يتناول هذا البحث الصلاحيات الواسعــــــــة التي يمنحها الدستور لرئيس الدولـــــــــــــــــــــة في مصر ، وفي ضـــــــوء هذه الصلاحيات الواسعة يتبادر الى الاذهان تساؤل عن مدى مسؤولية الرئيس وهو يمارس سلطاتــــــــــــــــه ؟ وهل يمكن مسائلة رئيس الجمهورية سياسياً عن طريق السؤال او الاستجواب او ان تسحب الثقـــــــــــــــــــــــة منه ؟ واذا سلمنا بوجود او عدم وجود المسؤولية السياسية كما سياتي لاحقــــــــا ، فمـــــــــــا هو الشأن بخصوص المسؤوليـــة الجنائيــــــــة ؟ هل رئيس الجمهورية مسؤول عمـــــــــــــــــــــا يرتكبه من جرائم جنائية مثل بقية افراد الشعب ام هناك نظـــــــــــــــرة اخرى لهذا الموضوع ، وهذا ما سوف نحاول معرفته في طيات هذا البحث
المقــــــــــدمـــــة :
تولد السلطة مع ولادة المجتمع ، فالمجتمع صغر او كبر بحاجة الى سلطة تنظمه وتضبط حركاته ، كي يحقق غاية وجوده وتنميته بما يضمن مصالح الافراد وحرياتهم 0
كما ان ممارسة السلطـــة تؤثر سلبيا او ايجابيا على حياة الافــــــــراد ومصالحهم ، لهـــــذا كان جـــــــــــدل الفكــــــــر السياسي تحديد وتضييق السلطة المطلقة ، بحيث تتأطر باطار قانوني0 لكون صاحب السلطــة اوالقابض عليها فانه بطبيعته البشرية الميالة الى التوسع والاستحواذ والافراط في التحرر من القيــــــــــــــــــــــود يسيء الى السلطة السياسية وممارستها ، وهذه الاســـــــاءة تؤثر سلبيــــا على المجتمع الممـــــارس عليه تلك السلطـــــــــــة ، وتزداد الاثار السلبية للسلطة باتساع حجم السلطة وازدياد وتوسيع دائرة نفوذها ، ولهذا كانت بحاجة الى كوابـــــــــح والى قيود لتؤكد حقيقة موضوعية هي (( بقدر السلطة تكون المسؤولية )) 0
لذلك فقد غدا مبدأ اقتران السلطة بالمسؤولية مستقرا في الانظمة المعاصرة ، فمن يمارس السلطـــــــــة لابـــــــــد ان يخضع للمسؤولية 0وهذا التلازم بين السلطة والمسؤولية يعتبر عامـــــــــلا حاسما ، لتأسيس نظام الحكـــــم في الدولة والذي بدوره يعتبر اساسا لتطوير المجتمع في كافة المجالات: القانونية والسياسيـــة والاقتصاديــة والاجتماعية 0
ورغم شيوع هذا المبدأ ، فانه يتعذر تحقيقه على النحو الامثل في الانظمة الدستورية ، خاصة فيما يتعلق بدرجة التوازن المفترض وجودها بين سلطة رئيس الدولة والمسؤولية التي يتعين ان تترتب عليه0
ففي مصر يتمتع رئيس الجمهورية بصلاحيات واختصاصات واسعــــــــة بتخويل من الدستور ، وعلى ضـــــــوء هذه السلطات الواسعة يتبادر الى الاذهان تساؤل عن مدى مسؤولية الرئيس وهو يمارس سلطاتــــــــــــــــه ؟ وهل يمكن مسائلة رئيس الجمهورية سياسيا عن طريق السؤال او الاستجواب او ان تسحب الثقـــــــــــــــــــــــة منه ؟ واذا سلمنا بوجود او عدم وجود المسؤولية السياسية كما سياتي لاحقا ، فمــــــــــــــــــا هو الشأن بخصوص المسؤوليـــة الجنائيــــــــة ؟ هل رئيس الجمهورية مسؤول عمـــــــــــــــــــــا يرتكبه من جرائم جنائية مثل بقية افراد الشعب ام هناك نظـــــــــــــــرة اخرى لهذا الموضوع ، وهذا ما سوف نحاول معرفته في طيات هذا البحث 0
المبـحث الاول : تحـــديد المفاهيـــــــــم
لغرض تحديد المفهوم الخاص للمسؤوليـــــــــــة السياسيــــــــــــــــة لابد لنا من توضيح المفهوم العام للمسؤولية لغـــــــــة واصطلاحا وانواعها وطبيعة كل منها0
المطـلب الاول : المفهوم العام للمسؤولية:
تعريف المسؤولية لغة : هي تعني المنوط به عمل تقع عليه تبعته(1)0كقوله تعالـــــى (( واوفوا بالعهد ان العهد كان مسؤولا ))(2)0وقوله عز وجل(( وقفوهم انهم مسؤولـــــون ))(3)0اي سؤالهــــــم سؤال توبيخ وتقرير عما كلفهم الله في الدنيا لأيجاب الحجة عليهم لان الله جل ثناؤه عالم بأعمالهم(4)0
والمسؤولية اصطلاحا تعني : استعداد الشخص للالتزام بعمل قــــــــام به والاعتـــــراف بانه صاحبــه ، وتحمل النتائج المترتبة عليه(5)0
كما ان المسؤولية هي” تعبير عن فكرة شائعة في الانظمة الديمقراطيــــــة، مفادها ان الذين يمارسون السلطة السياسيـــــــــــة على اي مستوى كان سواء كانوا حكامـــــــــا منتخبين ام مسؤولين معينين، ملزمــــــــون ان يقدمــــــــوا حسابـــــــــا عن اعمالهــــــم الى موكليهم _ المواطنين_ وتزويدهــــــــــم بما يثبت مطابقتهـــــــــــــــــا للقواعـــــــــــــــد الاخلاقيـــــــــة اوالحقوقية التي ينبغي ان تحكمها”(6)0
وتتعدد انواع المسؤولية بوجه عام، فقد تكون مسؤولية اخلاقية او ادبية ، وقد تكون مسؤولية قانونيــــــــــــــة0
ثانيا : المسؤولية القانونية : هي محاسبة الشخص على الضرر الذي احدثه بغيره ، وتترتب عليه مخالفة القواعد القانونيــــــة ، والجزاء بالنسبة لها يكون دنيويا ويتمثل في مال الشخص او نفسه (7)0
وتنقسم المسؤولية القانونية الى المسؤولية المدنية والجنائية والسياسية :
أ –المسؤولية المدنية :هي” الالتزام بأصلاح الضرر الواقع على الغير حسب حالات وشروط يحددها
القانون(8) 0وهذه المسؤوليــة يقررها القانـــون المدني او غيره من القوانين عدى القانـــــــــــــــــــون العقابي ،
وهي نوعان، اما ان تنشأ عن الاخلال بالتزام ناشئ عن عقد صحيح ، وتسمى المسؤوليـــــــــــة العقدية اوالتعاقدية ، او اخلال بالتزام يفرضه القانون وتدعى المسؤولية التقصيرية””(9)0
ب- المسؤولية الجنائية : وهي تحمـــــــــــــل تبعة مخالفة احكام القانون الجنائي 0 فكل انتهاك لحرمــــــــــــة
القانون الجنائي تترتب عليه المسؤولية الجنائية المقررة في القانون (10)0
والمسؤولية بمفهومها الجنائي ، هي” التزام شخصي يتحمل نتائج افعاله الاجراميــــــــــــة ، ويترتب على هذه الافعال الاجرامية الحكم عليه بالعقوبات الواردة بقانون العقوبات والتي تمسه في شخصـــــــــــــــــــــــه او حريته أوماله، كالسجن والحبس والغرامة “(11)0
ج- المسؤولية السياسية :هـي” التزام كل من يمارس سلطة سياسية ( فردا او جماعــــــة ) بأفعالــــــــــــــه
