إن ما تشهده مصر من تطورات على جميع الأصعدة داخليا وخارجيا، أصبح لسان حال المواطن المصرى فى ربوع الوطن، فعندما تنظر إلى حديث الغالبية العظمى من المصريين تجدهم يتناولون ما يتم على أرض الواقع من إنجازات غير مسبوقة يقوم بها الرئيس عبد الفتاح السيسي بحالة من الدهشة البالغة والسعادة الغامرة، فلم يكن يتصور أحد أن مصر سوف تنجح فى التحول بالفعل من اللادولة إلى الدولة الوطنية الحديثة التى يسعى الرئيس السيسى لتأسيسها، فالجميع كان يتخيل أنها أحلام وردية، ولكنهم وجدوا أنفسهم أمام تجربة ناجحة وأمنيات تتحقق وواقع جديد يتشكل.
فعندما أعلن الرئيس مواجهة الدولة لظاهرة البناء العشوائى ومخالفات البناء التى تدمر مجتمعاتنا وتقف عائقا أمام التنمية المستدامة التى تستهدف القيادة السياسية تحقيقها في مصر والتى لم يكن يتصور أحد إمكانية تنفيذها على الأرض بعد أن فشلت كل محاولات تنفيذها خلال العقود الماضية وأصبح تنفيذها الآن يدخل فى باب الإعجاز، نظرا لما يحيط بتلك العملية من ملابسات وظروف لم يكن يجرؤ أى رئيس سابق مجرد الإقتراب منها أو تصور إمكانية التغلب عليها، بسبب المراكز القانونية غير الشرعية التى اكتسبت وكذلك المكاسب الخيالية التى أصبحت حائط صد منيعا أمام كل محاولات الإقتراب أو التنفيذ لمخططات التخلص من هذا الفساد ، الذى بات متجذرا وله أذرع وأنياب ترهب صاحب القرار فى السابق، على مجرد التفكير في إنهاء تلك الحالة المستعصية، وكان من عجائب الأمور ما تثيرة تلك الحالة من الفساد من حراك على كافة الأصعدة سعيا لتقنينها وإيجاد المبررات لاستمرارهاو استفحالهااستغلالا لمواسم الرشاوى الانتخابية خلال الاستحقاقات المتعاقبة لاختيار ممثلى الشعب الذين من المفترض فيهم أن يكونوا حماة لحقوق البلاد والعباد ، حتى جاء القائد والزعيم الحامى الحقيقى لمصر وشعبها ليضع حدا لهذا العبث بمقدرات الدولة وحقوقها وضرب أروع الأمثلة عندما بدأ حراك معاكس ومضادا لحالة الفساد المتعمقة بهذا القطاع قبل بدء أحد أهم الإستحقاقات الإنتخابية لإختيار ممثلى الشعب فى مجلس الشيوخ.
هذا النموذج للقائد والزعيم الذى وضع ميثاقا جديدا للعلاقة بين الحاكم والمحكوم، يؤصل من خلالها لقيمة العدالة وتقنين الحقوق وليس تقنين الفساد رغم استمرار سوس الفساد الذى ينخر فى عظام المحليات ويجعل من أى إصلاح حالة جديدة فى إستمرار الفساد بشتى الطرق في محاولة لتشويه هذا الجهد الإصلاحي الكبير الذى بدد مكاسبهم من المال الحرام وقطع الطريق أمام استغلال مواقعهم التنفيذية فى تحقيق حلم الثراء السريع الفاحش ، متوهمين أنهم سوف يفلتون من قبضة العدالة التى أعاد الرئيس تفعيلها على قاعدة ( من أين لك هذا ) لتكون أحد أسس حكم الدولة الوطنية الحديثة التى يؤسس لها والتى تقوم على العدل ومبدأ الثواب والعقاب دون تمييز أو تفريق أو تهاون.
إن مواجهة الدولة المصرية للإرهاب يأتى ضمن تصديها لكل التحديات الجسيمة التى تعتبر سلسلة واحدة تشمل كل الآفات المدمرة للمجتمع، فالإرهاب والفساد وجهان لعملة واحدة وما يقوم به الجيش المصري من ضرب لأوكار الإرهاب في سيناء ما هو إلا إمتداد لتطهير البلاد لتصبح طاهرة نظيفة من كل ما يعوق تنفيذ برنامج البناء والتنمية والعدالة لمصر الحديثة ، حتى تحتل مكانتها اللائقة بين الأمم.
وليس ثمة شك أن ما نفذته القوات المسلحة المصرية من عمليات وأد لكل مخططات التنظيمات الإرهابية التى أرادت لسيناء أن تكون ولاية تابعة لها ، يدخل في باب الإعجاز أيضا لأن تلك الساحة من ساحات القتال كانت إلى وقت قريب أمرا يبدو مستحيلا فلا المعاهدات التى كبلت مصر عقودا ولا الطبيعة الجغرافية الوعرة لشبه جزيرة سيناء ولا حجم التمويلات المرعبة لتلك التنظيمات الإرهابية ، لم يكن ذلك يجعل من التصدى للإرهاب فى سيناء أمرا ممكنا ، إلا أن عبقرية رئيس مصر وقائدها جعلت من هذا الأمر الذى كان بمثابة حلم واقعا نتابعه جميعا ويقف أمامه العالم مشدوها معجبا بكل ما تتناقله وكالات الأنباء من انتصارات باهرة على كل فلول وخلايا الإرهاب الأسود اللعين الذي أراد يوما ما أن يجعل أرض سيناء المروية بدماء الشهداء ساحة مستباحة ينطلق منها لتنفيذ مخططاته لإغراق مصر والمنطقة ببحور الدماء.
إن ما حققته مصر السيسي من نجاحات تصل حد الإعجاز داخليا دفع بأعدائها إلى محاولة إرهاقها بصراعات إقليمية، يمثل التنظيم الدولي للإخوان رأس حربة فيها ، مستغلا رغبة الخليفة المزعوم أردوغان في إعادة إحياء الدور العثمانلي المدمر للمنطقة، وإشعال الصراعات لعبة مكشوفة تؤكد رغبتهم في وقف عجلة الإنجاز المصرية ، رغم يقينهم بأن كل تلك المحاولات مصيرها الفشل.
إن العالم الذي يقف أمام إنجازات مصر السيسي داخليا إجلالا واحتراما، لا يمكنه إلا الإستجابة لما تفرضه مصر من أجندات لقضايا الصراعات الإقليمية ، والملف السوري خير دليل ، وما يجري في ليبيا من إحترام للخطوط الحمراء التي فرضتها قوة مصر ، ما هو إلا تأكيد على أن مصر قادرة على تحقيق الإعجاز إقليميا كما حققته داخليا ، فلم تكن مصر في مراحل سابقة قادرة على فرض إرادتها ، كما تفعل الآن ، ولم يكن العالم الذي لا يفهم إلا لغة القوة مستجيبا ومنفذا للأجندات المصرية ، مثلما يفعل الآن ، فمصر القوية التي رسمت نموذجا للدولة الوطنية بأنامل القائد والزعيم الذي يحترمه العالم ، أصبحت قادرة بما لا يدع مجالا للنقاش أن تفرض إرادتها.
فإن ما يتحقق على الصعيد المحلي والإقليمي والدولي يضع هذه القيادة المصرية في مصاف العظماء الذين أسسوا لفقه المعجزات ، وتمكنوا من حجز أماكن لبلادهم فوق قمة العالم، فاستحقوا أن يدخلوا التاريخ من أوسع أبوابه، ويحفروا أسماءهم بأحرف من نور لتبقى خالدة على مر العصور.