أدان مركز هردو لدعم التعبير الرقمي حكم الإعدام الجائر الذي أصدرته محكمة أم درمان بالسودان الخميس الماضي بإعدام الفتاه نورا حسين والتي تبلغ من العمر 19 عاما بتهمة قتل زوجها بعدما رفض أهل القتيل الدية، والجدير بالذكر أن نورا قد طعنت زوجها إثر دفاعها عن نفسها إثر محاولته اغتصابها بمساعدة عدد من أقاربه. ثم عادت لبيت أهلها الذين سلموها للشرطة السودانية . أثارت الحادثة ردود أفعال غاضبة على مواقع التواصل الاجتماعي
تعود الواقعة لبداية عام 2017 حينما حاول الزوج اغتصاب نورا بمساعدة أقربائه بعد استدركه لها بمساعده أبيها، وكان نورا قد تزوجت في عمر السادسة عشر ضد رغبتها، حيث أجبرها أبوها على الزواج من المغتصب وبعدها هربت نورا من البيت لمدة 3 سنوات قبل أن تعود لمنزل أبيها بعد تطمينه لها بأنه سوف يسعي للطلاق من هذا الزوج. لاحقا أجبرها الأب على القبول بالأمر الواقع، وهو ما أدي للحادثة التي أشعلت فتيل الحديث عن الاغتصاب الزوجي في السودان وفي الوطن العربي كافة.
وعن تفاصيل الواقعة وحالة نورا في السجن يحكي محاميها خضر الأمين تفاصيل ما حدث لها، قائلًا إنه لدى التقائه بها في الحبس “كانت حزينة جدًا وفكرت في الانتحار لكنها لم تجد وسيلة تنفذ بها ذلك”.
وأضاف المحامي خضر الأمين إن نورا لم تكن راغبة في الزواج من شخص خُطبت له قبل 3 سنوات، وإنها تعرضت للضرب والإكراه والتعنيف وطلبوا منها في أحايين كثيرة أن تبدي علامات الرضا على وجهها عندما يحضر لها هدية، مُشيرًا إلى أنه أثناء الإعداد لمراسم الزواج “كانت كلما تعترض تتعرض للضرب حتى وهي ترتدي ملابس الزفاف إذ كانوا يقومون بإدخالها إلى إحدى الغرف ويضربونها ويطلبون منها أن تبتسم وتبدي سعادتها بالزواج وقد فعلت ذلك، وهي مُرغمة”.
بعد وصولهما إلى شقة الزوجية، رفضت نورا محاولته ممارسة الجنس معها، بحجة أنها في أيام الحيض (الدورة الشهرية). حينذاك دعا الرجل 7 من أقربائه لزيارته، فأعدت لهم الشاي، وبحلول منتصف الليل بات 4 منهم معهما، وقاموا بضربها وكتموا صوتها بمخدة وشلَوا حركتها حتى يتمكن الزوج من معاشرتها أمامهم.
وعندما جرّب زوجها تكرار المحاولة بمفرده، رفضت وسددت له طعنات بسكين، وفرّت إلى بيتها وأبلغت أسرتها بما حدث، فأخذها والدها إلى قسم الشرطة، ومنذ ذلك الحين تنصل زوجها وأهله منها وامتنعوا عن زيارتها، وغادروا مقر إقامتهم في الباقير بولاية الجزيرة خشية من الثأر القبلي.
لاحقا أجبر المحامي علي التراجع عن الدفاع عنها أمام المحكمة بسبب مضايقات تعرض لها أثناء المحاكمة، يذكر أن القانون السوداني لا يجرم الاغتصاب الزوجي كما في معظم القوانين العربية، ولا يعترف المجتمع بها كجريمة. أيضا يجيز القانون السوداني زواج القاصرات فوق عشر سنوات ويسير خلف العرف الاجتماعي المعترف به من قبل الاغلبية .
تنتشر ممارسات العنف الجنسي من قبل الزوج بكثرة في المجتمعات العربية حيث بيّنت إحصائية صادرة عن الأمم المتحدة في العام 2015 أن 30% من النساء حول العالم تعرضن لأشكال عدة من العنف الجسدي والجنسي. عربيًا، نقرأ بين وقت وآخر تقارير صحافية حول انتشار “الاغتصاب الزوجي” تحت ضغط العادات والتقاليد، علمًا أن القوانين لا تعدّه “جريمة” تستوجب العقاب. وفي مصر، قال تقرير لمنظمة الصحة العالمية في 2013، إن 35% من النساء يتعرضن لعنف جنسي من أزواجهن. وهنالك دراسة للاتحاد النوعي لمناهضة العنف ضد المرأة والطفل، تمت بين منتصف 2012 ومنتصف 2015، وشملت 700 أسرة في مركز أخميم بمحافظة سوهاج، أفادت بأن 80% من الزوجات يتعرضن لعنف جنسي زوجي.
تلك الحادثة إن دلت علي شيء فإنما تدل على فشل الحكومات العربية بشكل عام والسودانية بشكل خاص في معالجة قضايا الزواج القصري، وتزويج القاصرات وأيضا الاغتصاب الزوجي، وهو ما يدعو لإعادة النظر في قوانين الزواج بشكل خاص والأحوال الشخصية بشكل عام لأن تلك القوانين تدعم نظرة المجتمع الذكورية للمرأة.
لما سبق وتأكيدا علي الأكواد والأعراف الدولية فيما بتعلق بحقوق المرأة يطالب مركز هردو بإلغاء الحكم الصادر من محكمة أم درمان وإعادة التحقيق في القضية أخذا في الاعتبار الظروف الاجتماعية المحيطة. كما يؤكد المركز علي رفضة لعقوبة الإعدام لأنها الأكثر قسوة ولا إنسانية وإهانة. خاصة إذا طبقت على ضحية مثل نورا وليست جاني.
ويطالب المركز بإعادة النظر في القوانين المنظمة للزواج في المجتمعات العربية بما يضمن تجريم كل من الزواج القصري، وزاوج القاصرات والاغتصاب الزوجي وغيرها من الجرائم التي تعتدي على حرمة جسد المرأة.
أيضا يطالب المركز كل المدافعين عن حقوق الإنسان في العالم بالتضامن والضغط من أجل إنقاذ حياه تلك الفتاة البريئة، لم يتبقى أمامنا سوي أيام قليلة قبل أن ينفذ حكم الإعدام، ولنأمل جميعا أن ننجح في إنقاذ تلك الروح.