واقواله امام الجماعـــــــة التي يمثلها ، ويتحمل النتائج المترتبة على هذه الافعال والاقوال 0
ومن هنــــا فالارتباط وثيق بين المسؤولية السياسية من جهة والعقاب من جهة اخرى0والعقاب قد يأخذ اشكالا عـــــــدة ، فأمـــــــــــــــــــــا ان يعبر عنه بثورة تطيح بالحاكـــــــــــــــــــــــم وتستبدلــــــه ، واما ان يأخذ شكــــــــــل مقاطعـــــة المؤسسات السياسية القائمة او انتخاب مرشح جديد بـــــدل المرشـــــــــــــح القديم او نزع الثقــــــــــة عن الحكومـــــــــــةاو المطالبة بعزل وزير وغيره “(12)0
والمسؤولية السياسية تعني كذلك الرقابة والمحاسبة للشخص المكلف بسلطــــة سياسيـــــــة على الاخـــلال بالتزاماته أيا كان مصدرها ( دستوريا او قانونيا او مبادى القانون الطبيعي وقواعد العدالة) والتي من شانها تعريض مصالح البلاد للخطر ويترتب عليها عزله، على ان تكون الرقابـة والمحاسبة من قبل صاحب السلطة الاصلي (الشعب)او من ينوب عنه(13)0
اولا : المسؤولية الاخلاقية :هي” نتاج الرذائل من خطايا وتفريط مذموم ، والذي يقررها مجموعـــــــــــــة من الناس وجزاءها يتمثل في تجنب المسؤول ومقاطعته ، ولكنها تخرج عن دائرة القانـــــــون ولا يترتب عليها عقوبة قانونية”(14)0
كما ان والمسؤولية الاخلاقيـــــــــــــــة : هي” مسؤوليـــــــــة امام الله ومسؤوليــــــــــة امام الضمير ، ولهــــــــــــــذا فان المسؤوليـــــــة الادبية او الاخلاقية اوسع نطاق من المسؤوليـــــــة القانونيــــــة ، فهي تتصل بعلاقــــــــة الانسان بريه ، وبعلاقته بنفسه وبعلاقته بغيره من الناس”(15)0
المطلب الثاني : المسؤولية السياسية لرئيس الدولة في الانظمة السياسية المختلفة 0
يتمتع رئيس الجمهورية بصلاحيات واختصاصات واسعة بتخويل من الدستور ، وعلى ضوء هذه السلطات والصلاحيات الواسعة يتبادر الى الذهن تساؤل عن مدى مسؤولية الرئيس وهو يمارس سلطاتـــــــــه0
فهل يمكن مساءلة رئيس الجمهورية سياسيا عن اعماله ؟ وما هو الشأن بخصوص المسؤوليــــــــــــــــــة الجنائية ؟ هل رئيس الجمهورية مسؤول كما يرتكبه من جرائم عاديـــــــة مثل بقية افراد الشعب ام هنـــــــــــاك نظرة ثانيـــــــــــــــة للمسؤولية الجنائية(16)0
ان المسؤولية السياسية كقاعدة عامــــة تكاد تكون من حكــــــــــم البديهيات ،” وتعني تلك القائـــــلة بانه
(( حيث توجد السلطة توجد المسؤولية )) ولهذا فان من يمارس السلطة فعليا يتحمل تبعة تلك الممارسة ويقع عليه عبئ المسؤولية السياسية ونتائجها”(17)0
الا ان طبيعة المسؤوليــــــــة وشكلها تختلف باختلاف الانظمة السياسية0
ففي (الانظمة الملكية) يكون الملك عادة مصون وغير مسؤول ، حيث لا يسال سياسيا كما لا يسال جنائيا عن الجرائم التي يرتكبها 0 وهذا هـــــــــــــــــو اساس القاعـــــــدة الانكليزية القائلـــــــــــة بان (( الملك لا يخطئ)) لان ذات الملك مصونة ولا تمس 0 وعليـــــــه فقد انتقلت المسؤوليـــــــة السياسيـــــــــــــة بانتقال اعبــــــــــاء السلطة وممارستها الى الوزارة ( الحكومة )(18)0
اما (الانظمة الجمهورية ) فيلاحظ انه بالنسبة للمسؤولية السياسية فان الامـــــــــــــر مرهون بالدستور الخاص بالدولة ، فقد ينقسم النظام السياسي الجمهوري الى ثلاثـــة انواع رئاسي ، برلماني ، مجلسي 0
ونظرا لاختلاف في خصائص كل نظام عن الاخر فان مسؤولية رئيس الدولة تختلف تبعا لنوع النظام السياسي وكما يلي:
اولا: مسؤولية رئيس الدولة في النظام الرئاسي :
النظام الرئاسي اشتق اسمه من رئيس الجمهورية ، وعلى ذلك يمكن القول بان النظــــــــــام الرئاسي هو” النظام الذي ترجح فيه كفة رئيس الدولة في ميزان السلطات ، وتعد الولايات المتحدة الامريكيــــــة هي مهــــــــد النظام الرئاسي ، ثم اخذت به معظم دول امريكا اللاتينية ” (19)0
ويمكن تحديد سمات او خصائص السلطة التنفيذية في النظام الرئاسي بما يلي(20) :
1 – حصر السلطة التنفيذية في يد رئيس الدولة وهو يمارس مهامه على نحو حقيقي وفعلي 0
2- عدم وجود رئيس وزراء او مجلس وزراء 0
3- فصل السلطات في الدولة الى اقصى حد ممكن 0
واذا كان” الفصل بين السلطات مطلقا من الناحية النظريـــــــــــة في النظام الرئاسي ، فان التطبيق العملي فرض جسور للاتصـــــــــــــال بين السلطتين ، ومظاهـــــــــر للتعاون بين السلطتين ، وان كانت في مجموعهــــــــــــــــــا استثنائيـــــة وضئيلة حتى يمكن ان ينتظم سير العمــــــــل في الدولة فتستطيع اداء واجبها بطريقة مرضية تحقيقا للصالح العام للشعب”(21)0
وقد اخذت بهذا النظام (الولايات المتحدة الامريكيـــــــــــــــة ) بموجب دستور 1787 ، حيث يتمتع رئيس الولايات المتحدة الامريكيـــة باختصاصات واسعــــــــــــة ومتنوعة تشمل جميع نواحـــــــــــــــــي الوظيفــــــــة التنفيذيــــــــــــــــــة المحصورة بين يديه بصفة اصلية ومباشرة ، فهــــــــــــــــــــــــو رئيس الجمهورية ورئيس الحكومــــــة في نفس الوقت 0
اذ ليس هناك وزراء لهم كيان قانوني مستقل عنه ، بل يعد الوزراء مجرد معاونين لــــــــــــه فـــــــــــي ميدان الوظيفة التنفيذية التي يتولاها بصفته صاحبها الفعلي(22)0
ومما يزيد من قوة رئيس الجمهورية انتخابه من قيل الشعب وليس البرلمان ، كما ان” مــــــــــــــــــدة الرئاسة اربع سنوات قابلــــة للتجديد مـــــرة واحــــــدة “(23)0 وهو مع هذه السلطـــــات الفعليــــــــــــــة الواسعة غير مسؤول سياسيا ، فلا يمكن ان يوجــــــه اعضــــاء البرلمــــــان ( الكونجــــــرس ) اليه اسئلـــــــــــــة او استجواب او يقرروا عــــــــدم الثقة به ، لكنــــــــــــــه يسأل مساءلـــــــــــــــة جنائية فقط في حالـــــــــــــــة الخيانة العظمـى والرشوة وغير ذلك من الجنايات والجنـــــــح الكبرى، والحكــــــــــم على اية حـــــــــــال لا يمكن ان يتجاوز عقوبــــــة عزل الرئيس وحرمانه من اي وظيفة حكومة، ويصدر الحكم من قبل مجلس الشيوخ(24)0
