فنان الشعب محمد صبحي في مسرحية “فارس يكشف المستور” ذلك الذي سعي ونجح في كشفه ليقول انتبهوا، قدم من قبل فارس بلا جواد ليضعنا أمام واقع أليم صادم وهو حقيقة وجود جواد بلا فارس ، منتهجا مسرحة واقعنا بمفرداته الظاهرة، والمخططات التي نتعامي عنها مثل بروتكولات حكام صهيون ، وإرساء وتمكين وممارسة نظام التفاهة ،والمليار الذهبي ، والشرق الأوسط الكبير، ،ولم تعد مقولة فرق تسد بالكاشفة للحال بل أصبحت فتت تسد خلقا لشرق أوسط جديد فصله العدو تفصيلا،لتنزلق البلاد العربية فيه بلا حول ولاقوة ،العرض يخاطب الجيل الحالي وأجيال المستقبل، محاولة لشحذ وإشهار سلاح الوعي في مواجهة مخاطر مؤتمرات أمريكا وصنيعتها إسرائيل
صبحي مواصلا رسالته كأمين حامل للواء فن المسرح الرسالة والمسؤولية ، مسرح تحفيز الفكر والهمة وترقية الوعي ، ذلك الخط الذي لم يحد عنه طوال تاريخه، مصرا عليه برغم التدهور المريع لفن المسرح على يد ثلة انتهكت حرمته وقدسيته ونفرت وفضت عنه الجمهور باستهتاراتها وإفيهاتها السخيفة ، مؤكدا استحقاقه لثقة الجمهور كما عهدناه من قبل ، وقد حلق في دنيا قراءة الواقع ،يجوب التاريخ بين ماض وواقع مؤلم ومستقبل يخشى فقدانه،وعلى ضوء مصباح صبحي الذي كشف به ماغمض على البعض في تفسير لما يحدث لنا وبنا .
من خلال دعوة ورثة حافظ نجيب البالغ عددهم 22 للبحث عن كنز لجدهم الوطني الكبير، الأرض التي اغتصبتها ميسون مدللة غازي ، وهؤلاء الورثة فيهم الخائن والعميل ،والسوداوي والمحبط والانتهازي وسطحي النظرة والطماع ، وقد تحايلوا حتى أرهقوهم بالديون في سعيهم لتحقيق بنود بروتكولات حكام صهيون بحذافيرها، انتهت بتفرقهم يائسين قانطين لافتقادهم الوعي الحقيقي بما يدبر لهم .
مسرحية لفرقة استديو فارس يكشف المستور ميلودراما ( مشجاة) ، فسيفساء فني واقعي كوميدي غنائي استعراضية، تقدمها فرقة استديو الممثل ، تأليف وإخراج محمد صبحي، وشارك في كتابتها أيمن فتيحة، ديكور محمد الغرباوي، الأغاني أشعارعبد الله حسن، وألحان وتوزيع شريف حمدان، والبطولة لكل من : محمد صبحي( فارس) ، ميرنا وليد( بهية )، كمال عطية( دهب)، رحاب حسين( ميسون)، انجيلكا أيمن( نضال) ، ليلي فوزي( سعاد)، داليدا ( شيماء)، مصطفي يوسف( غازي)، محمد شوقي( شوقي)، لمياء عرابي( عبلة)، داليا نبيل( ملك)، مايكل ويليام( مايكل وليام،دقدق)، محمود أبوهيبة( سند)، حلمي جلال( عارف المحامي)، محمد عبد المعطي ( مختار) ، علاء فؤاد( كمال) ، محمد أبو بلال( رجل المحطة)، جمال عبد الناصر ، وليد هاني، والأطفال : مريم شريف( رحمة)، ريماس الخطيب( سارة)، لمار عواد( حنين) ، بلال محمد ( سيف).
تحقق لمخرج العرض ونجمه إيقاعا ساخنا حيا للعرض ككل وللممثلين ( إيقاعا ينصهر مع بعضهم البعض) ليحصدوا أقصى د رجات التفاعل والانتباه بين الجمهور ككل ، محققا اندماجا تاما وانصهارا لتشمل الخشبة بممثليها والصالة بجمهور ليس مشاهدا فقط بل مشاركا فعليا في الحدث بعقله وروحه، مترقبا الأحداث التي تعرض على الخشبة، وهي بالفعل مايتعرض له في حياته ، منميا حالة من الوعي والإيجابية واستشعار المسؤولية ، يتم هذا من خلال نص صيغ بدقة فنية وفكرية دقيقة من قبيل السهل الممتنع .
المسرحية من فصلين تضم سبعة مشاهد ، تأكيدا على أن المسرح أبو الفنون تجمعت في سينوغرافياالعرض(فن تصميم مشاهد العرض..الصور المسرحية ) المزج بين شاشة الفيديو لتؤدي دور الراوي كمقدمة تمهيدية للعرض برولوج،وفي نهاية العرض(قرب المشهد الختامي ابيلوج) مستعرضا جرائم الأمريكان عبر التاريخ الأسود ،الديكور وتعدد المشاهد محطة مصر ..بيت السداوي..قصر السداوي الفاخر..قصر السداوي الخالي من الأبهة بعد الديون المتراكمة، الموسيقي المسرحية التصويرية المصاحبة للعرض ،الأغاني المدعمة لدراما العرض ومحاولة تقوية تأثيره في الجمهور ،وتنوع الإضاءة بدرجة شدة مختلفة تتوافق والأحداث، الأداء السلس المنضبط للفنانين المشاركين وتناسب الحوارات مضمونا وطولا وقصرا مع كل شخصية بإحكام ، وهذا أدى إلى تحقق إيقاع ساخن يستحوذ على حواس جمهور العرض تدفعه الترقب والتشوق للإجابة التي تحمل تفسيرا لكل ما يمر بهم في واقعهم الأليم من تحديات وحروب ومكائد
مسرحية فارس يكشف المستور أعادت للمسرح هيبته ورسالته وقدسيته مؤكدة أنه مدرسة الشعب بقيمته ودوره الخالد في ترقية الوعي ، وملامح العمل بروح الفريق، المسرح الباقى الوحيد على العهد الفني، المسرح كما ألفناه وعهدنا فيه أن الوعي قضيته الأساسية ، العزف على أوتار مكونات المسرحية وتعزيزها بدءا بالكلمة القوية التي صيغت بمهارة ،مع ماظهر جليا ودللت عليه الصورة المسرحية البهية وديكورات المشاهد بدلالتهامع الموسيقى والأغاني والأداء السلس المنضبط،في تلاحم مع ايقاعات الممثلين ككل ليتحقق إيقاع العرض في أبهى صورة.
توظيف الأطفال المشاركين في العرض وإفراد مساحات مناسبة لهم تعكس رؤيتهم للحاضر والمستقبل،عرض كله أبطال إذ توحدوا في أداء منضبط ،لا إيفيهات ولاخروج على النص.