مشكلة ارتفاع أسعار كافة السلع والمنتجات يومًا بعد يوم في الاسواق المصرية، وانفلاتها بالشكل المخيف، الذي يلهب جيوب المصريين ويقض مضجعهم، وأوغر صدورهم وأوجع قلوبهم ليل نهار؛ من ضمن أسبابها الرئيسية ليس نقص العملة الصعبة فقط أو نقص السلع المنتجة، ولكن السبب الرئيسي هو وجود عدد من المحتكرين في كل سلعة، ويعدون على أصابع اليد الواحد الذين يتحكمون في سعر كل سلعة حسب بالاتفاق فيما بينهم حسب أهوائهم وطمعهم، حتى تنتفخ جيوبهم وبطونهم بالأموال الحرام، وذلك على حساب الشعب المصري الذي أغلبه من الأسر متوسطة ومحدودة الدخل، ويعاني رب الأسرة ويجاهد ليل نهار حتى بالكاد يوفر لأهله ولأسرته احتياجاتهم الأساسية، في ظل هذا الغلاء الفاحش مع ثبات وقلة الدخل.
ولن تكون هناك ثمار حقيقية للحملات الرقابية المكثفة التي يقوم بها مفتشو ومباحث التموين، وجهاز حماية المستهلك على المحلات والمتاجر والأسواق؛ لضبط المخالفين ومستغلي المستهلكين، إلا بالقبض على المحتكرين الكبار في كل سلعة، وأن يكون هناك دور فعال لجهاز حماية المنافسة، ومنع الممارسات الاحتكارية التي لم نسمع له أي صوت أو حس والسوق يعج بالقطط السمان الذين يتلاعبون بالأسعار ويرفعونها، وهم الذي يفرضون الأسعار التي تبيع بها المحلات الصغيرة والمتاجر التي يبيعون منتجاتهم للمواطن.
فأين جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية الذي أنشئ طبقًا للقانون رقم 3 لسنة 2005 ويتبع رئاسة مجلس الوزراء، وكان له دور قوي وفعال وصولات وجولات ضد المحتكرين والحيتان الكبار أيام السيدة منى ياسين، الرئيس الأسبق للجهاز وأول رئيس له ايام المهندس رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة الأسبق، وكيف كان هذا الجهاز يعاقب المحتكرين طبقًا لأحكام المواد 6 و7 و8 من قانون حماية المنافسة، ومنع الممارسات الاحتكارية بغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه مصري، ولا تتجاوز ثلاثمائة مليون جنيه مصري، ولا ننسى قضية الجهاز حينذاك ضد تجار الحديد وعلى رأسهم إمبراطور الحديد – كما كانوا يلقبونه – المهندس أحمد عز وهو في عز مجده، وكان يشغل منصب أمين التنظيم وعضو لجنة السياسات بالحزب الوطني الديمقراطي المنحل، ومع ذلك وقف له الجهاز بالمرصاد هو وآخرين في مجال الحديد.
ولاشك أنه لو تم تفعيل دور جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، وضرب بيد من حديد، وأقام الدعاوى والقضايا ضد المحتكرين والمستغلين لسلع وقوت الشعب، وأن يتم نشر نتيجة التحقيقات والأحكام الصادرة على المستغلين والمحتكرين في كافة وسائل الإعلام؛ سوف تنخفض الأسعار بشكل كبير وتستقر، فهل يقوم الجهاز بدوره الإيجابي في خدمة المواطن والوطن؟!
mahmoud.diab@egyptpress.org