ثانيا : المسؤولية السياسية لرئيس الدولة في النظام البرلماني :
يقوم النظام البرلماني على ثنائية السلطة التنفيذية التي تتكون من رئيس الدولـــــــــــــــــــة ( ملك او رئيس الجمهورية ) ورئاسة الوزراء ( الوزارة ) ، كما يقوم على التعاون والرقابــــــــــــــــــــــــــــــــة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية ، وتتجلى مظـــاهر التعاون من جانب السلطــــــــــــة التنفيذية في اجــــــــــــراءات تكوين البرلمان والتدخل في سير العمل البرلماني ، وحضور جلساته ، واخيرا حق حل البرلمان(25)0
اما مظاهر الرقابـــــــــة التي تباشرها السلطـــــــــــــــــــة التشريعية (البرلمان ) في مواجهة السلطـــــــــــــــة التنفيذيــة ، والتي تقتصر على الوزارة او الوزراء فقط ، وذلك لعدم مسؤولية رئيس الدولــــــــــــــــــــة سياسيا ، فتتمثل في توجيـــــــــــــــه الاسئلة والاستجوابات الى الوزارة او احـــــــــــــــــــــــد الوزراء ، وتستطيـــــــــــــــــــــــــع ان تشكل لجــــان تحقيقية ، كما يستطيع البرلمان ان يثير المسؤوليــــة الوزارية الفردية والتضامنيـــــــة ، فاذا سحبت الثقة من الوزارة او احد الوزراء وجب عليها ان تستقيل(26)0
اما عن عدم مسؤولية رئيس الدولة سياسيا ،” فقد نشأ مبدا عدم المسؤوليــــــة في انكلترا ، مؤسسا على فكرة ان الملك لا يخطــــــــئ ، وما دام الملك لا يخطئ فيترتب على ذلك ان يكون غير مسؤول سياسيا او جنائيا او مدنيا ، وذلك لان ذات الملك مصونة لاتمس”(27) 0
اما في ( الانظمة الجمهورية ) فانه وان كان رئيس الدولة كقاعدة عامــــــــــــــــــــة ــ غير مسؤول سياسيا ـــ فانه يكون مسؤولا جنائيا ومدنيا عن افعاله الخاصة 0 وهذا هو المبدأ العام لمسؤولية رئيس الدولة في النظام البرلماني(28)0
ثالثا : مسؤولية رئيس الدولة في النظام المجلسي :
في هذا النظام تنعدم المساواة بين السلطتين ، حيث يعلو مركز السلطة التشريعية ويسمو على السلطة التنفيذية ، وتصبح الاخيرة تابعة وخاضعـــــــــــــة لأوامر البرلمان ومسؤول امامــــــــــــــه مسؤوليـــــــــــــــــــة كاملة(29)0
وتترتب على ذلك فكرتين تتطابق مع وجود نظام الجمعيــــــة النيابية ( المجلسية ) وكما يلي(30)0
1 – السلطة التنفيذية مسؤولة مسؤولية كاملة امام الجمعية النيابية ، فرئيس الهيئة التنفيذيـــــــــــــــــــــــة او رئيس الوزراء او رئيس الجمهوريــــة* ( حسب التسمية المعطاة لــــــــه )هو مفوض في ممارســـة
ما تراه السلطة التشريعية ولها الحق في سحب الثقة منه عند الضرورة لذلك0
2 – ان الهيئة التنفيذية تكون جماعية متمثلة بوجود عدة اشخاص وليس شخص واحد ، خشيــــــــــة تـــفـــــــرد شخص واحد بالسلطة ومن ثم حصوله على نفوذ على حساب السلطة التشريعية0
المبحث الثاني
المسؤولية السياسية لرئيس الدولة في النظام السياسي المصري دستور1971
تمهيـــــد:
كان نظام الحكم في مصر قبل عام 1956 يقوم على اساس النظام البرلماني ، حيث يوجد ازدواج للسلطة التنفيذية رئيس (ملك ) غير مسؤولا لا سياسيا ولا جنائيا ولا مدنيا ، ووزارة مسؤولــــــــة ، وذلك طبقا لما ورد في المادة (33) من دستور 1923 (( الملك ذاته مصونة لا تمس ))(31)0
ولم ينص” دستور عام 1956 على مسؤولية رئيس الجمهورية السياسيـــــــــــــــــــــــة ، ولكنه نظم مسئوليته الجنائية في المادة ( 130 ) ، حيث حدد حالاتها وسلطة الاتهام والمحاكمة المختصـــــة ، واحال الى قانون خاص يصـــــــــدر في هذا الشأن لبيان تشكيل المحكمـــــــــة وتنظيم اجراءات التحقيق والمحاكمة امامها 0 ولقد صدر القانون رقم 247 لسنة 1956 تنفيذا لنص المــــادة السابقـــــــــــــة من الدستور”(32)0
ولم يأت” دستور عام 1964 بجديد بالنسبة لمسئولية رئيس الدولة السياسية ، الا فيما يتعلق بالأغلبية المطلوبة لصدور قرار الاتهام ، حيث تم تعديلها حسب ما جـــــــــــــاء بالمادة (112) لتصبح اغلبيــــــة الاعضاء بدلا من ثلثي الاعضاء ، وكذلك بالنسبة لمن يحل محـــــــــــــــــــــــــــل رئيس الجمهوريـــــــــــــة ، فقد اصبح نائب رئيس الجمهورية بدلا من رئيس مجلس الامة”0
وقد ظـــــــل القانون رقم 247 لسنة 1956 ساري المفعول ، نظرا لعــــــــدم اصدار قانــــــــــــــــون جديد لمحاكمة رئيس الجمهورية بعد صدور دستور عام 1964(33)0
المطلب الاول : المسؤولية السياسية لرئيس الدولة في مصر دستور عام 1971
يمكن القول ان دستور مصر الصادر عام 1971 قد خلا من نص يقرر المسؤولية السياسية لرئيس الجمهورية ، ولا يستطيع (مجلس الشعب)* ان يساله او يستجوبه او يقترع على سحب الثقة منه(34)0
ولكن الدستور وان اعفى رئيس الجمهورية من المسؤولية السياسية فانه لم يعفيه من المسؤولية الجنائية ، فقد اجاز الدستور تحريك مسئوليته الجنائيــــــــــــــة في المادة (85) بقوله (( يكون اتهــــــام رئيس الجمهوريـــــــــــــــــــــة بالخيانة العظمى او بارتكاب جريمة جنائية ، بناء على اقتراح مقدم من ثلث اعضــــــــــــاء مجلس الشعب على الاقل ، ولا يصدر قرار الاتهام الا بأغلبية ثلثي اعضاء المجلس))(35)0
ويوقف رئيس الجمهورية عن عمله بمجرد صدور قرار الاتهـــــــــام ، ويتولى الرئاســـــــة مؤقتا نائب رئيس الجمهورية او رئيس مجلس الوزراء عند عدم وجود نائب لرئيس الجمهورية او تعذر نيابته عنه 0
وتكون محاكمة رئيس الجمهورية امام محكمة خاصة ينظم القانــــــــــــــــون تشكيلهــــــــــــــــــــــــــــا واجراءات المحاكمــــــــة امامها ويحدد العقاب 0 واذا حكم بأدانته اعفي من منصبه مع عدم الاخـــــــــــــــــــــــلال بالعقوبات الاخرى(36) 0
وقد اختلف الفقه حول طبيعة (الخيانة العظمى) وهل هي جريمة جنائية او سياسيـــــة ؟ فالتفريق بين هاتين الجريمتين من الصعوبة الامر الذي جعل بعض الفقهاء يعتبرونها من طبيعة واحدة ، اذ ان الصلــــــــة بينهما وثيق 0
