النداء الذي وجهه الرئيس السيسي للمستثمرين ورجال الاعمال والصناع والتجار في افتتاح محطة بشتيل للقطارات..واحد من اقوى واصدق النداءات التى تستحق الاستجابة على الفور وليس على التراخي لانقاذ ما يمكن انقاذه ووضع حد للفوضى والعبث وكل ما هو غير ضروري والتوقف عن قاعدة لزوم مالا يلزم..
الرئيس كان يخاطب الضمير الوطني والحس المصري الخالص حين قال بالنص:”يا جماعة، يا أهل الصناعة، يا مستثمرين، يا رجال الأعمال، ياللي شغالين في البنوك، ياللي شغالين في التجارة والصناعة، ياللي شغالين في الاستثمار.. اللي قدام منكم ده هي عبارة عن فرص عمل ليكم، لأن كل منتج من ده إحنا دفعناه بالدولار عشان نجيب المواد دية أو المنتجات دية تتباع في مصر “.. الرئيس اراد ان يضعهم امام مسئولياتهم الحقيقية لبناء الاقتصاد القومي لاستغلال الموارد الطبيعية زراعية وثروات معدنية وغيرها..لتوفير المنتجات المحلية.. لتشغيل الشباب..لتوفير العملة الصعبة.. وذلك بعد ان عرض عليهم الصورة والخريطة الاخيرة للاستيراد والمفارقات العبثية التي تذخر بها..
الكلام الذي قاله الرئيس السيسي من على قضبان محطة الصعيد الجديدة كلام مهم وخطير..وفي تصورري انه كفيل بان يزلزل اركان اي حكومة لا ان تطأطئ راسها بالموافقة وفقط بل يجعلها تنتفض من سباتها العميق وتقوم بتعديل البوصلة وتتجه نحوالقواعد الاساسية في بناء المجتمع وتطوره وبطريقة جادة وحقيقية والنهوض بالصناعة الوطنية والارتقاء بحركة التجارة تصديرا وترشيدها استيرادا ..
الرئيس كان يتكلم بالارقام والبيانات امام الجميع وفي حضور كل المسئولين في الحكومة وفي مقدمتهم رئيس الوزراء د. مصطفى مدبولي ليضع الجميع امام مسئولياتهم والدولة تواجه تحديات صعبة في ظروف دولية اشد صعوبة..
التعبيرات والانفعالات على وجه الرئيس تؤكد غضبه واستياءه من حالة الاستسهال والهروب الى الاستيراد في اشياء سهلة بسيطة ليس هناك مشكلة في انتاجها محليا بسهولة مما كان سيفتح ابواب وفرص عمل كثيرة للشباب وايضا سيوفر العملة الصعبة مما يسهل في تخفيف الضغط في الطلب على الدولار وتوفيره للسلع الاستراتيجية والحيوية..
الرئيس استعرض عددا من النماذج في حواره مع الفريق كامل الوزير نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الصناعة والنقل على الخريطة التى تم اعدادها عن حجم الانفاق بمليارات الدولارات خلال السنوات الاخيرة على السلع المستوردة تحديدا..
حقيقة الارقام مستفزة وموجعة في ظل الظروف والمعاناة والشكاوى المستمرة من غلاء المعيشة وارتفاع الاسعار وضعف المرتبات..القائمة توضح اننا انفقنا 8.7 مليار دولار لشراء المحمول!عطور ومزيلات عرق وماء تواليت بـ 440 مليون دولار.. مستحضرات تجميل تقريبا بـ 500 مليون..حقائب يد بـ 200 مليون.. شوكولاتة ب 400 مليون.. السيراميك، ب 235 مليون..ورق الفويل ب 500 مليون !! الأدوية للطب البشري 23 ملياروالمواد الدوائية 4 مليار دولار، ولوحات التوزيع للتحكم الكهربائي 2 مليار دولار..الجبن بمليار و200مليون دولار !و25 مليار دولار استيراد سيارات !!
المتامل في الصورة يجد ان بعضها يبعث على الغيظ ويثير في النفس مكامن الغضب عندما تجد انها يمكن الاستغناء عنها نهائيا حتى وان لم تتوافر بدائل محلية بل ان بعضها له اضرار صحية .. على سبيل المثال ورق الفويل والذي اصبح تجارة رائجة وربحها وفير هناك بدائل صحية تغنى عنها تماما وتجنب الفرد الاضرار الصحية والاصابة بامراض شديدة الخطورة كالسرطان وهشاشة العظام وتلف الاعصاب والزهايمر وغيرها بفعل ما ينتج عنها من سموم.. لقد توسع المجتمع في استهلاك ورق الفويل استسهالا واستخدمه في اشياء كثيرة ليس فقط في تغليف الاطعمة وفي عمليات الطبخ الشهيرة ولكن في تغليف الاثاث واشياء اخرى حتى اصبحت المقاهي في الاحياء الشعبية وغيرها تستخدم الفويل في تقديم الشيشة.. وكان المزاج لن ينضبط الا على ورق الفويل.. وهذه من المساخر المضحكات المبكيات في بر مصر العزيزة!!
هذا جانب من الصورة وبالتاكيد سلسلة السلع الاستفزازية طويلة ومؤلمة ومثيرة للسخرية والشفقة احيانا..
واذا كانت الجهات التى حددها الرئيس ومعها الحكومة بالتأكيد مطالبة بالاجتماع على الفور ووضع خطة العمل والانخراط في تنفيذها فورا.. فان هناك جهات اخرى تقع عليها مسئوليات لا تقل جسامة واهمية خاصة ما يتصل بالوعي وثقافة الاستهلاك وترشيده ماذا نأخذ وماذا ندع ومتى واين ولماذا..واسئلة اخرى عديدة الاجابة عليها تضع مفاتيح مناسبة لكثير من الازمات والمشاكل في حينها وليس عندما تكبر وتستفحل ويصعب الخرق على الراتع او الراقع.. وهي مهمة تشارك فيها كل مؤسسات التنشئة الاجتماعية ووسائل التثقيف والتعليم بكل انواعها وادواتها بدء من وسائل الاعلام المختلفة وحتى وسائل التواصل الاجتماعي الخطيرة والمدرسة والمسجد والاندية وقصور الثقافة وغيرها والعمل يجب ام يكون في منظومة متناغمة لا متنافرة يهدم بعضها ما يبنيه الاخر..
في انتظار خطة وقف فوضى الاستيراد للسلع الاستفزازية على الاقل في هذه المرحلة وخطة النهوض بصناعة المنتجات التى نرى انه من العيب الا تكون موجودة ومميزة في مصر مثل صناعة الاجبان والنسيج والروائح العطرية ومزيلات العرق واشباهها خاصة ولدينا تميز في زراعة وانتاج المواد العطرية ويتم تصديرها خام من بعض القرى مباشرة الى دول اوروبا خاصة باريس واسألوا محافظة الغربية ان كنتم لا تعلمون !!
والله المستعان..
megahedkh@hotmail.com