وكيلة وزارة ، راقية، متقاعدة ،أرملة وابنها الوحيد يقيمان في شقتها الكبيرة الفخمة المكونة من ست حجرات، حثته على الزواج، لم تدع له مجالا للحيرة ،لاتحمل هم الشقة،فلتعيشا معي ،على الرحب والسعة، سأحتفظ لنفسي بالغرفة البعيدة في أقصى الشقة لتكونا بحريتكما، تركت لهما الشقة ليقضيا شهر العسل وحيدين ،أقامت خلالها في أحد الفنادق، رزق ولدها بصبي وفتاتين ،لم تكن تغادر غرفتها إلا لحاجة ضرورية ،عاملت زوجته كابنتها، لكنها كانت تستسخفها ،سمعتها ذات يوم وهي تحادث ابنها ،وجود والدتك معنا يقيد حركتنا ، يجعل أهلي وقريباتي وصديقاتي حين يأتين لزيارتي في حرج، فلتودعها بأحد دور المسنين ، نريد أن نحيا بانفراجة أنا وأبنائنا، لم يتردد الابن جلس مع أمه أريد أن أفاتحك في موضوع يا أمي ولكنني ترددت كثيرا كي لاتسيئين فهمي، ياولدي أنت تريد إيداعي بدور المسنين ،لاتندهش لقد سمعت حديثكما ،لاعليك، حقيبتي جاهزة ،هيا قم لتصطحبني إلى تلك الدار في أخر الشارع،أعرف مديرتها جيدا، أقامت في الدار عدة أعوام مزق قلبها الحنين لرؤية أحفادها ،أما ولدها فلقد استعوضت الله فيه ،مرضت ،استدعت مديرة الدار الطبيب، أخبرها بأنها تعاني نفسيا ،فلتحاولوا أن تتصلوا بأقاربها ، بالفعل اتصلت بابنها ، ألو..السلام عليكم ،أجابتها زوجته من معي ،أنا صديقة لأم زوجك ، لماذا تتصلين بنا ،ألم تعلمي أنها بدار المسنين،من فضلك اعطيني زوجك ،ابنها لأكلمه ، التقط السماعة من زوجته من معي،أخبرته أنها مديرة دار المسنين ،وأن والدته مريضة،متأزمة نفسيا تشتاق لرؤية أحفادها ، إذن والدتي تشتكينا للناس وتفضحنا،لاتتصلين بي ثانية، أفق أيها الجاحد،العاق، قمت بواحبي الإنساني لأخبرك بمعاناتها من تلقاء نفسي كواجب إنساني،ياعديم الإنسانية ،التقطت زوجته السماعة لاتتصلي ثانية ،وأغلقت السماعة في وجهها، ألم أقل لك،أمك مخرفة،ثرثارة ،تشتكينا لطوب الأرض، لا عليك ،هيا نتناول العشاء ،بعد يومين اتصال من مديرة الدار ، لن تستطيع رؤية أمك ثانية، ستريحك حتى من عبء التفكير في زيارتها،فلتسترح وتقر عينا وزوجتك،البقاء لله.