وعليه فقد انقسم الفقهاء الى ثلاث اتجاهات في هذه المسالــــــــة ، الاتجـــــــــاه الاول ذهب الى تكييف الخيانة العظمى على انها جريمة جنائية ، اذ ان جريمة الخيانة العظمى التي يرتكبهــــــــــــا رئيس الجمهوريــــة ،هـــــي” جريمة جنائية تتضمن كل جريمة تمس سلامة الدولة او امنها الخارجي او الداخلي او نظام الحكـــم الجمهوري” ، وكذلك كل عمل يصدر من رئيس الجمهورية ويعتبر اهمـــــــــــــــالا جسيما في الحفاظ على سيادة الدولة واستقلالها او اعتداء على احكام الدستور، وقد نص عليها صراحة وحدد لها عقوبة الاعدام او الاشغال الشاقة المؤــــبدة او المؤقتة 0وكما نص عليها صراحـــــــــة وحدد مكوناتها في قانون العقوبـــــــــات ومن ثم فلا شك من الطبيعــــــــــــــــــة الجنائية لهذه الجريمة(37)0
اما الاتجاه الثاني ذهب الى تكييف الخيانة العظمى على انها “جريمة سياسيـــــــة ، ويترتب على ذلك ان تقدير ما اذا كان الفعل المنسوب لرئيس الجمهورية يكون جريمة الخيانــــة العظمــــــى ام لا متروك لقرار الاتهــــــــــام الصادر من مجلس الشعب وللمحكمة التي ستتولى محاكمته”(38)0
والاتجاه الثالث ذهب الى تكييف الخيانة العظمى على انها جريمـــــــــة سياسية بصفة اصيلــــــة وجنائية بصفة تبعية ، وهو الراي الاكثر واقعية في نظري وذلك لعدة اسباب(39) :
1 – ان القانون قد وضع لها جزاء جنائيا في المادة (6) منه وهو (( الاعدام او الاشغال الشاقة المؤبدة او المؤقتة ، وفي نفس الوقت قد رتب جزاءا سياسيا على ارتكابهــــا وهو العزل ، اذ ذكــــــــــــر انه يترتب على ادانة رئيس الجمهورية الاعفاء من منصبه وهو جزاء سياسي 0
2 – ان المشرع عندما حدد في المـــــــــادة (85 ) من الدستور حالات اتهام رئيس الجمهوريــــــــــــــــة فقد اورد الخيانة العظمى والجريمة الجنائيــة ، وبالرغــــــــم من الاختلاف بينهمـا ، الا ان بعض الجرائم التي يرتكبها رئيس الجمهورية قد تحمل فخالفة سياسية ايضا، وان بعض الجرائم السياسيـــــــــــــــــة قد تحمــــل في طياتها جريمة جنائية ، وعلى ذلك فان الخيانة العظمى تحمل الوصفين معا 0
3 – ان المشرع بالرغم من انه قد جعل سلطــــــــــــــــة الاتهام جهة سياسيــــــــة ، الا ان المحكمـــــــــة جمعت بين العنصر القضائي والعنصر السياسي في تكوينها ، وذلك ان دل على شيء فأنما يدل على الطبيعة المختلفة التي تحملها جريمة الخيانة العظمى0
المطلب الثاني : اجــــــراءات الاتهــــــام والمحاكمـــــة:
حيث يتم مساءلة رئيس الجمهورية جزائيا في مرحلتين وكما يلي:
أولا : سلطة توجيه الاتهام :
أسند الدستور الى مجلس الشعب سلطة توجيه الاتهام بالخيانـــــــــة العظمـــــى او ارتكاب جريمة جنائيـــــــــــة الى رئيس الجمهورية ، ويكون ذلك بناء على اقتراح مقـــــــــــــــدم من ثلث اعضاء مجلس الشعب على الاقل ولا يصدر قرار الاتهام الا بأغلبية ثلثي اعضاءالمجلس وفقا للمادة (85) من الدستور(40)
ولما كان” نص الدستور قد احال في بيان المحكمـــــة وتشكيلها والاجراءات التي تتبـــــــــــــع امامهــــا الى قانون خاص يصدر بذلك ، ولما كان ذلك القانون لم يصدر في حينه ، وكانت محاكمــــــــــــــــــة رئيس الجمهوريــــــــة قد سبق تنظيمها في ظــــــــــــــــل دستور 1956 ، وذلك بمقتضى القانون رقم 247 لسنة 1956 بشان محاكمــــــــــــــــة رئيس الجمهورية”(41)0
ولما كان دستور 1971 عند صدوره لم يلغي النصوص القانونيــــــــــــــــة التي وجدت في ظـــــــــــــــل الدساتير السابقة الا اذا تعارضت معه 0 وعليه سنتناول بالبحث اتهام ومحاكمة رئيس الجمهوريـــــــــــة في ظـــــــــــــــل دستور 1971 مع اللجوء الى القانون رقــــــــــــــم 247 لسنة 1956 بما لا يتعارض مع نصوص دستور 1971(42)0
فقد جاء في قانون محاكمة رئيس الجمهورية رقم 247 لسنة 1956 انه بمجـــــرد تقديم اقتراح باتهـــــــــــام رئيس الجمهورية يقوم مجلس الامـــــــة ( مجلس الشعب حسب دستور 1971 ) بتشكيل لجنــــــــة تحقيقيـــــــــــــــة من خمسة من اعضائه بطريق الاقتراع السري وفي جلســــــة علنية ، لكي تتولى دراســـــــــــــــــــــة موضـــوع الاقتراح والتحقيق فيه(المادة 10)0
ويجب ان تقوم لجنة التحقيق بأعداد نتيجة عملها وترفعه الى رئيس المجلس خلال شهر من تاريخ تكليفها ببحث الموضوع ، ويجــــوز للمجلس ان يقــــــدم تقصير هذا الميعاد الى اقــــــــل من شهر (المادة 11)0
ويحدد رئيس المجلس جلسة لمناقشة التقرير المقدم من لجنة التحقيق خلال خمسة عشر يوما من تاريخ رفع التقرير اليه 0 ويصدر المجلس قراره في هذا الشأن وفقأ لأحكام الدستور (المادة 12) اي بأغلبية ثلثي كل اعضاء المجلس(43)0
وبعد صدور قرار الاتهام يقف رئيس الجمهورية عن عمله ، ويتولى نائب رئيس الجمهورية بصفة مؤقتة لحين الفصل في الاتهام ، وفقا للفقرة الثانية من المادة 85 من الدستور(44)0
ويتعين على رئيس مجلس الشعب ان يرسل قرار الاتهام الى رئيس مجلس القضاء الاعلى في اليوم التالي لصدوره ، من اجل اجراء القرعــــــة لاختيار المستشارين لعضوية المحكمــــــــــة العليا وتعيين رئيسهـــــــــــــــا (المادة 3/1 ) 0 على ان يتم اجراء القرعة وتشكيل المحكمة العليا خلال سبعة ايام على الاكثر من تاريخ صدور قرار الاتهام(المادة 13/3) (45)0
ثانيا : الجهة المختصة بمساءلة الرئيس جنائيا( المحكمــــة) :
تختص المحكمة العليا بمحاكمة رئيس الجمهورية طبقا لنصوص المواد (1،2،3،4،5،18،22) من قانون رقم 247 لسنة 1956(46)0
حيث تتكون المحكمة من اثنى عشر عضوا ، ستة منهم من اعضاء مجلس الامـــــــــة( الشعب حسب دستور 1971 ) يتم اختيارهم بطريقة القرعة ، وستة من مستشاري محكمة النقض ومحاكـــــــــــــم الاستئناف يتم اختيارهم بطريقة القرعة ايضا من مستشاري محكمة النقض ، واقــــــــدم ثلاثين مستشارا من محاكـــــــــم الاستئناف ، ويتم اختيار عدد مساوي من اعضاء مجلس الامــــــــة (الشعب) والمستشارين بصفة احتياطيـــــــــــــة عن طريق القرعة ايضا 0 ويرأس المحكمة اقدم المستشارين(47)0
