يخوض معظمنا الكثير من الحروب النفسية في شتى مناحى الحياة العملية والاجتماعية، حيث إن الأصل فى الدنيا أنها دار بلاء ومشقة وعنت لحكم يعلمها الله، ولعل من الحكم في ذلك أن لا يركن الإنسان إلى الدنيا فيخلد إليها ويظن أنها نهاية المطاف، ويزيد على ذلك الفترة الاستثنائية من التاريخ التى تضعنا فيها جائحة كورونا حيث أثرت على سيكولوجية جيل بأكمله، فقد غيرت طبيعة الحياة التى نعرفها وبالرغم من حتمية تاثيرها على كل منا لعقود قادمة فإنها لا تعدو كونها تحديا من التحديات التى تواجه البلاد كحالات الحروب، فهى بالفعل حرب والمريب فيها أنها غير معلنة مع عدو خفي.
ومن أقوى ما كتب فى سيكولوجية الحروب هو كتاب (فن الحرب) للجنرال العسكري سون تزو، وهو أطروحة عسكرية صينية كتبت أثناء القرن السادس قبل الميلاد للتخطيط العسكرى وسيكولوجية الانتصار فى الحروب. وهو من المؤلفات التاريخية المؤثرة هو عبارة عن مجموعة من المقالات العسكرية الاستراتيجية، ومع ذلك فهو واحد من أهم وأندر الكتب في تاريخ العالم بأكمله، وترجع الأهمية الكبرى لهذا الكتاب إلى بقاء كل ما كتب فيه من مبادئ واستراتيجيات صالحة للتطبيق إلى يومنا هذا، وهو ما جعله الكتاب الاستراتيجي الأهم تاريخياً بلا منافس رغم تجاوز هذا الكتاب أكثر من 2500 عام.
والمؤكد ان كل منا يسعى لتحصيل «فنّ الحرب» في الحياة العملية حتى يستعد لها ويدرك قوانينها ومبادئها وكيفية النصر فيها بأقل الأضرار والالتزامات وطرق المناورة والتنويع التكتيكي من أجل انتهاز الفرص والانقضاض عليها وتحويل الانتكاسات والانكسارات إلى مكاسب وإنجازات؟
ولكن ومن واقع قراءتي وشغفي بمعظم جوانب هذه الأطروحة العسكرية المثيرة اكتشفت أن معظم أركانها تعتمد على العامل النفسى للطرفين (الحرب النفسيه)
وتفتقر لجانب منوط بنا كأصحاب عقائد دينية وكتب سماوية وهو اليقين والعقيدة ومعية الله، فالحرب أعقد من كونها وصفة متبعة ينتج عنها النصر لما فيها من عوامل صدف وحظوظ وغيب والأهم عوامل نفسية.
فماذا لو أن الطرفين قرآ كتاب سون تزو (فن الحرب) وتشربا تفاصيلة بكل مناحيها فلو كان النصر محسوما لمن يفعل ذلك فمن سينتصر منهما فى هذه الحالة؟
أرانا الله عز وجل الجواب فى غزوة بدر فى السابع عشر من رمضان حيث كان عدد المسلمين 313 وعدد المشركين 1000 ولكن ما حدث وذكر فى القرءان ولم يتطرق له الكثير منا هو معجزه من عند الله فأرنا الله لهم قليلين ليستهينو بينا وأرهم الله لنا قليلين ايضآ لينزع من قلوبنا الخوف فيحدث النصر . قال تعالى: “وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا ۗ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ”
فكانت غزوة بدر بمثابة برهان أثبت أن ليس النصر إلا من عند الله، وأنة لا ضامن للنصر وإنما فالله يؤتى نصرة من يشاء.
استراتيجية المعية الإلهية استراتيجية إيمانية تفوق جميع الاستراتيجيات العالمية وتأتى ذكرى غزوة بدر فى هذه الأيام العصيبة، حيث كوفيد 19 اللعين الذي ما ترك بيتا من بيوتنا إلا وهتكة ليلقنا درسًا بأنه حتى وإن انقطعت كل السبل والأسباب يبقى باب الله مفتوحًا.