وكان نبضي يقول..
ولكن كانت أذنها صماء، من قبل أن يتعلم اللسان نطق الحروف بألف وحشة..
كنت أغترب كثيرا وأنا أستوطن أضلاعها..
وكانت هي تحترف رسم حدود المنفى وشكل المهجر..
لون المشنقة ورقم الزنزانة..
وكم سوط تكفي لجلد قلبي..
وكم من السنين لتجلد بالنسيان ذاكرتي..
وتناست أني بلا نسيان أتيت..
كنت أعتقدها ترسم جورية وتكتب شهادة ميلاد للربيع..
بينما كانت تتفنن في رسم القضبان جيدا..
وشد الوثاق حول معصمي..
تخط أناملها صقيعا وألف شتاء..
وتحيك عباءة للرعد كي يضرب مدني..
تتقن من قبلها فصلا للاصفرار وفصولا لسقوط الورق..
تطوق عنقي بقلادة من نار..
كانت تكتب وتكتب..
في ورقة ظننتها بيضاء على قيد قلبي..
بينما..
هي تعبث-في ظنها-بمضغة من حجارة..
كنت أحسبها تزرعني غيمة في رحم سمائها..
تستسقي بي للهفة بين ضلوعها..
بينما هي..
تعود نفسها كثيرا على أن الهجر لا إثم فيه ولا خطيئة..
تقسم علىَّ بالجفاف، وترميني بسني الجدب..
وقرون المرارة..
كنت أحلم أن تبقيني على قيدها..
ولو زهرة صبار مصلوبة في عمق الانتظار..
بينما كانت تقتلعني كشوكة يتيمة على كل قيد الترحيل القسري..
تعاف الأقدام دروبي ولا ذنب لي هناك ولا جناية..
غير قبضة من جور نثرتها في وجهي ومضت، وكأنما هي ألف لعنة تستوجب الطرد من جنان جلالتها..
وتستوجب النكران من قلوبهم الرقيقة..
كنت أظنني أشتري الحياة إذ أعشقها..
ذلك القدر الذي لا تعرف هل أتيته أنت، أم هبط عليك من الحجب المرخاة دونك ستائرها..
وكانت هي..
تزرع لي الموت في كل زاوية..
وتبيعني أقدار الضنى..
وبالنهاية..
تركت لي تلك الرسالة التي قرأتها ملايين المرات دون أن أتعلم القراءة بعد..
أيها العابر، ولا دروب تقود خطاك إلى هنا..
عفوا..
غلقت المعابر، فعد كما أتيت..
حاولت وحاولت..
ولكنني اكتشفت مؤخرا..
كم أنا مريض بها حد الوجع؟!..
لا..جدا جدا..
حد الموت..
وهل يعبر الموتى إلى الحياة مرة أخرى؟!..
سؤال..
يرتدي شفتي..
منذ ألف موت يبحث عن جواب..
ولا جواب سوى..
الصمت..
كفاك سيدتي..
فكل ما فيَّ احترق قبل طفولتي تلك..
هل يجدي الرجاء..
كي يعود الرماد حيا؟!..
هل ينجيه من عصفك المشئوم..
ال.. لعل..
وال..عسى..
والدموع وال ليت..
مؤكد..
لا..
النص تحت مقصلة النقد..
بقلمي العابث..