اما عن موعد انعقاد المحكمــــــة العليا فيحدده رئيسها ، على ان يكون ذلك خـــــــــــــلال ثلاثين يومـــــــــــــــــأ من تاريخ اعلان النيابة العامة المتهم بصورة قرار الاحالة ، كما تتولى النيابة العامــــــــــــــــة اعلام المتهم بهـــــذا الموعد والمكان الذي تنعقد فيه المحكمة قبل الموعد المحدد بثمانية ايام على الاقل(48)0
ثالثا: العقــــــــــــــــوبة والحـــــــــــــــــــكم:
حدد نص المادة 85 من دستور 1971، وكذلك نص المادة 6 من القانون رـقم 247 لسنة 1956 العقوبة الواجبة التطبيق على رئيس الجمهورية0
ووفقا للمادة (85) من الدستور (( 000اذا حكم بأدانته اعفي من منصبه ، مع عـــــــــــــدم الاخــــــلال بالعقوبات الاخرى ))0
وطبقأ للمادة (6) من القانون رقم 247 لسنة 1956 (( يعاقب رئيس الجمهورية بالأعدام او الاشغال الشاقـــــــــــــة المؤبـــــــــــــــــــدة او المؤقتــــــــــــة ، اذا ارتكب عمــــــــلا من اعمـــــــــال الخيانـــــــــة العظمى او عدم الولاء للنظام الجمهـــــــــوري ))(49) 0
وبالتالي فالعقوبات الواجبة التطبيق على رئيس الدولة نوعان احداهما سياسيـــــــــــــة وهي العزل وذلك بأعفائه من منصبه ، والثانية جنائية تتمثل في الاعدام او الاشغال الشاقة المؤبدة او المؤقتة0
ومن الجدير بالذكر” انه رغم وجود نص دستوري يبين الجانب الاجرائي في مسئولية الرئيس الجنائية، وكذلك وجود قانون خاص بمحاكمة رئيس الجمهورية ، فانهما كانا مجــــــــرد حبر على ورق، فلم يفعل النص الدستوري ولا القانون منذ صدوره عام 1956 ، وحينما توافرت الارادة لمحاكمة الرئيس المصري السابق (محمد حسني مبارك) عن جرائمه الجنائية التي ارتكبها اثناء كونـــــــــــــه رئيسأ للبلاد في احداث 25 يناير وما بعدها تمت محاكمته وفقأ لقانون العقوبات وقانون الاجراءات الجنائية، وليس طبقا لقانون محاكمة رئيس الجمهورية رقم 247لسنة 1956″ (50)0
وهكذا فان دستور 1971 ارتدى ثوبأ ديمقراطيأ براقأ ، يخفي بين ثناياه عوارأ واضحأ اساسه الاستبداد واحتكار السلطات وغياب مساءلة الرئيس وبدرجة اقل اعضاء الحكومة (51)0
المبحث الثالث
المسؤولية السياسية لرئيس الدولة في النظام السياسي المصري
دستوري 2012 ـــ 2014
تمهيد:
بعد قيام ثورة 25 يناير 2011 وتنحي الرئيس( محمد حسني مبارك) عن الحكم في 11 فبراير 2011 ،” تولى المجلس الاعلى للقوات المسلحة السيطرة على البلاد ، وقام بحل مؤسسات الدولة ، وتعطيل الدستور ، واعلن تشكيل لجنة دستورية للقيام ببعض التعديلات الدستورية على دستور1971 ، وتم عرضها للاستفتاء على الشعب في 19 مارس 2011″(52)0
وبعــــد موافقة الشعب المصري في الاستفتاء على التعديلات الدستوريــــــــــــــــة، اصـــــــــــــدر المجلس الاعـــلــــــى للقوات المسلحة في 30 مارس 2011 اعلان دستوريأ مكون من (63 مادة ) شملت اغلب التعديلات التي تم اقرارها في الاستفتاء(53)0
وبناء على الاعلان الدستوري ، فان الجمعية التأسيسيــــــــــــــة هي الهيئة المنوط بها اعــــــــــــــــداد دستور جديد لجمهوريـــــــة مصر العربية ، فقد نصت التعديلات الدستوريــــــــــة التي تمت في مارس 2011 على ان يقــــــــــــــــــــوم البرلمان المنتخب باختيار اعضـــــــــــــــاء هذه الجمعية لوضع الدستور الجــــــــــــديد0 كما نصت على ان يبدأ العمــــــــــــل على صياغة دستور جديد لمصر بعد انتهاء الانتخابات البرلمانية والرئاسيـــــــــــــــة
( والتي جرت في يناير ومايو 2012 على التوالي في مصر )* (54)0
” تم انتخاب الجمعية التأسيسية من البرلمان والمكونة من مئة عضو وقام حوار وجدل عميق استمر اكثر من ستة اشهر حـــــــول مشروع دستور مصر الجديد 2012 ، وتباينت ردود فعـــــــل الشارع المصري بين مؤيـــــــــــــد ومعارض للمسودة النهائيــــة للدستور والذي اقرتــــــــــه الجمعية التأسيسية ، ومن ثم تم استفتاء الشعب المصري عليه ، وفي 25 ديسمبر 2012 حسم الشعب المصري خياراته مع الدستور ، وتم اقراره بموافقة نحــــــــو 64% واعتراض 36% من الذين ذهبو الى لجان الاقتراع (9، 32%) واعتمـــــــــــــد رسميأ كدستور لمصــــر” (55)0
وفي 30 يونيو 2013 قامت مظاهرات كبيرة ضد حكــــــــــــم الرئيس ( محمد مرسي) ،” واعلــــــــــــــــن وزير الدفــــــــــاع عبد الفتاح السيسي في (3 يوليو 2013)* انهــــــــــــاء حكم محمد مرسي وتسليم السلطــــــــــة لرئيس المحكمـــــــــة الدستورية العليا المستشار عدلي منصور للادارة شؤون البلاد لحين اجراء انتخابات رئاسية مبكرة ، وعطــــــــــــــــل العمل بدستور2012 مؤقتأ حتى عرضــــــه على هيئة من الخبراء وتعديلـــــــــــــــــه، حيث تم تشكيل لجنتين” (56)0
اللجنة الاولى مكونة من 10 خبراء قانونيين لتعديل دستور2012، والتي انهت عملهـــــــــــــــــا في 20 اغسطس 2013 ، واللجنة الثانيـــــــــــــة اجريت تعديلات قامت بها لجنة مكونــــــــــــــــــــة من 50 شخصــــــــأ ، اختير عمرو موسى رئيسأ للجنة ، وقدمت المسودة النهائيــــــــــــــــــة للرئيس المؤقت عدلي منصور في 3 ديسمبر 2013 لتعـــــــــــرض على الشعب المصــــــــري للاستفتاء عليها في يومـــــــــي 14،15 يناير2014 ، وقـــــــد شارك في الاستفتاء 6،38% من المسموح لهم بالتصويت ، وايـــــد الدستور منهم 1،98% بينما رفضه 9،1% (57)0
المطلب الاول: المسؤولية السياسية لرئيس الدولة في مصر دستور 2012 الملغي
نصت( المادة 152) من دستور 2012 الملغي علي انه (( يكون اتهام رئيس الجمهوريــــــــــــــــــــة بارتكاب جناية او بالخيانة العظمى، بناء على طلب موقع من ثلث اعضاء مجلس النواب على الاقل، ولا يصدر قــــــــــــــرار الاتهام الا باغلبية ثلثي اعضاء المجلس 0000))(58)0
لم ينص” دستور مصر لسنة 2012 الملغي صراحة على المسؤولية السياسية لرئيس الجمهوريـــــــــة عن اعماله ( حاله حال دستور مصر لسنة 1971 في المادة 85) ، فــــــــــــــــلا يستطيع مجلس النواب ان يساله او يستجوبه او يقترح سحب الثقة منه” (59)0
