في الرابع من فبراير من كل عام، يُحيي العالم الذكرى السنوية لمكافحة مرض السرطان، ذلكم المرض الذي داهم أمم الأرض، ووقف بالمرصاد لغنيهم قبل فقيرهم، ولصغيرهم قبل كبيرهم، حتى أن كثيراً من الأطباء والعلماء، وقعوا فريسة له وماتوا وهم عاجزون، الأمر الذي جعل حكومات الدول المتقدمة والمتأخرة، تبذل الغالي والنفيس للحيلولة من تفشي هذا الوباء الخبيث، وكان لمصر قصب السبق في هذا المضمار، عبر ثلة من أمهر وأخير الأطباء، أكانوا من معهد الأورام القومي، أو من المبعوثين للخارج للتزود بخبرات بحثية تؤهلهم لجدارة مواجهة السرطان ومداواة مرضاهم، وكان لنا معهم في هذه السطور جولة، للاحتفاء بهم والثناء عليهم، وهؤلاء هم!
أولاً الأستاذ الدكتور إسماعيل طه السباعي، أعظم طبيب أورام في تاريخ مصر، وأحد ثلاثة نوابغ على مستوى العالم تخصصوا في هذا المرض، والقائل يوماً سوف أخدم مصر حتى الرمق الأخير، فهو المؤسس الحقيقي لمعهد الأورام بالقاهرة، وكان ثاني عمدائه عام ١٩٦٩م، الذي تخصص في أورام المثانة والرقبة والرأس، وأدخل الجراحات الجذرية في المعهد، ورأس إتحاد منظمات الشرق الأوسط للسرطان، ورأس الجمعية البريطانية لأخصائي أورام الرقبة والرأس، ونال عضوية الجمعية الأمريكية للأورام ، وأسس المعاهد والمراكز المتخصصة في الوطن العربي، وفي أقاليم مصر، وكان يقوم بنفسه بإجراء عمليات بالمجان للفقراء،..
ثانياً الأستاذ الدكتور محمود محفوظ أستاذ العلاج الإشعاعي والطب النووي بكلية طب قصر العيني، ومؤسس مركز قصر العيني لعلاج الأورام والطب النووي عام ١٩٧٩م، ووزير الصحة في عهد السادات…
ثالثاً الأستاذ الدكتور شريف عمر، دأب على محاربة السرطان كطبيب منذ تخرجه من كلية الطب عام ١٩٦٣م، ثم حصوله على الدكتوراه عام ١٩٦٩م، تتلمذ على يد الدكتور إسماعيل السباعي، وعزز من خبرته كطبيب أورام محترف من بعثتيه إلى معهد جوستاف روس الفرنسي ومستشفى المموريال بنيويورك، ونال أحسن بحث جراحي من اليابان عام ١٩٧٩م، وحاز على وسام العلوم من الطبقة الأولى عام ١٩٨٠م، وارتقى مستشاراً لمنظمة الصحة العالمية في تخصصه، وحصل على الميدالية الذهبية لمنظمة الصحة العالمية، وقام بتأليف كتاب عن سرطان الثدي مناصفة مع بعض الأطباء الأجانب، وقدم ٧٦ بحثاً عن مرض السرطان منها ٤٧ في الخارج، وأتم ملحمته الكفاحية حيال مسؤليته الطبية وقسمه المهني، بإنشاء مركز شريف عمر لعلاج الأورام في مسقط رأسه مركز فاقوس محافظة الشرقية…
رابعاً الأستاذ الدكتور أحمد سامي خليفة، رائد طب الأطفال وعلاج أورام الأطفال وأمراض الدم في مصر والعالم العربي، والحاصل على جائزة الدولة التقديرية في العلوم الطبية عام ١٩٩٨م،…
خامساً الأستاذ الدكتور حسين خالد ابن فيديمين بالفيوم، وأحد أساطين أطباء الأورام في مصر والعالم بأثره، بجهوده البحثية والطبية والأكاديمية والتطوعية لخدمة المجتمعات من مهنته كطبيب، فقد أثمرت جهوده في علم الأورام عن رئاسته للجنة التحرير لمجلة المعهد القومي للأورام، وعمادته للمعهد من عام ٢٠٠٢ حتى ٢٠٠٨م، وتاسيسه لقسم الأورام بمعهد ناصر، ولقسم الأورام في مستشفى وادي النيل، وأمانته لرابطة الأطباء العرب لمكافحة السرطان، وتمثيله لمصر وإفريقيا في الجمعية الأوروبية لطب الأورام، وعضويته في مجلس العالمي لمكافحة السرطان UICC ضمن ١٤ عضو فقط على مستوى العالم، وتقديمه ل١٣٠ بحث علمي في مجلات علمية ومؤتمرات عالمية، وتأليفه لثلاث كتب خاصة بمرض سرطان الثدي والغدد الليمفاوية…
سادساً الأستاذ الدكتور حسام كامل وكيل معهد الأورام لشؤون خدمة المجتمع وتنمية البيئة ورئيس جامعة القاهرة، ورئيس لجنة قطاع العلوم الطبية بمجلس الجامعات الخاصة، ومؤسس أول وحدة لزراعة النخاع بمعهد ناصر، وقد أدخل تكنولوجيا الخلايا الجذعية الطرفية، ونال جائزة الدولة في عيد العلم عام ٢٠١٣م، ووسام الدولة في العلوم من الطبقة الأولى، واختير الطبيب المثالي لمعهد الأورام من نقابة أطباء القاهرة عام ٢٠٠٠م ..
سابعاً الأستاذ الدكتور وفيق الديري أستاذ الجينات في جامعة ولاية بنسلفانيا والمعهد الأمريكي للسرطان، ومدير مختبر أورام الخلايا…
كان هذا غيضاً من فيض عن أطباء أورام مصر في الماضي والحاضر، الذين تجاهلتهم الدولة، فحقٌ علينا ككُتاب أن نتذكر مآثرهم بحيادية تامة، في اليوم العالمي للسرطان، كأقل تقدير لإسهامتهم العلمية ومكانتهم الأخلاقية، وتفانيهم الإيثارى والإنساني….