حق الشعب في رؤية نوابه واعمالها ممن خلال البث المباشر للاعماله من خلال البرلمان اصبح حق من الحقوق السياسية العامة للمجلس ان يساعد ويساهم فيه لان هناك أيضا مستوي من الأداء الهابط… عدد كبير من نواب البرلمان انقطعت صلتهم بدوائرهم فور إعلان النتيجة، وتصور البعض منهم أن الحصانة تعتبر شيكاً على بياض يسمح له بأن يفعل كل ما يحلو له دون أي اعتبار لصاحب الحق الأول والأخير في هذا الصدد وهو الناخب الذى منح السيد النائب تفويضاً على بياض لكى يعبر به إلى مجلس النواب.
وثمة ثوابت لا يسمح بالتجاوز عليها من منظور الرؤية الملكية للدولة وهي انه لا يمكن ان يسمح لاحد ان يستغل او يوظف الدين لتحقيق مصالح واهداف سياسية او خدمة مصالح فئوية اذ ان التجاوز على هذا الثابت من شانه نشر الحقد او التطرف والاقصاء وعدم قبول الاخر وهذا خط احمر ومرفوض من المصريين جميعا الذين تجمعهم قيم السلام والاعتدال والوسطية، والمساواة والحرية والتعددية، والرحمة والتعاضد وقبول الاخر، والمثابرة والانفتاح والمواطنة الصالحة وهي خصائص ورثناها واصبحت من شيم الاردنيين يتوارثونها جيلا بعد جيل.
لا تعادي الدولة المدنية، العقائد أو ترفضها، فهي الباعث والمحرض على الصدق والأخلاق والاستقامة والالتزام. والعمل والإنجاز والنجاح في الحياة. إن ما ترفضه هو استخدام الدين لتحقيق أهداف سياسية، والاستغراق في تفسيرات تبعده عن عالم القداسة وتدخل به إلى عالم المصالح الضيقة. من ثم فإن الدين ليس أداة للسياسة وتحقيق المصالح، ولكنه طاقة وجودية وإيمانية تمنح الأفراد مبادئ الأخلاق وحب العمل.
فالدولة المدنية لا تتأسس بخلط الدين بالسياسة. إن الدين يظل في الدولة المدنية عاملاً أساسياً في بناء الأخلاق وفى خلق الطاقة للعمل والإنجاز والتقدم. هذه وظيفة للدين أصيلة في كل المجتمعات الحديثة الحرة.
ومن ثم فليس صحيحاً أن الدولة المدنية تعادي الدين أو ترفضه. فالدين جزء لا يتجزأ من منظومة الحياة وهو الباعث على الأخلاق والاستقامة والالتزام، بل إنه عند البعض الباعث على العمل والإنجاز والنجاح في الحياة. ينطبق ذلك على الإنسان في حياته اليومية كما ينطبق على رجال السياسة بنفس القدر.
إن ما ترفضه الدولة المدنية هو استخدام الدين لتحقيق أهداف سياسية، فذلك يتنافى مع مبدأ التعدد الذي تقوم عليه الدولة المدنية، فضلاً عن أنه ــ وربما يكون هذا هو أهم هذه العوامل ــ يحول الدين إلى موضوع خلافي وجدلي وإلى تفسيرات قد تبعده عن عالم القداسة وتدخل به إلى عالم المصالح الدنيوية الضيقة. من ثم فإن الدين في الدولة المدنية ليس أداة للسياسة وتحقيق المصالح، ولكنه يظل في حياة الناس الخاصة طاقة وجودية وإيمانية تمنح الأفراد في حياتهم مبادئ الأخلاق وحب العمل وحب الوطن والالتزام الأخلاقي العام.
في ظل مشهد كهذا أصبح شعار “ابحث عن النائب” مرفوعا بقوة في عدد كبير من قرى ونجوع مصر، وصارت رؤية الممثل الشرعي لأبناء الدائرة أو الوصول إليه عبر سماعة الهاتف حلماً بعيد المنال، وفيما تتراكم تلال المشاكل على رؤوس العباد، يبدو عضو البرلمان الموقر مشغولاً، وبشدة، بالحديث في الشأن العام لعدد من وسائل الإعلام،
ولا يمنعه هذا بالطبع عن إدارة شئونه الخاصة، والتي يتم إنجازها سريعاً، بوصفه عضواً في البرلمان، وفى ظل هذا كله فإنه لا يجد من الوقت كي يغرق في عدد من المشاكل الهامشية على شاكلة البطالة التي يشكو منها كثير من أبناء دائرته في الصباح والمساء، وارتفاع الأسعار، أو ازدياد معدل الجرائم. عدم الرضا لدى شرائح واسعة من المواطنين عن أداء نواب البرلمان الحالي كشف عنها أكثر من تقرير لحملة راقب، التي سجلت تراجع معدلات رضا المواطنين عن أداء نواب البرلمان، بشكل وصفته الحملة بـ”المفزع” في أكثر من تقرير، متوقعةً أن يكون المجلس “بلا شعبية”، مؤكدة أنه لا تزال معدلات الرضاء العام للمواطنين عن أداء مجلس النواب في حالة تراجع مستمر.
اللافت للنظر في هذا الصدد أن النواب لا يغيبون فقط عن دوائرهم إنما امتد الأمر إلى حد العزوف الجماعي لدى البعض عن حضور جلسات البرلمان ذاتها، وهو ما يفرغ كلمة النائب من أي معنى لها، فماذا يعنى كونك عضواً بالبرلمان وأنت لا تشارك في نقاشاته ولا تتواصل في الوقت نفسه مع من منحوك أصواتهم.
الحل للمشكلة من جذورها يبدأ عبر إعادة البث التليفزيوني للجلسات، حيث تسبب توقفه في تغيب كثير من النواب عن حضورها، كما يجب تدشين عدد من الحملات الشعبية في الدوائر يتم فيها توظيف مواقع التواصل الاجتماعي لإبراز الدور الإيجابي لعدد من النواب الناجحين والتشهير بالمقصرين.
ما يتناساه بعض أعضاء البرلمان الحالي، الذين لن يكون لهم بلاسك مكان في مجلس النواب القادم، هو أن الناس قادرون جيداً اليوم أكثر من أي وقت مضى على التمييز بين الغث والثمين. ارتبط نمو الاتجاهات الديمقراطية في مختلف أنحاء العالم بدور البرلمان، حيث مثل عبر التاريخ نقطة الانطلاق لأفكار الحرية والمساواة والمشاركة السياسية والشعبية في الحكم. كذلك كان البرلمان منبع الحركة الوطنية والمطالبة بالاستقلال في الدول النامية خلال الفترة الاستعمارية.
وتساهم البرلمانات في تشكيل الرأي العام، وبلورة الاتجاهات السياسية العامة حول النظام السياسي، ولا يقتصر تأثيرها في الرأي العام على النطاق الداخلي وإنما قد يمتد الى النطاق الخارجي، فيما يسمى الدبلوماسية الشعبية، التي أصبحت إحدى العلامات البارزة في العلاقات الدولية المعاصرة، واستطاعت أن تشكل قنوات تأثير على الرأي العام الدولي، وهى تجربة قام بها المصريون في أعقاب ثورة الخامس والعشرين من يناير إذ سافروا في وفود إلى الإمارات وإثيوبيا وغيرهما من الدولة.
دكتور القانون العام ومحكم دولي معتمد
وعضو المجلس الأعلى لحقوق الانسان