فبالرغم فان” دستور 2012 الملغي قد افرد المواد من (132ـــــ 154) لبيان تنظيم احكام رئيس الجمهورية ، الا ان هذه المواد خلت من اي نص يتعلق بالمسؤولية السياسية لرئيس الجمهورية “، وهذا يتنافى مـــع اهم مبداء وهو تلازم السلطة مع المسؤولية (60) 0
حيث نجد تعدد السلطات من جهة ، وعدم المسؤولية من جهة اخرى، “وهذا يحدث خلــــــلا خطيرا في التوازن بين السلطـــــــة والمسؤوليـــــــة ، حيث انه من المتعارف عليـــــــــــه انه لا سلطــة دون مسؤوليـــــــــــــــــــة، ورغم تأييدنا لموقف الفقه بضرورة قيام المسؤولية السياسية لرئيس الجمهورية، الا انه لا يمكن العمـــــــــــل به لان هـــــــــــــذه المسؤولية لا تقر الا بنص” (61) 0
كما ان المواد من( 123 الى 126) في دستور مصر2012 الملغي والتي نظمت حــــــــــق البرلمـان في سؤال واستجواب وسحب الثقة ، اقتصرت على (رئيس الحكومة ووزرائه) دون التعرض لرئيس الجمهورية (62)0
وقد منح الدستور لرئيس الجمهورية “حق وضع السياسة العامة للدولة والاشراف على تنفيذها ، بينمــــــــا تشترك الحكومة مع رئيس الجمهورية فقط كمعاون له في وضع السياسة العامة ، مع ذلك فان المسؤولية تقع بكاملها على رئيس الوزراء ، بينمـــــــا رئيس الجمهورية غير مسؤول سياسيأ سوا امـــــــــام البرلمان او الشعب “(63)0
واذا كان دستور2012 الملغي قد اعفى رئيس الجمهورية من المسؤولية السياسية، فانـــــــــه قد اقـــــــر مسؤوليته الجنائيـــة، وهذا بناء على المبداء القائـــــل(( من يرتكب جريمة فعليـــــــــه وزرها وحـــــــــــده))0 ولكن “مساءلة رئيس الجمهورية جنائيأ يبقى امر من صعب تحقيقــــــــــــه لان تحريك الدعوة الجنائية ضــــــد رئيس الجمهورية يتطلب موافقة ثلث اعضـــــاء مجلس النواب على الاقل وصدور قـــــرار الاتهـــام يكــون باغلبية الثلثين، وهذا الامــــــــــــر صعب تحقيقه خاصـــــــة اذا كان مجلس النــــــــــواب من نفس الحزب المنتمي لرئيس الجمهورية” (64)0
اجراءات الاتهام والمحاكمة:
حيث يتم مساءلة رئيس الجمهورية جزائيا في مرحلتين وكما يلي :
اولا : سلطة توجيه الاتهام :
اسند دستور مصر لسنة 2012 الملغي سلطة توجيه الاتهام الى رئيس الجمهوريـــــة بارتكاب جنايــــــة او الخيانة العظمى الى مجلس النواب ، بناء على طلب موقع من ثلث اعضاء مجلس النواب على الاقل ، ولا يصـــــدر قــــرار الاتهام الا باغلبية ثلثي اعضــاء المجلس 000، وينظــــم القانون اجـــــــــــــراءات التحقيق والمحاكمة ويحدد العقوبة، واذا حكم بادانة رئيس الجمهورية اعفى من منصبه مع عـــــدم الاخــلال بالعقوبات الاخرى (65)0
كما ان الدستور قد احال محاكمة رئيس الجمهورية الى( قانون خاص) يصدر بذلك ، الا ان القانون لم يصدر في حينه، الى ان قامت ثورة 30 يونيو 2013، واعـــــــــــلان وزير الدفـــــــــاع (عبد الفتاح السيسي) فـــــــــي 3 يوليو 2013 انهاء حكم الرئيس( محمد مرسي) وتعطيل العمـــــــل بالدستور (66)0
ثانيا : الجهة المختصة بمساءلة الرئيس جنائيأ ( المحكمة ) :
يحاكم رئيس الجمهورية امام محكمة خاصة يرأسها رئيس مجلس القضاء الاعلى وعضوية اقدم نواب رئيس المحكمة الدستورية العليا ومجلس الدولة واقدم رئيسين بمحاكم الاستئناف، ويتولى الادعاء امامها النائب العام ، واذا قام باحدهم مانع حل محله من يليه في الاقدمية (67)0
كما حددت المادة 152 من من دستور 2012 الملغي العقوبات الواجبة على رئيس الجمهوريـــــــــــــــــــــة انه ((000اذا حكم بادانة رئيس الجمهورية ، اعفي من منصبه مع عدم الاخلال بالعقوبات الاخرى ))0
ان” الدستور المصري الملغي لسنة 2012 وبسبب اصراره على اتخاذ دستور 1971 مصــــــــدرأ للاستلهام ادى الى تكرار نفس الثغرات والحفاظ على نفس العلاقة ذات الطابع الرسمي بين الدولـــــــــــــــــــــــــة والشعب” (68)0 فلم يستطيــــــــــــــــــع الدستور التخلص من بعض العـــــــــــــــادات التي يتمتع الرئيس بسلطات واسعة تفوق ما هو مناسب وهي سلطات تتعلق باختصاصات عمله(69)0
وعلى وجه الخصوص مثلا: ” يحظى رئيس الجمهورية بسلطة تعيين عشر عــــــــــــــــــدد اعضاء مجلس الشورى، والتي تعطي سيطرة غير عادلة وغير مستحقة على العملية التشريعية”(70)0 وانه من يعين رؤساء الاجهزة الرقابية والهيئات المستقلة ، وبالرغم من ان التعيين يجب ان يتم بموافقة مجلس الشورى الا ان الرئيس يحضى بسلطة تعين عدد كبير من اعضاءه ، فالعملية متحيزة لصالحه بطريقة يصعب تبريبرها(71)0
ومع الاخذ بعين الاعتبار القواعد التي وضعها الدستور لضبط استخدام سلطاته ،”فانها تبقـــــــــــى سلطات كبيرة خاصة عندما يكون الحزب الذي ينتمي اليه الرئيس هو صاحب الاغلبيــــــــــــــــة في البرلمان، في ضوء ان الرئيس ليس مسؤولا امام البرلمان او اية جهــــــــــة اخرى، ولا يمكن محاسبته عن سياسيته وان قراراتـــــه لها قوة تنفيذيــــــــة ، ولم يشترط الدستور توقيــــع رئيس مجلس الوزراء لنفاذها” (72)0
المطلب الثاني : المسؤولية السياسية لرئيس الدولة في مصر دستور 2014
اضافت ( المادة 159) من دستور مصر لسنة 2014 الى حـــــــــــــالات المسؤولية الجنائيــــــة والخيانـــــــــــــــة العظمى لرئيس الجمهورية حالة جديدة هي حالة انتهاك احكام الدستور،(73) حيث نصت على انه (( يكون اتهام رئيس الجمهورية بانتهاك احكام الدستور،او بالخيانة العظمى او اية جنايــــــــــة اخرى، بناء علـــــى طلب موقع من اغلبية اعضــــــــاء مجلس النواب على الاقـــــل000))0
