ان النظام الاقتصادي في الإسلام يرمى الى خلق جو من الحب والايثار بين افراد المجتمع وكانت وسيلته الى ذلك تحقيق العدالة الاجتماعية بحيث لا يوجد جائع يعيش بجوار متخم بل يستطيع جميع افراد المجتمع أن يعيشوا حياة كريمة كل على حسب عمله وجهده.
الإسلام لا يحارب الغنى مادام قد حصل على ماله بطريق مشروع وليس على حساب الاخرين، والإسلام يبيح عند الضرورة ان يؤخذ من مال الغنى ما يفي بحاجة الفقير أو بحاجة الدولة، وكثيرا ما اختفى الفقر في ظل النظام الاقتصادي الإسلامي حتى كان الغنى يبحث عمن يتسلم منه الزكاة فلا يكاد يجده .
وهكذا تجد الزكاة أداة تطهير وتزكية للنفوس قال الله تعالى ” وخذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها ” (سورة التوبة الآية 103)
والإسلام بالزكاة ينقل الانسان من الانانية إلى الايثار ومن الفردية إلى دنيا الجماعة فيحس أنه فرد في هذا المجتمع ينتفع به وينفعه.
وقد بين الله ان المؤمنين الذين يخرجون الزكاة مفلحون وأن اخراج الزكاة كالخشوع في الصلاة فقال جلا وعلا “قد افلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون والذين هم عن اللغو معرضون والذين هم للزكاة فاعلون” (سورة المؤمنون).
وقد حرص المسلمون الأولون على أن يؤدوا زكاة أموالهم الى مستحقيها، كما تعفف الفقراء من المسلمين، لانهم كانوا يحرصون على كسب قوتهم بعملهم، حتى اصبح المسلم الغنى أيام الخليفة الأموي عمر بن عبدالعزيز يحمل زكاته ويطوف بها , فلا يجد من يأخذها منه .
وكثيرا ما اسهمت الزكاة في خلق فرص عمل للفقراء لان من الزكاة ما يدفع للعاجز أو الضعيف ومنها ما يدفع للفقير القادر على العمل ليكون رأس مال له في تجارة ينميها، او زراعة أو صناعة يعرفها وكان عمر بن الخطاب ينصح الفقراء القادرين على العمل من أخذي الزكاة بأن يبتاعوا غنما ليكونوا ثروة وينموها. وكان أكثرهم يستجيبون له ويعملون بنصيحته.
وحق المسلم على المسلم لا ينتهى بأداء الزكاة بل ينبغي على القادر أن يبادر بتقديم العون لآخية المحتاج فقد ورد في حديث صحيح أن رسول الله قال ” ما أمن بي رجل بات شبعا وجاره جائع الى جانبه وهو يعلم ”
وارشد الله المنفقين الى الآداب التي يجب اتباعها عند أداء حق الفقير في أموالهم، او الانفاق بصورة عامة، فنهاهم عن الرياء والمن والآذى.
فالإنفاق ينبغي ان يقترن بالخلق الحسن حتى يسود الحب بين افراد المجتمع فيتعاون الجميع في خدمة المجتمع والنهوض به وبلوغ الهدف المنشود.
وهكذا يتبين أن النظام الاقتصادي للإسلام هو النظام الأمثل الكفيل بإسعاد المجتمع وإيجاد الحب والتعاون والإيثار بين افراده، فهو لا يحارب الغنى مادام بطريق مشروع، وانما يحارب الفقر ويعمل على القضاء عليه وهو يحث على العمل والسعي في الأرض ويحرص على تحقيق العدالة الاجتماعية ووسيلته الى بلوغ هذا الهدف قيام كل فرد من افراد المجتمع – حاكما كان أو محكوما – بواجبه ومراقبة الله في عمله وابتغاء وجهه الكريم.
المحامى – مدير أحد البنوك الوطنية بالمحلة الكبرى سابقا