يبدو الحديث عن المهرجانات متقوقعًا حول ما يدور وما جرى به من أحداث وفعاليات أعجبت أم أبهرت الحضور، بل أيضًا المتابع عبر شاشات الفضائيات المصرية؛ لكن التناول لن يقع في تلكما الحيز؛ حيث استعراض مخرجات تبدو عميقة المغزى في سردها.
والبداية من وجهة نظر متواضعة قد ترى من مشهد لم تعهده تلك المنطقة المصرية المطروحية الأصلالتي تقع على الساحل الشمالي المصري وتكسوها الرمال الذهبية ويعلوها الشاطئ الساحر بمناظره الطبيعية الخلابة؛ رغم أنها وصفت من ذي قبل بالصحراء القاحلة التي يخشاها الكثيرون؛ حيث الألغام التي خلفتها الحرب العالمية الثانية.
ويتبادر للذهن تساؤل فحواه: كم تمتلك مصر من مناطق لم تستثمر بعد على طول هذا الساحل؟، وهل هذا يشير إلى أن القيادة السياسية ترى ما لم نره منذ عهود مضت؟، والإجابة عن ذلك جلية؛ حيث تزخر الدولة المصرية بالعديد من الأماكن اللوجستية والتي تعد من المقدرات المتفردة، وهنا نؤكد بأن للرئيس نظرة بعيدة المدى عندما بدأ بالبنية التحتية التي جعلتنا ننتبه للكنوز التي بين أيدينا؛ فنستطيع بفضل الله تعالى وبجهود المخلصين أن ندشن مدنًا ذات موصفات عالمية قياسية من حيث تميزها السياحي وما قد يتواجد بها من المنتجعات والفنادق ذات الطراز العالمي الجذاب الذي يقدم المستوى الترفيهي والخدمي وفق معايير الريادة والتنافسية على المستوى العربي والأجنبي.
إن مشاهد الإقبال والتجمعات التي رصدناها تؤكد على أن هذه البلاد آمنة وبها من الخير الوفير، وأن مستقبلها آت بمزيد من الفكر والجهد والعمل المتقن؛ لنستخرج كنوزها التي تطفو على سطحها ومسطحها وسهلها ووديانها وجزرها وبحورها ذات الألوان المبهرة، وعليه نثمن دور الرجال الأبطال الذي حملوا على عاتقهم تحقيق أمنها وأمانها والحفاظ على مقدراتها ولحمة شعبها؛ فنحن بمشيئة الله تعالى في رباط إلى يوم القيامة.
لقد استقطبت هذه المدينة البكر في العام الثاني للمهرجان أطياف ذات اهتمامات متباينة؛ لكن أود الإشارة إلى من يتطلعون لإبرام اتفاقيات الاستثمار المباشر في ربوع وطننا، عندما يجدون مقومات الاستثمار متوافرة، وعندما يجدون من تنوع الفرص الكثير، وعندما يشاهدون بأم أعينهم المكاسب التي حققتها الاستثمارات التي نفذت بالفعل على أرض العلمين؛ فالمعادلة حتمًا تتغير، ويزداد الإقبال والتسويق المباشر وغير المباشر، وعليه تصبح المهرجانات بما تحمله من برامج جاذبًا للاستثمار في ربوع مصرنا الحبيبة.
والذين يستمتعون بمناخ العلمين الآمن والمستقر يتأكد لديهم صورة الاستقرار المجتمعي والسياسي ببلادنا الحبيبة رغم ما يشاع من أكاذيب، ويبث من شائعات، تستهدف تشويه الصورة الجميلة الراقية بأهل مصر أصحاب الكرم الطائي، الحريصين دومًا على تقديم أفضل ما لديهم من فن وطيب كلم وتعامل واستقبال راقي.
ومشاهد الإقبال الداخلي تشعرنا بأن المصريين يعشقون الجمال وسحر الطبيعة ويقدرون ما يمتلكون، ويحافظون على ميراث حضارتهم؛ فالذهاب والترحال من وإلى مدينة العلمين كثيف للغاية ويبرهن على الصورة الذهنية التي تعلقت بوجدان ما يرغب في الاستمتاع بالمناخ المعتدل والمناظر الطبيعية الساحرة، والعمران وما به من وسائل للترفيه والتسلية، ومشاهدة ألوان الفنون الراقية من سيمنا ومسرح وشعبيات متفردة.
وما عرضناه مقدمة لأمر خطير يتمثل في عزيمة الدولة تجاه استكمال مشروعاتها القومية والتوسع بكل قوة فيها؛ فالمردود قريب والثمرة ناضجة والمقدرة على الإنجاز متوافرة في ظل ما مهدت له الدولة من الفترة المنصرمة؛ لذا أتطلع إلى العديد من المدن الساحلية على طراز والعلمين وقد يفوقها من مدن الجيل الرابع والخامس، وأتطلع لمزيد من الاستثمارات التي تساعد في التنمية بمجالات المختلفة، وأتطلع إلى مزيد من التسهيلات التي تجعل الجذب للاستثمار، والسياحة، والتجارة أكثر، وأكثر.
في هذا المقام الضيق يصعب علينا أن نحصي مخرجات مهرجان العلمين؛ لكن الاعتزاز بالوطن يأتي في المقدمة، وتقدير الجهود البناءة المعطاءة من الأمور التي يتوجب علينا الإقرار بها والإعلان عنها؛ لنحث ونحفز كل من يمتلك المقدرة على العمل أن يبذل الجهود تلو الأخرى لنرى ما يسر العين ويجبر الخاطر ببلاد تعد من أفضل البلدان، وشعب من أعظم الشعوب يحرص دومًا على حضارته وتاريخه ويحافظ على جغرافيته.
ويطيب لي أن أشكر وأثمن جهود الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية التي قدمت الرعاية في صورتها المثالية لهذا المهرجان ولمهرجان العالم الماضي بمدينة السحر والجمال؛ حيث ساهم ذلك في جذب أنظار العالم نحو بلادنا الآمنة؛ فاستضاف أصحاب القوة الناعمة من الفنانين والمبدعين وأصحاب الرسالة، ورجال الأعمال ورواده والمستثمرين؛ ليستمتعوا جمال وسحر المدينة التي أبهرت الجميع بالمستويات الفنية الراقية.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.
أستاذ ورئيس قسم المناهج وطرق التدريس
كلية التربية بنين بالقاهرة – جامعة الأزهر