ولكن الاهم من ذلك هو” المسؤولية السياسية لرئيس الجمهورية التي تقررت في مادة جديدة من نوعها في دستور 2014 ، وهي ( المادة 161)” حيث نصت على انه (( يجوز لمجلس النواب اقتراح سحب الثقــــــة من رئيس الجمهورية ، واجراء انتخابات رئاسية مبكرة ، بناء على طلب مسبب وموقع من اغلبية اعضـــــــــــــاء مجلس النواب على الاقل ، وموافقة ثلثي اعضائه ، وبمجرد الموافقـــــــــة على سحب الثقـــــــــــــــــــة ، يطرح امـــــــــــــــر سحب الثقـــــــة من رئيس الجمهورية واجراء انتخابات رئاسية مبكرة في استفتاء عــــــــــــــام، بدعــــــــــــــــــــوة من رئيس مجلس الوزراء، فاذا وافقت الاغلبية على سحب الثقــــــــــــــــــــــة ، يعفى رئيس الجمهوريــــــــــة من منصبه ، وتجري انتخابات رئاسية مبكرة من تاريخ اعلان نتيجة الاستفتاء ، واذا كانت نتيجة الاستفتار بالرفض ، عــــــــــــــــد مجلس النواب منحلا، ويدعو رئيس الجمهورية لانتخاب مجلس جديد للنواب))(74)0
يمكن ملاحظة ان” دستوري مصر لسنة 1971، 2012 ، لم ينصا على امكانية سحب الثقة من رئيس الجمهورية من جانب البرلمــــــــــــــان، كمـــا في دستور 2014 وهذا ما يعكس اعطـــــــــــــــــاء بعض الصلاحيــــات للبرلمــــــان مقابل تقليص صلاحيات الرئيس”0
ورغم ان الرئيس مسؤول امام البرلمــــــــــــــان ، والبرلمـــان قادرا على سحب الثقة من الرئيس ، لكنه يبقى مهدد بالحل اذا اساء استخدام السلطة (75)0
اجراءات الاتهام والمحاكمة
حيث يتم مساءلة رئيس الجمهورية جزائيا في مرحلتين وكما يلي :
اولا : سلطة توجيه الاتهام : اسند دستور مصر لسنة 2014 ،( كما في دستور 1971المادة 85 منه، ودستور2012 المادة 152) منه سلطة توجيه الاتهام الى مجلس النواب في (المادة 159) منــــه ، حيث نصت على انه (( يكون اتهام رئيس الجمهورية ، بانتهاك احكام الدستور او الخيانة العظمى او اية جنايــــــة اخرى ، بناء على طلب موقع من اغلبية اعضاء مجلس النواب على الاقــــــــــــــــل ، ولا يصـــدر قــــــــــــــرار الاتهام الاباغلبية ثلثي اعضاء المجلس 0
” وينحصر الخلاف في المادة 85 من دستور 1971، والمـــــــادة 152 من دستور 2012، ان المادة 159 من دستور 2014 نصت على اتهام رئيس الجمهورية بناء على طلب موقع من اغلبية اعضاء مجلس النواب وليس ثلث الاعضاء ، كما نصت صراحة على قرار الاتهام لا يصدر الا بعد تحقيق يجريه معه النائب العام ” (76)0
وبمجرد صدور القرار يوقف رئيس الجمهورية عن عمله ، ويعتبر ذلك مانعا مؤقتا يحول دون مباشرته لاختصاصاته حتى صدور حكم في الدعوى0
وينظم القانون اجراءات التحقيق والمحاكمة ، واذا حكم بادانة رئيس الجمهورية اعفى من منصبه مع عدم الاخلال بالعقوبات الاخرى (77)0
ولكون القانون الجديد لم يصدر لحد الان ،” على الرغم من تناسخ النص عليه في دساتير مصر السابقة منذ عام 1956 ، عليه تسري على اتهام رئيس الجمهورية الاجراءات المنصوص عليها في القانون ( رقم 247 لسنة 1956)* بخصوص محاكمة رئيس الجمهورية والذي ما زال ساريــــــــــا حتى
الان” (78)0
ثانيا: الجهة المختصة بمساءلة الرئيس (المحكمة ):
يحاكم رئيس الجمهورية امام محكمة خاصة يراسها رئيس مجلس القضاء الاعلى ، وعضوية اقدم نائب لرئيس المحكمة الدستورية العليا، واقدم نائب لرئيس مجلس الدولة ، واقدم رئيسين بمحاكم الاستئناف ، ويتولى الادعاء امامها النائب العام ، واذا قام باحدهم مانع ، حل محله من يليه في الاقدمية ، واحكام المحكمة نهائية غير قابلة للطعن (79)0
وقد حددت نص المادة 159 من دستور 2014 وكذلك نص المادة 6 من قانون رقم 247 لسنة 1956 العقوبات الواجبة التطبيق على رئيس الجمهورية
فوفقا للمادة 159 من دستور 2014 (( 000 اذا حكم بادانة رئيس الجمهورية ، اعفي من منصبه ، مع عدم الاخلال بالعقوبات الاخرى))0
وطبقا للمادة 6 من قانون رقم 247 لسنة 1956 (( يعاقب رئيس الجمهورية بالاعدام او الاشعال الشاقــــــــــة المؤبدة او المؤقتة ، اذا ارتكب عملا من اعمال الخيانة العظمى او عدم الولاء للنظام الجمهوري )) (80)0
يمكن القول” انه رغم الايجابيات الغير مسبوقة لدستور2014 وخاصة في مـــــــــواد الحقوق والحريات والصحــــة والتعليم ، كذلك بعض مواد الحكم التي تحقق التوازن بين السلطات بدأ بصلاحيات البرلمان وامكانية سحب الثقة من رئيس الجمهورية ، وكذلك سحب الثقة من رئيس الوزراء او الوزراء وامكانية محاكمتهم “(81)0
لكن هذا لا يمنع من ان الدستور جــــــــــــــــاء بالعديد من السلبيـــــــــــــــــــــات منها على سبيل المثال ، “اعطاء رئيس الجمهورية الحق في تعين 5% من اعضاء مجلس النواب ، بما يعني ان رئيس الجمهورية سيعين ما لا يقل عن (22 نائب) من مجموع عــــــــــــــــدد اعضاء البرلمان والبالغ عـــــــــــددهم 450 عضوا حسب ما جـــــاء (بالمادة 102) من الدستور ، وهو عدد كبير ومرجح سياسي بل يعادل كتلة برلمانيـــــــــة لصالح رئيس الجمهوريــــــــــــــــة ان اراد هـــــــــو ذلك “(82)0
كذلك فيما يتعلق( بالمادة 137) بخصوص” سلطة رئيس الجمهوريــــــــــــة في حل مجلس النواب بعـــــــــــد استفتاء الشعب ، ففي حالة رفض الشعب حل البرلمان فانه لا يترتب على ذلك استقالة الرئيس ، رغم ان( المادة 161) اعتبرت مجلس النواب منحلا اذا اقترح المجلس سحب الثقة من رئيس الجمهورية ولم يوافق الشعب على ذلك في الاستفتاء، فالرئيس يقترح حل البرلمان دون خطر على منصبه ، اما مجلس النواب فان اقتراحه سحب الثقة من الرئيس يعرضة للحل في حالة رفض الشعب” ، الامر الذي لايحقق التوازن المطلوب بين سلطة الرئيس وسلطة البرلمان (83)0
الخاتمــــــة
الاستنتاجات:
في ضوء ما تقدم سوف نستعرض طبيعة نظام الحكم في مصر ، والمواد 85 ، 152 ،159 الخاصة بمسؤولية رئيس الدولة في دساتير مصر لسنة 1971، 2012، 2014 0
ـــ ان النظام الحكم في مصر حسب دستور 1971 و دستور2012 و دستور 2014 هو” نظــــام شبه رئاسي لانه يجمع بين نظامين سياسيين هما (الجمهورية الرئاسية والجمهورية البرلمانية) مع اعطاء الرئيس كل السلطات والمميزات الواردة في النظامين”0
ـــ توالت النصوص الدستورية في المواد اعلاه على ان يكون اتهام رئيس الجمهوريـــــــــــــــــة من اختصاص
السلطة التشريعية (مجلس الشعب دستور 1971 ، ومجلس النواب دستوري 2012 و2014 )0
