كان وحيدا ،أصغر خمس شقيقات ، وفر له والده سليل عائلة عريقة بالصعيد كل أسباب التفوق ، أصبح معيدا بالجامعة ،سافر لبعثة دراسية لنيل الدكتوراه من أحد الجامعات الأوروبية ،تاركا زوجته ،التي لم يرزق منها بأطفال في البيت الكبير ،في رعاية أبيه وأمه ، تزوج بأجنبية ،رزقا بثلاثة أبناء،مما أسعد أبيه وأمه ، حتى زوجته ،وهي أيضا ابنة عمه ،ليحمل الأحفاد ذكرى جدهم .
حدث خلاف على أسبقية الري بين والده وجاره،انتهى بمقتله، قبض على القاتل ،رفضت العائلة أن تتلقى العزاء ،أرسلت الأم لابنها كي يحضر ليثأر لأبيه، وإلا ضاع دمه هدرا ،حضر خفية على الفور ، كمن للطبيب الشاب ابن قاتل أبيه،قتله ،مشى فخورا مبتهجا متباهيا في البلدة،يطلق الرصاص ابتهاجا بنيله الثأر ،أثناء محاكمته سأله القاضي ،لم لم تترك القضاء يقتص لك ،؟!!!،وأنت من أنت!!!! ،تعليمك بالخارج،شهاداتك!!! ،ضحيت بكل هذا لماذا؟!!،هل لم يغير فيك العلم تلك النزعة القبلية البربرية؟!!!، لسنا بغابة ،هناك قوانين تحكمنا جميعا ، أجاب القاضي أنا صعيدي حر ،لا أقبل أن يضيع دم أبي هدرا ،كيف سأواجه أمي ،أعمامي أولادي،أهل قريتي،زوجاتي؟!!!، وحكمت المحكمة بالسجن المؤبد،الزوجة الأجنبية قطعت كل صلاتها بأهله ، ولم يسمع أحد بعدها أي خبر عنهم، هاهو في الزنزانة يقضي عقوبته ،لكن دوامة الثأر لم تنته،خربت البيوت ،هجرها ساكنوها ، بين الحين والأخر يسقط القتيل تلو القتيل ، من العائلتين ،تعوي الذئاب في ليل القرية البهيم.