اراد أن يعبر عن نفسه أمامي كرجل مثقف فقد التقيته صدفة لأول مرة (ولا ادري أن كان قاصا أم شاعرا) لكن يبدو أنه يعرفني . فقد رمى لي بإشارة خفية على أنني كاتبة (مشاكسة) قليلا.
كان يجلس في نفس الغرفة عدة أشخاص (مثقفين مثله) وانا كذلك لااعرفهم ..اعتقد انني غير منتمية لما يسمى بال (مثقفين) يالحماقتي وبؤسي!
وعلى حين غرة نطق هذا الرجل متكلما عن ماهية الحزن و تأثيره على الروح .
فقال إن( للحزن صيرورة عميقة).
فهز المثقفون الجالسون رؤوسهم بالإيجاب إلا أنا فقد رحت أسال نفسي خفية لماذا يتكلم هذا الرجل بكل ذلك التعقيد ؟ صيرورة ..ياإلهي .. وربما هنالك ال (سيرورة) ايضا.
يكفي لو إنه قال (للحزن وقع كبير في نفوسنا ) مثلا .
لماذا يستعمل المثقفون كلمات غريبة لها وقع ساخن على الاذن .
رحت اسال نفسي كيف يتكلم هذا الرجل مع البقال والقصاب هل يقول له مثلا (انتقي لي كيلو من لحم ظأن فتي عدمي الرؤى وجودي الفكر ذا شحم له صيرورة خالدة الذوبان)
لماذا لايتكلم ال(المثقفون)مثل مانتكلم نحن العامة من الناس !
ولماذ يلجأ بعض شعراء هذا الزمان إلى تكوين قطع نثرية من كلمات تجدها في النهاية تعطيك صورة غير مفهومة.
وعندما تسال لماذا يجيبونك انهم يكرهون ال(مباشرة) وإنها سذاجة والشاعر الفخم هو من يكتب لك نصا لا تفهمه فيفحمك . ولا يجب ان تسال هذا السؤال والا فستكون (غير مثقف )
ماذا تعني هذه الصورة الشعرية فالمعنى غير مفهوم والكلمات غير مترابطة ؟
لو سألت هذا السؤال فستحل عليك اللعنة الفرعونية وسيقولون لك( انت لديك مشكلة في الفهم ).
(فهم البنيوية الحداثوية ومابعد الحداثوية الرمزية السريالية الغرائبية الأمبريالية الجماهيرية الليبية الميتافيزيقية ايها الجاهل )
فتصمت حينها وجبينك يندى عرقا من جهلك (الوجودي) فأنت لست سوى انسان بسيط لايرقى إلى مستوى (صيرورة) المثقفين فيالك من بائس.
لكن لاتشغلوا بالكم يأصدقاء فنحن عامة الناس كلامنا أجمل وهيا بنا لنحتسي كوب من القهوة الساخنة واكرر احتسوا ولاتشربوا ..فالإحتساء يصنع منا أناس ذو (صيرورة) ثقافية كبيرة