ـــ لم ياتي دستور 2014 بجديد بالنسبة لمسؤولية رئيس الجمهورية، عن دستوري 1971، 2012 ، في المواد 85 ، 152، الا فيما يتعلق” بالاغلبية المطلوبة لتقديم طلب الاتهام، حيث تم تعديلها حسب ما
جاء بالمادة 159، لتصبح اغلبيـــة الاعضاء بدلا من ثلث الاعضاء ، وكذلك اضافت حالة (انتهاك الدستور) الى اتهــــام رئيس الجمهورية” 0
ـــ كذلك فقد” توالت النصوص الدستورية في المواد 85 ،152 ،159 بان يحاكم الرئيس امام (محكمـــــــــــة خاصة) وان ينظم القانون اجراءات التحقيق والمحاكمة ويحدد العقوبة ، بخلاف المادة 159 من دستور 2014 لم تشير الى تحديد العقوبة ، وهذا الامر يفتح باب التاويل، كما ان القانون لم يصدر في حينه ولحد الان”0
ـــ نصت المواد اعلاه على المسؤولية الجنائية لرئيس الجمهورية ولكنها لم تنص على مسؤوليته السياسية
باستثناء ما جاء في دستور 2014 المادة 161، حيث قررت انه يجوز لمجلس النواب اقتراح سحب الثقة من رئيس الجمهورية باغلبية خاصة، ثم يقرر الشعب في استفتاء اما سحب الثقـــــــــــــة من الرئيس فيخلو منصبه او تأكيد الثقة في الرئيس فيحل مجلس النواب0
التوصيـــــــــــــات
ان المشكلة في مصر” لم تعد مشكلة رئيس يذهب ويأتي رئيس اخر بعد ثورة ، ومــــــــــــــزيد من الدمـــــــاء المصرية والخسائر البشرية التي ينبغي عليها بناء مجتمعها بــــــدلا من ان تنظر لكيفية اسقاط حاكمها المستبد ، ولكن المشكلة اصبحت ابعد من ذلك واعــــــــقد، فاذا اردنا حلأ جذريأ، يجب بايجـــــــــــاد وسائل واضحة وصحيحة وأليات معاونة في ذلك ، فالحل هو ليس في تقيد صلاحيات الرئيس ببنود دستورية فقط ، وانما تظافر كل مؤسسات الدولـــــة، للبحث عن اليات فاعلة ومؤثرة محاسبة رئيس الجمهورية”0
يتميز موضوع تفعيل أليات محاسبة رئيس الجمهورية بتعدد الاطراف الفاعلة فيه، يستدعي العمــــل على العديد من الجوانب وثم تقديم التوصيات التالية:
ـــــ تحديد واضح وصريح لصلاحيات رئيس الجمهورية بما يلائم الشكل السياسي الذي سيكـــــون عليه النظام
السياسي، ولكن بشرط” وجود نصوص وألية واضحة في الدستور بشأن محاسبــــة الرئيس اذا تعــــــــــــــدى في ممارسته لصلاحياتــــــه المحدود التي رسمها له الدستور او القانون”0
ـــــ وان يتم” سن قانون خاص باتهام ومحاكمة رئيس الجمهورية ، بشرط ان يكون مكمل لاحكـــــــــــام الدستور،
ويختص بالاجراءات الواجب اتباعها في مرحلتي الاتهام والمحاكمة” وكذلك” تحديد العقوبات التي يجوب
تطبيقها في حالة الادانة، وضرورة وضع وقت محدد في الدستور لغرض سن القانون وعدم التغافل عنه”0
ـــــ تقليص سلطة رئيس الدولة في اصدار قرارات لها قوة القانون ، وقصر ذلك على حالة حل البرلمان دون
عطلته التي يمكن ان يلتئم فيها البرلمان لاقرار ما تمس الحاجة اليه من تشريعات0
ـــــ تقليص صلاحيــات رئيس الجمهورية في احوال الطوارى من خلال وتقوية شوكـــــــــــــــة مجلس النواب والرقابة على الاجراءات المتخذة من قبل الدولة للتصدي لهذه الحالات،” والابتعاد عن اقامــة الهيئات الاستثنائيـة اواحالة المدنيين الى محاكم عسكريــــــة، وتعظيم دور الحكومة في مواجهـة مؤسسة الرئاسة
واخضاع السلطــــة التنفيذيـــــة لرقابـــــة اكثر صرامـــة من قبل البرلمان”0
ــــ ان تتوفر” لمجلس النواب سلطة مناقشة الاتفاقيات الدولية التي يوقع عليها الرئيس قبل التصديق عليهــــــا
وان يكون من حق مجلس النواب رفض او الغاء او تعديل اي نص في الاتفاقية من خلال التشاور مع الوزارة المختصة في هذه الاتفاقيات “، وان يتم اطلاع واستفتاء الشعب على الاتفاقيات التي تمس سيادة الدولة وامنها،” وان لا تتضمن المعاهدات اية بنود سرية تتعارض مع نصوصها المعلنة”0
ـــــ لابدان يتوفر في الدستور بند يعمل على الا يملك الرئيس صلاحية حل مجلس النواب ، ولا يتم حـــــــــــــل المجلس الا بناءأ على استفتاء شعبي ، كما يجب ان لايملك الرئيس صلاحيـــــــــة اعــــــــــــــــلان الحرب الا بموافقة البرلمان0
ـــــ تفعيل قانون” بشأن تقديم اقرار الذمة المالية الذي ينص على ان كل من يريد ترشيح نفســــــــــــــــه لرئاســــــــــــة الجمهورية تقديم اقرار لذمته المالية، وذلك تأكيدا على مبدأ الشفافية وحق المواطن في معرفـة حجم ثروة المرشحين، بعد توليه منصب الرئيس وقبل توليه مهام منصبه ،ثم يقدم اقرارا جديدأ كل 5 سنوات أثنــــــــاء فترة وجوده في الرئاسة ، وبعد خروجه من المنصب، ويتم اعلانها على الرأي العام في وسائل الاعلام”0
ــــــ تعديل المادة التي عن طريقها يتم توجيه الاتهام لرئيس الجمهورية والمادة التي تقترح سحب الثقــــــــــــــــــة من الرئيس ، لتصبح (( 000 بناءأ على اقتراح مقدم 10 اعضــــاء من مجلس النواب (بدلا من ثلث او اغلبيـة الاعضاء) على ان تتم الموافقة على هذا الاقتراح من ثلث اعضاء المجلس (بدلا من ثلثي الاعضاء ) ويتم مساءلة الرئيس بناءأ على ذلك ،” لان الاغلبية المطلوبة لاتهام رئيس الجمهورية او لاقتراح سحب الثقة منه امر من الصعب تحقيقه خاصة اذا كان الاعضاء من نفس الحزب الذي ينتمي اليه الرئيس” 0
ــــــ وان تكون مساءلة رئيس الجمهورية في جلسة علنية وليست سرية حتى تصبح على مرأى ومسمــــــــــــــــع الرأي العام وتلقى اما تأييد او رفض الرأي العــــــــــام،” واسهـــــام الناخبين في تحريك مسؤوليــــــــــة رئيس الجمهوريــة من خــلال اضافــــة نص الى الدستور يسمح لعدد من الناخبين بتقديـــــم اقتراح الى مجلس النواب يتضمـــن توجيه الاتهــــــــــــام لرئيس الجمهورية في حالة ارتكابه لفعل يعـــــد من العناصر المكونة لحـــــــــــالات المسؤوليــــــة”0
وعليه فان الضمان الوحيد لمغزى المسؤولية السياسية هي” اليـــة محاسبة رئيس الدولـــــة ونزاهــــة المحاكمة ، فاذا تم توجيه الاتهام لرئيس الدولة على اساس الالية المحددة في صلب الدستور وتم تفعيل الاتهام على اساس ديمقراطي واحترام ارادة الجهة الموجهة الاتهام ، وجرت محاكمة نزيهـــة” ، فتكون بلا شك المسؤوليـــة السياسيــــة خير ضمان على وجود رئيس يتمتع بالكفاءة والنزاهـــــــــــــــة والولاء للوطن والمواطنة0