على مر التاريخ ارتبطت مصر والسودان بعلاقات ومصير مشترك,تجمعهم أواصر الجوار الجغرافى والتشعب فى النسب ,ومصالح النظام العربى ككل,قبل أن تتحول السياسية السودانية فى العقود الاخيرة الى اتباع ايديولوجيات دينية وسياسية تتفق مع بعض الاجندات الاقليمية بها نبره من العداء الى مصر وشعبها ,وافتعال عدة قضايا لتروج لها اعلاميا فى الاوساط الشعبية تصور مصر على أنها دولة ذات سياسة معادية للسودان وشعبها على عكس الحقيقة,فمصر حريصة دائما على الوقوف الى جانب اشقائها وجيرانها ولا سيما الدول العربية ومنها السودان التى تشكل عمقا حضاريا وتاريخيا واستراتيجى لها ,حتى بعد انفصال جنوب السودان عملت مصر على تدعيم العلاقات معها ,لأن مصر لديها مبادىء ثابتة فى سياستها الخارجية تجاه دول النظام العربى تتمثل فى احترام الدول وسيادتها وعدم التدخل فى شؤونها ,وايضا عدم التردد فى تقديم يد العون من اجل الحفاظ على كيان تلك الدول وأمنها,ورغم ما اعترى تلك العلاقة من توترات نتيجة الموقف السلبى السودانى للحكومة السابقة تجاه سد النهضة,الا أن الامواج دائما لا تأتى بما تشتهى السفن,فسرعان ما تعود العلاقات الى دفئها الطبيعى,والمصير المشترك الذى يجمع الشعبين,فرغم تعنت الجانب الاثيوبى بإيعاز خارجى تجاه قضية سد النهضة,وحرص مصر على عدم انسياق اقليم حوض النيل الى صراع مائى , والعمل فى الإطار التعاونى المشترك بجعل مجرى النهر عامل للتكامل والتعاون وليس الصراع ,وطرقت جميع الابواب على المستوى الثنائى والثلاثى والاقليميى وصولا الى المجتمع الدولى من اجل اقناع الغطرسة الاثيوبية بأن حل القضية بالطرق الودية بدلا من اللجوء الى القوة فى عصر دعت فيه مصر عبر مبادرتها فى الاتحاد الافريقى الى اسكات البنادق,الا أن الجانب الاثيوبى لا ينظر الا تحت اقدامه ويغيب عنه البعد الاستراتيجى للقضية,بل ويحاول تطبيق مقولة فرق تسد,وهو حلم بعيد المنال تصوره له الاجندات الاقليمية والدولية التى لها مصالح فى القضية,ومن هنا حاولت اثيوبيا أن تقنع السودان بالتوقيع على اتفاق ثنائى دون مصر,مدعية أن السد سيدر كل الخير على السودان فى الكهرباء والزراعة والتنمية على عكس الحقيقة تماماً,لكن وطنية شعب السودان وجيشة التى لطالما ناصرت الحقوق العربية آبت على الجانب الاثيوبى وهى تدرك تماما مشروعية المطالب المصرية والسودانية فى حقوقها فى مياة النهر,والتى تؤيدها المواثيق والاعراف والقوانين الدولية ,سواء ما تعلق منها بالقانون الدولى العام والقانون الانسانى,وقانون المجارى الدولية ,واتفاقيات البيئة والحفاظ عليها,إن المخططات التى تحاق لمصر والسودان فى الظلام مصيرها الفشل ونحتاج الى مزيد من التكامل والتعاون على كافة المستويات,فإستقرار مصر من استقرار السودان والعكس صحيح,وما عكسة الموقف الايجابى السودانى مؤخرا إنما مثل عودة سودانية الى الصف الذى وجد ترحيبا مصريا واسعاً.