يظل للفنان يحيى الفخراني مكانة ومساحة متميزة في عالم الدراما ..تتنافس أعماله في الأفضلية لكني أرشح لكم اليوم “الليل وآخره” لما يتميز به من رؤية اجتماعية..تهم كل منا مهما كانت المهنة أو الوصية..
محمد جلال عبدالقوى.. مبدع متمكن.. عامود شامخ من أعمدة الدراما المصرية.. صاحب اختيارات ناجحة ومؤثرة.. تجذب المشاهد.. تطرح القضية الاجتماعية والإنسانية تحت مظلة تاريخية غالبا.. ويجتهد فى التفاصيل وإصدار أحكام متكاملة الحيثيات.. ولذلك تلفت الدراما التى يقدمها.. أنظار المشاهدين.. ويسعدون بإعادة حلقاتها.. ينتظرونها بشوق على الشاشة الصغيرة.. وتلبى التطلعات الجماهيرية.. فيشعر الجميع عند متابعتها بالإعادة.. بالشوق إليها وتثير لديهم الاهتمامات وتعانق الذكريات. تستطيع بكل ثقة وصفها بأنها الدراما الجاذبة للأسرة.. ترصد أحداثها وتكشف النوايا.. ترصد علامات الاستفهام وتسعى لتقديم الاجابات.. قد تختلف معه فى النتيجة.. ولكن يشعر الجميع بالجهد المشكور.. الذى يحترم المشاهد ويساند مكانة الدراما المصرية..
**ومن الأركان الأساسية للقوة الناعمة.. ورصيد الوطن فى التقدم والازدهار هذا المسلسل (الليل وأخره) الذى انتج عام 2003 وأخرجته القديرة رباب حسين.. من إنتاج مدينة الإنتاج الإعلامى.. حشد طاقما من أبدع الفنانين تنافس الجميع.. كبارا وجدد فى تقمص الشخصية بأقصى ما يستطيعون ونجح المؤلف فى مواكبة الأعمال الصعيدية الرائجة.. من خلال شخصية الصعيدى المتكاملة.. صوتا وصورة.. قيمة راقية وملابس محتشمة راقية.. رغم ان الأسرة الرئيسية (المنشاوي) بالمسلسل.. سكنت فى المنيا والأزهر ثم المعادى.. ولم تتغير أبداً فى السلوك والتصرفات. **القضية هى حق الإخوة والأخوات فى ميراث الأب بعد رحيله ووصيته للابن البكر رحيم (يحيى الفخراني) بنصف ثروته.. لكن الابن يرى ظلما فى ذلك وقد كان المسئول عن الجميع خلال حياة الأب ولم يقصر فى تعليمهم لأعلى الدرجات.. بحجة انه من تحمل المسئولية كاملة وحرم نفسه من جميع المزايا.. واشتد عناده لرفض اخوته ارتباطه بمطربة المولد (حسنات) نيرمين الفقى.. ليلتقيا معا فى القطار وقد حفر الزمن فى رمز واضح للسرعة التى تمضى بها الحياة.. تغير منا.. وتتركنا على حافة الرحيل.. ليس أمامنا إلا آخر الليل.. والانتظار ربما جاءت الأقدار بالجديد.
**بالفعل يتورط الابن سامى فى قضية جمعته دون قصد مع مجموعة من المتطرفين ويبادر العم المنشاوى (إبراهيم يسري) المستشار بالنقض لتقديم استقالته والدفاع عنه.. ليحصل على البراءة.. ومعها تنقذ الأسرة من الانهيار.. يقرر رحيم.. ان يحتسب بالعدل نصيب الإخوة من الثروة الهائلة التى تحققت ويوافق على خطبة سامى من ابنة عمه.. زين (نبيل نور الدين).. ولكن وجيه الابن الأكبر (طارق لطفي) لرحيم يرفض تنفيذ رغبة والده ويصل الحوار إلى إطلاق النار عليه من شقيقه الأصغر.. كما ضاعت أحلامه مع ابنة عمته التى أحبها ولكن منع من زواجها.. وأسفرت عن عقدة صعبة.. ولكنها ممكنة.
**تتوقف أمام الأداء الأسطورى للراحلة هدى سلطان والأب رشوان توفيق وجمال اسماعيل (عزازي) ونهال عنبر (الأخت) وغيرهم.. ونلمح براعة المؤلف فى اقناع المشاهدين.. بالأحداث.. رغم انها تحمل من الاثارة الكثير ويبقى قطار الليل وأخره.. يجرى عاملا موجات متتالية من الناس.. كل ينزل فى محطته المقررة.. ويقعون أحيانا تحت تأثير طمع الدنيا.. امكانية الحصول على كل شيء.. وهذا بالقطع مستحيل!!
صالح إبراهيم