على الرغم من اننى عرفت السفر فى سن مبكرة من حياتى العملية الا ان المرة الوحيدة التى ترددت فيه كثيرا كانت عام ٢٠٠٥ حينما واتتنى الفرصة للسفر الى سلطنة عمان الشقيقة للعمل فى صحيفة الشبيبة وكانت وقتها صحيفة شابة يصدرها سفير عمانى سابق مع صحيفة انجليزية اخرى .
كنت وقتها قد انجبت بناتى الثلاثة نورهان ونرمين وريهام وتعلقت بهن كتعلقى بامى اما سبب تعلقى ببناتى فهو اننى عشت وحيدا وتزوجت متأخرا بعد الاربعين فكانوا هن كل حياتى ودنيتى .
حدد لى الاشقاء العمانيين العمل الذى سامارسه وهو قراءة مقالات الكتاب الامريكيين ثم ترجمتها بدقة الى لغة الضاد لان الصحيفة تخصص صفحة مرة او مرتين كل اسبوع لنشر مقالات الكتاب الاجانب بالاضافة الى تعريب الاعلانات التى تأتى للجريدة باللغة الانجليزية من ابناء الجاليات الهندية والاجنبية وهى كبيرة فى السلطنة الجميلة .
كان يعمل معى فى القسم الذى انشأناه حديثا زميل سودانى اسمه حامد وكان قد حقق شهرة فى مجال الترجمة بالسلطنة فالقى بمعظم العمل على كاهلى .
وعلى الرغم من حبى للعمل وتحمسى له الا ان هذه السفرية بدت متاعبها منذ اللحظة التى حزمت فيها حقائبى استعدادا للسفر . لحظة الخروج من المتزل نظرت الي بناتى وبكيت فقلن لى روح يا بابا واحنا هنيجى ورالك .
ركبت طائرة مصر للطيران المتجهة الى مسقط وعندما اغلقت الطائرة ابوابها استعدادا للاقلاع اذ بى انفجر فى البكاء بصوت عال مثل طفل .. تجمع حولى طاقم الطائرة وانا ابكى واقول لهم نزلونى فاخذوا يهدأون من روعى ويسألوننى عن شخصى وعملى واسرتى وما اذا كنت اخاف من ركوب الطائرة ثم احضروا لى كوبا من الينسون وازاء اصرارى على النزول توصلوا معى الى حل وسط وهو ان اكمل سفرى ثم اتحمل عناء الغربة شهرين او ثلاثة اشهر ادخر فيهم ثمن التذكرة والهدايا ثم اخذة اجازة طارئة وانزل ولا اعود مرة اخرى .
وقد نفذت الاتفاق فبعد بضعة شهور اخذت الاجازة الطارئة ونزلت ولم اعد رغم ان مدير التحرير وكان سودانيا اتصل بى وبمنزلى سبع مرات عارضا بعض الامتيازات الاضافية وزيادة الراتب وفضلت البقاء مع بناتى .