لا يبدأ إلا بعد استنشاق ما أمكنه من الأكسجين في هواء قاعة المحاضرات،منتفخ الصدر ، مصعرا خده ،لايرى طلابه، محاطا بحاشية من النواب والمدرسين المساعدين والمدرسين الذين تفنن في إذلالهم ،لكأنه موكب أحد الفاتحين العظام ،متعاليا فخورا بنفسه ،تاليا اسماء ولديه وبنتيه، وزوجته الأستاذة الجامعية ، ،وذكريات عائلته والشجرة التي تفرح لفرحهم فتثمر ،وتحزن لحزنهم فتحجم عن الإثمار ،وكيف ينفق على أخيه الأصغر ،حكايات شخصية سخيفة لاقيمة لها ،والطلاب يستمعون مضطرين ، كان نكرة بين أقرانه من أساتذة التخصص بالجامعات الأخري، كان طبيبا ضابطا بالجيش حصل على الدكتوراه ،وكانت كلية الطب تلك ناشئة فالتحق بوظيفة بها ،وأصبح أستاذا جامعيا ،بينما انتظر دوري لدخولي قاعة امتحان الشفوي ،خرج الفراش لينادي على زميل لي ..الدكتور فلان ابن الدكتورة فلانة ،ثم نادي على اسمي ،دخلت عند أحد الممتحنين ووصل إلى سمعي صوته العالي ها يا شقي ..اخبارك إيه..ازاي عليك امتحان النهاردة وتقضي امبارح في النادي عامة سلملي على ماما الدكتورة فلانة..ذاكر كويس، شرد ذهني ، مذهولا..مغتاظا ،كرر على الأستاذ الممتحن السؤال ،أجبته في اقتدار وحصلت على درجة عالية ، ومرت الأيام وحكى لي زميلي أنه كان مريضا وذهب لعيادته ودفع الكشف ، ولما دخل غرفة الكشف أخبره أنه تلميذ لديه ،انفجر فيه صارخا ،لما تشحت اشحت طعمية مش جاتوه،إيه اللي جابك العيادة ، والممرضة مذهولة ،أنا دافع الكشف يادكتور وجاي أتعالج ،قام بتوقيع الكشف وكتب له العلاج على عجالة ،وزميلي مغتاظ منه ينظر إليه في غضب،والأستاذ يتواري يشيح بنظره بعيدا ، دق الجرس طالبا من موظف العيادة إدخال المريض التالي ،خرج زميلي من العيادة ، وفي الشارع مزق الوصفة الطبية ،وتمر الأيام وإذا بخبر القبض على الأستاذ في قضية رشوة لطلاب عرب كي يحصلوا على درجات الماجستير والدكتوراه ،وفصل من الكلية ،وسط فضيحة مدوية ،ويأنف تلامذته من ذكر اسمه قرفا منه واحتقارا له.