يقول تركتها بعد مشادة بيننا، تركتها لحتى تهدأ بعد مهاجمتي لها، ثم مرّت بيّ الأيام ثقيلة جداً دونها، أدركتُ أن لا سبيل ليّ سوى معها، فعدتُ كي أعتذر منّها،
قالت: لِما أتيتَ؟
قُلتُ: كي أعتذر عما حدث
قالت: وأين كنتَ في الأيام الماضية؟
قُلتُ: تركتكِ حتى تهدأين ويبرُد الغضب داخلك
قالت: أيُطفئ الماءُ النار بعد أن خمدت؟
قُلتُ: ماذا تقصدين بذلك؟
قالت: تلك الكلمات التي أتيت لتعتذر عنها لم تمرّ على مسامعي فحسب، بل اخترقت جوفي وصدعت جوارحي، ثقبت قلبي وأصابت أمعائي، وأما الأيام التي تركتني فيها حتى أهدأ فأنا من عانيتُ مرارتها وحدي، تخرج أنت للشارع وتمارس عملك وتتحدث لجيرانك وأصدقائك، وأنا هُنا بغرفتي مُنعزلة، جسدي لا يقوى على المشي، شهيتي ترفض الطعام، وعيناي أصابها الأرق من فرط البكاء، إطمئن لقد هدأتُ بالفعل، برُدت مشاعري، تلاشت رغبتي نحوك، وماتت لهفتي تجاهك، فمن يترك من أحبه يُعاني قسوة الليالي وحده لا يستحق حبُّه ولا قلبُّه .. إذهب من حيث أتيت، إذهب لا تعود أبداً.