يبدو أن الآثار الإيجابية ــ نسبياً ــ والتى شهدتها أسواق أمريكا والعالم بعد قرار البنك الفيدرالى الأمريكى الذى صدر فى سبتمبر الماضى بتخفيض سعر الفائدة نصف بالمائة، عكس ما كان متوقعاً، جعلت البنك يفكر فى الاتجاه لتخفيض جديد قبل نهاية العام الحالي.
مسئولون أمريكيون ألمحوا إلى أن تخفيضات الفائدة قد تتواصل إذ استمر التضخم فى الانخفاض، لكن وتيرة التخفيض ونسبته ستخضعان لمناقشات موسعة قبل إقراره فى الوقت الذى توقع فيه عدد من صناع السياسات الاقتصادية فى الولايات المتحدة أن يكون التخفيض الجديد بواقع 75 نقطة أساس على الأقل قبل نهاية عام ٢٠٢٤.
أظهر محضر اجتماع مجلس الاحتياطى الاتحادى (البنك الفيدرالى المركزى الأمريكي)، فى سبتمبر، والذى تم الكشف عنه مؤخراً أن أغلبية كبيرة من المسئولين فى البنك أيدوا بداية دورة التيسير النقدى بخفض أسعار الفائدة نصف نقطة مئوية، وهو ما يعد خفضاً كبيراً وغير معتاد فى السياسة النقدية الأمريكية، وذكر محضر الاجتماع أن مؤيدى خفض أسعار الفائدة نصف نقطة مئوية أكدوا أن مثل هذا التعديل للسياسة النقدية يجعلها أكثر اتساقا مع معدلات التضخم وسوق التوظيف.
وأشار آخرون إلى أن قرارات سبتمبر لم تكن وليدة اللحظة ولكن كان هناك ما يعززها، حيث كانت هناك أسباب معقولة لدعم خفض الفائدة وان تلك الأسباب بدأت فى اجتماع يوليو وأن البيانات منذ ذلك الحين عززت مبررات تيسير السياسة النقدية لكن تم ارجاء قرار التخفيض لسبتمبر مع توقع تخفيض جديد خلال الشهور المتبقية من العام.
وكشف محضر الاجتماع أن بعض المشاركين فيه كانوا يطالبون بخفض الفائدة ربع نقطة مئوية فقط وليس نصف وهو ما كان يحصل على تصويت بأغلبية مطلقة، حيث كثير ممن اعترضوا على النصف فى المئة كان من الممكن أن يدعموا قرار تخفيض الربع فى المئة.
ورغم ما جاء فى محضر الاجتماع بأن هذه الخطوة لا ينبغى تفسيرها بأنها دليل على توقعات اقتصادية غير مواتية إلا أن الأسواق لا تزال تراقب وهو ما دعا رئيس البنك الفيدرالى جيروم باول لأن يحاول طمأنة الأسواق بقوله إن هذه الخطوة كانت «ضرورية»ويقصد بذلك قرار خفض أسعار الفائدة بنسبة 0.5 فى المئة ــ نصف نقطة ــ فى خطوة هى الأولى منذ أربع سنوات. حيث قال إن القرار يأتى فى إطار خطة لمكافحة التضخم وبعد توقعات بشأن ركود اقتصادى فى الولايات المتحدة.
ووصف جيروم باول، اتجاه البنك لتخفيض الفائدة بأنه ضرورى مع بطء ارتفاع الأسعار وزيادة القلق فى سوق العمل. حيث واجه المقترضون الأمريكيون أكثر أسعار الفائدة ارتفاعاً، منذ أكثر من عقدين من الزمان. وأشارت توقعات البنك المركزى إلى أن الأسعار قد تنخفض بمقدار نصف نقطة مئوية، مرة أخرى بحلول نهاية العام.
وقال باول إنّ التخفيض يهدف إلى التأكد من أن تكاليف الاقتراض المرتفعة، الموضوعة لمكافحة التضخم، لن تؤدى إلى الإضرار بالاقتصاد الأمريكي. وأضاف: «سوق العمل فى مكان قوى – نريد أن نبقيه هناك. هذا ما نفعله».
وبالفعل أثرت قرارات سبتمبر فور صدورها نسبياً على أسعار الرهن العقارى وبطاقات الائتمان والادخار لملايين المواطنين الأمريكيين، كما من المتوقع أن تؤثر على آخرين أيضاً من مختلف أنحاء العالم، خاصة المصارف المركزية التى ترتبط عملاتها بالدولار، حيث تتأثر قراراتها بأسعار الفائدة التى يقررها الاحتياطى الفيدرالي، مثل هونغ كونغ والعديد من دول الخليج. لذلك من المتوقع أن يتأثر المقترضون فى تلك البلدان. وبالنسبة للعديد من الأشخاص خارج الولايات المتحدة من المستثمرين فى سوق الأسهم الأمريكية، فمن المرجّح أن يكون خفض أسعار الفائدة سواء الذى تم فى سبتمبر أو المتوقع مستقبلاً خبراً جيداً.