في 13 مارس الماضي، مع تفشي جائحة كوفيد-19 وعدم توفر ادوية للعلاج، نشر Arturo Casadevall ما يعتبره هو ربما أهم ورقة بحثية في حياته المهنية الطويلة. وفي مجلة Clinical Investigation نشر أخصائيان في الأمراض المعدية في جامعة جونز هوبكنز مقالاً اوضحوا فيه بأن أحد العلاجات الفعالة قد يكون بالفعل في متناول اليد الا وهو: بلازما الدم للأشخاص الذين تعافوا من المرض والغنية بالأجسام المضادة ضد الفيروس التاجي.
وأشار الثنائي إلى أنه يبدو أن هذه الاستراتيجية قد نجحت في عدد من حالات العدوى الأخرى، كما توجد بنية تحتية لجمع البلازما وإدارتها، كما ان المخاطر معروفة ومنخفضة نسبيا، وكتبوا “نوصي المؤسسات ببدء الاستعدادات لتطبيق ذلك في أقرب وقت ممكن”. “الوقت هو جوهر المسألة.”
بعد 10 أسابيع، تلقى أكثر من 16,000 مريض في مئات المستشفيات الأمريكية العلاج التجريبي، ونأمل أن ينجم عن هذا العلاج قريبًا مزيد من الأدلة على نجاح هذا العلاج.
ورغم ان دراسة على المرضى الذين عولجوا بالبلازما في مستشفى جبل سيناء في مدينة نيويورك قد قدمت مؤشرات على ذلك كما تفعل دراسات صغيرة أخرى في مكان آخر لكن التجارب السريرية التي لا تزال جارية المعشاة ذات الشواهد (RCTs) ستعطي إجابات أكثر تحديدًا وادلة اكثر قوة.
تم استخدام نقل الدم (أو البلازما) من المرضى الذين تم شفائهم كعلاج منذ عام 1918 مع وباء الإنفلونزا الإسبانية وتشير التقارير التي صدرت بعد هذا الوباء إلى أن هذا العلاج قد ساعد كثيراً كما تم استخدامه بنجاح لمحاربة سارس والحصبة والحمى النزفية الأرجنتينية.
لم يكن نقل البلازما ناجحاً تماماً مع مرض الايبولا ففي دراسة صغيرة أجريت على 84 مريضًا بفيروس إيبولا في غينيا عام 2015 لم ير الأطباء فائدة كبيرة من بلازما النقاهة في علاج ايبولا. وليس من الواضح السبب؛ ربما لم تحتوي البلازما على العديد من الأجسام المضادة القوية الكفاية.
لكن الدراسات التي اجراها الأطباء الصينيون في تجربة علاج مرضى كوفيد-19 ببلازما المتعافين والتي نُشرت احداها في أبريل في مجلة Proceedings of the National Academy of Sciences وكذلك عدد من الدراسات الصغيرة الأخرى التي اجريت في الصين وإيطاليا وأماكن أخرى كانت واعدة.
ومع ذلك فان التجارب المعماة المعشاة مع استخدام مجموعة ضابطة RCTs الجارية الآن في ألمانيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة والمتوقع ان تظهر نتائجها في الأشهر القليلة المقبلة هي التي يمكن أن تعطي الادلة القوية والاجابات النهائية في هذا الموضوع.
يمكن أن تساعد البلازما من المتعافين أيضًا على منع العدوى في الأشخاص المعرضين لخطورة عالية.
ففي تجربة في جونز هوبكنز، سيحصل 150 من العاملين في مجال الرعاية الصحية الذين تعرضوا لـ كوفيد-19 أثناء عدم ارتداء معدات الحماية المناسبة على بلازما المتعافين أو بلازما عادية تم جمعها العام الماضي ثم سيقارن الباحثون عدد الأشخاص في كل مجموعة الذين يصابون بالمرض.
لكن التحدي الحقيقي هو ان تبرع واحد بالبلازما (يعتمد الحجم على وزن المتبرع ولكنه يتراوح عادة بين 690 و880 ملليلتر في الولايات المتحدة قد يكفي لمريض واحد أو مريضين فقط، وتحتاج فصيلة دم المتبرع إلى مطابقة المتلقي.
لكن المتعافين قد يكونون قادرين على التبرع بالبلازما عدة مرات كل مدة.
هناك تحدي اخر حيث يختلف مزيج الأجسام المضادة وتركيزها من متبرع إلى آخر وحالياً تعمل شركة الأدوية اليابانية تاكيدا على إنتاج منتج يسمى الجلوبيولين المفرط المناعة Hyperimmune Globulin حيث يتم تجميع دم مئات المرضى الذين يتم شفائهم وتركز الأجسام المضادة حوالي 10 أضعاف.
قد يتمتع هذا الجلوبيولين المفرط المناعة بعمر افتراضي أطول من البلازما، و ربما يسمح تركيزه العالي للأطباء بإعطاء المزيد من الأجسام المضادة للمرضى دون التعرض لخطر TACO وستبدأ تجربة الفعالية، الممولة من المعاهد الوطنية الأمريكية للصحة، هذا الصيف.
كانت المرة الأخيرة التي أنتج فيها تاكيدا الجلوبيولين المناعي لوباء إنفلونزا H1N1 لعام 2009. ركزت الشركة الأجسام المضادة من 16000 لتر من بلازما النقاهة، مما أسفر عن منتج كاف لعلاج آلاف المرضى. لكن سلالة الإنفلونزا أثبتت أنها أخف مما كان متوقعًا ولم يتم استخدام العلاج أبدًا. إن الأجسام المضادة للناجين سيكون لها على الأرجح دور أكبر هذه المرة. وأشك في أن الجلوبيولين المناعي يمكن تحضيره وتصنيعه قبل أن يكون لدينا لقاح صالح.
اما من حيث الامان: فرغم ان العلاج بنقل الدم (بلازما الدم) مثله مثل اي عملية نقل دم قد تنطوي على بعض المخاطر النادرة الحدوث على المريض المنقول له الدم لكن الباحثين جمعوا بالفعل المزيد من البيانات حول المضاعفات على مرضى كوفيد-19 الملقين للبلازما واتضح أنها نادرة جداً.
الخلاصة: ان العلاج بالبلازما من المتعافين رغم كونه مازال علاج تجريبي الا انه واعد الى حد كبير وتعول عليه كثير من الفرق الطبية في انقاذ حياة اعداد من المرضى ولابد من تشجيع المتعافين على المساهمة في مد يد العون في ذلك ما استطاعوا.