث ما أشرنا إليه فى أول المقال.. بداية بالاكتشاف المبكر للمخرج محمد سالم لثلاثى أضواء المسرح (سمير- جورج- الضيف) وبعدها انطلق فريق الفنانين المتحدين.. والفوازير واقتحمت شلة الزراعة الأفلام والمسلسلات.. وكل معطيات الدراما بنجاح كبير وأصبحت القاهرة مقصدا لكبار الموزعين.. الذين كانوا يشترون الأفلام على بياض.. لتصل إلى أبعد مكان فى أمريكا اللاتينية واستراليا والدول العربية وآسيا.. بل وأوروبا أيضا.. ناهيك عن النشاط المصاحب من مهرجانات واحتفالات وتكريم..
**ومع الكم الكبير من نجوم الكوميديا والتراجيديا وحتى الأداء الصامت الذين ملأوا الاسماع والأبصار والشاشات والمنصات لازال أفراد شلة الزراعة تجدها مضيئا فى سماء الدراما والفنون.. تحية لمن مازال موجودا بيننا ودعاء بالرحمة والمغفرة للراحلين منهم.. وان كان الجميع لازالوا يقومون بمهمتهم النبيلة.. يطلون علينا ليل نهار مادامت الحياة تمضى وتسير.
صالح إبراهيم