تفتح كافة الأحزاب السياسية أبوابها للمشاركة الشبابية التي تثري العمل بها؛ حيث نشاهد تصدر الفئة الشبابية المشهد في كافة الاجتماعات والاحتفالات والفعاليات التي تقوم بها الأحزاب على أرض الواقع، والحق أن المساحة المتروكة لانضمام العنصر الشبابي صارت بسيطة ومنفتحة، ونتيجة للتوعية المستمرة تجاه العمل الحزبي هناك المزيد من الإقبال والمشاركة.
وثمة إقرار بمقدرة الفئة الشبابية على تولي بعض مراكز اتخاذ القرار بالدولة المصرية، وهذا خير دليل وشاهد على المُناخ السياسي الإيجابي المشجع على المشاركة دون توجس أو خوف أو تردد كما كان من قبل، ونرصد حالة النشاط التي انتابت الشباب حيال الانتماء الحزبي، ويعد هذا حالة من التفرد والتميز والريادة الشبابية في مكوناتها وفعالياتها.
وما مرت به الدولة المصرية من تموجات وتغيرات سياسية في العقدين المنصرمين شكلا شعورًا بالطمأنينة لدى الشباب وحفزهم للمشاركة في الأحزاب السياسية المتعددة ومتنوعة الفكر والرؤى؛ لتصبح منبرًا حرًا آمنًا ومسئولًا يفرغ من خلاله الشباب طاقاتهم الفكرية، ويعبرون عن تطلعاتهم ويرسمون مستقبلهم من خلال عمل تنظيمي ديمقراطي يتسم بالعدالة والمساواة وتكافؤ الفرص.
ولقد كان لمخرجات الثورات في مصر وخاصة ثورتا الإصلاح والتصحيح أثر كبير على الممارسات الحزبية، حيث ساعدت على تصحيح المسار السياسي وزيادة مشاركة الشباب بدلاً من تهميشهم، حيث شارك الشباب بشكل فعال في الأحزاب السياسية، مما ساعدهم على أن يصبحوا أقوى وأكثر فاعلية، كما أصبح التمثيل في الحياة السياسية أكثر إنصافا، حيث لم يعد الوصول يقتصر على مجموعات محددة، بل يتم الاختيار وفق الكفاءة والمهارات المحددةللشباب المصري أصحاب الريادة والتميز في مختلف المجالات.
كما ساهمت الثورات في تطور الأحزاب السياسية والممارسات الحزبية فمن الناحية العملية، وجد اهتمام أكبر بتعزيز ودعم القيم الديمقراطية والحريات المسؤولة وتحسين البيئة السياسية، مما أدى إلى تعزيز التواصل مع القيادة السياسية، وساعد على تعزيز الثقة بين الحكومة والمواطنين، وتم تحقيق نتائج حقيقية لتمكين الشباب وقد لوحظ ذلك في قطاعات ومجالات متعددة، مما يعكس نجاحهم في التأثير على السياسة العامة والمشاركة في صنع القرار، وهذا يوفر للشباب فرصًا أكبر للمشاركة بفعالية في بناء مستقبلهم.
ونؤكد أن شبابنا المصري الواعد قد نجح في كل ما أوكل إليه من مهام؛ حيث قدرته على صناعة واتخاذ القرار ومساهمته في تقديم الدعم المساندة عبر المبادرات الرئاسية والمجتمعية؛ فقد كان بمثابة القاطرة التي حققت ثمار العمل التطوعي والتنافسية المحمودة وتقديم العون لمستحقيه والمقدرة على التواصل والتحمل والمثابرة من أجل تحقيق الهدف المنشود.
وكافة الأحزاب السياسية الفاعلة في مصر العظيمة تعي أهمية المشاركة الشبابية من خلالها؛ حيث تسهم تلك الفئة في تحقيق استراتيجيتها بمرحلتيها الآنية والمستقبلية؛ فبسواعدهم تنظم الدورات التدريبية التي تعبر أهدافها عن فكر واقعي مبتكر، وتسعى لتوعية أفراد المجتمع بما يحقق التنمية المستدامة، والمحافظة على مقدرات الوطن، والعمل الجاد الذي يؤدي إلىالتحسين والتطوير.
ولا نغالي إذ نقول بأن النضج السياسي مرهون بالمشاركة الشبابية بالأحزاب السياسية، ونقر بأن هذا الأمر بات ضروريًا لحدوث تغيرًا مستقبليًا للعمل الحزبي يساعد على التجديد والحداثة؛ فقد اعتمد العمل البرلماني، منذ بداياته، في العالم أجمع، على العنصر الشبابي.
وثمة تأكيد على أن مشاركة الشباب في العمل الحزبي له ثمرات يصعب حصرها؛ إذ تؤدي للتمكين الديمقراطي الذي يؤسس لحضور الفئة الشبابية ويكسبها الخبرة المربية في كل ما يتعلق بالعمل السياسي والدبلوماسي؛ فيعتبر مدخلًا رئيسًا من مداخل المؤسسات التشريعية.
ويشير المشهد السياسي الحالي الذي يصف بوضوح صورة المشاركة الحزبية للشباب مدى مقدرة هذه الفئة المتميزة على تقديم رؤية فاعلة في التنمية الاجتماعية والاقتصادية عبر أحزابهم التي ينتمون إليها، ويبدو هذا جليًا في مقدرتهم على إعداد وتصميم وتنفيذ الأنشطة التي تخدم الجانب الاجتماعي في الواقع الميداني.
وبما لا يدع مجالًا للشك أن شبابنا المصري يمتلك من الخبرات النوعية ما يساعدهم في تحسين وتطوير الجانب الاقتصادي بصورة فاعلة، مع المتابعة المستمرة التي ينتج عنها تقديم التعزيز اللازم لتلك المجالات التي تشكل المسار الإجرائي المستهدف من الأحزاب والتي لا تقتصر على السياسة فقط.
ومشهدنا السياسي المتفرد يؤكد أن هناك تغيرًا ملموسًا ومحمودًا في الممارسات الحزبية عن ذي قبل؛ فقد تصدر المشهد كثير من الشباب الواعي المثقف الذي يمتلك المهارة والخبرة النوعية في التخصصات والمجالات العلمية المختلفة؛ لذا انعكس ذلك على الحياة السياسية في مصر بصورة واضحة.
أستاذ أصول التربية
كلية التربية للبنات بالقاهرة – جامعةالأزهر