كتب عادل يحيي
حصل الباحث محمد جمال حليم على درجة التخصص الماجستير في اللغة العربية وآدابها عن رسالته التي جاءت تحت عنوان: “الحوار القرآني في قصة موسى وسحرة في فرعون في سور الأعراف وطه والشعراء.. دراسة بلاغية موازنة”.
وقد تميزت الدراسة والتي حصل فيها الباحث على تقدير عام “ممتاز” ببيان أوجهِ التشابهِ والاختلافِ في الأساليبِ البلاغيةِ والدلاليةِ بين القصةِ نفسِها في السور الثلاث، وهو ما يثري البحثَ ويزينه ويقدمَ زادًا جديدًا للدراسات القرآنية حول كتاب الله، وتشكلت لجنة الإشراف والمناقشة على الرسالة من الأستاذ الدكتور رمضان محمد محمود حسان رئيس قسم اللغة العربية بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر بنين بالقاهرة مستشار وزير الأوقاف “مشرفا”، والأستاذ الدكتور حسن طبل أستاذ البلاغة والنقد بكلية دار العلوم جامعة القاهرة “مناقشًا”، الدكتور عبد الغفار يونس أستاذ البلاغة والنقد المساعد بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنين جامعة الأزهر بالقاهرة “مناقشًا”.
واستهدفت الرسالة عدة أمور أبرزها: بيان العديد من المباحث البلاغية للقصة: (معاني – بيان – بديع) في السور مَحِلِ الدراسة، أيضًا تهدفُ الدراسةُ لعقدِ مقارنةٍ بين أوجهِ التطابق ِوالتشابهِ والاختلافِ اللفظي للقصةِ في السورِ المذكورة، بيان أثرِ تنوعِ الأساليبِ البلاغيةِ للسورةِ على المعنى العام للقصةِ في السور الثلاث، تعليلُ أوجهِ التمايزِ اللفظي للقصةِ في السورِ محلِ الدراسةِ وتوجيهِ ذلك دلاليًا وبلاغيًا.
وقد توصل الباحثُ من خلالِ هذه الدراسةِ لعدةِ نتائجَ أبرزها: أن السياقَ العام لكل سورة يستلزم أسلوبًا معينًا، وهو ما رعاه القرآن دون أدنى اتهام بالتكرار المعيب، ظهر من خلال متابعة البناء البلاغي للقصة في السور محل الدراسة أن المعاني الواردة مترتبة على بعض ومتتابعة وحركة المعاني فيها متدرجة في صعود يهيئ بعضها لبعض، ويشد بعضها بعضًا إلى أن تتكامل وهو ما يدعو لعدم الاقتصار على قراءة القصة أيا كانت في سورة واحدة فقط، لما بين مواطن ورودها من ترابط تام وحبكة كاملة، كما ظهر بالبحث أن القصةَ في السورة الواحدة متدرجةٌ في معانيها ومرتبة في أحداثها وهي كذلك بالنسبة للقصة نفسِها في سورةِ أخرى مع مراعاةِ وقتِ النزولِ وسياقِ السرد ِوالمقصدِ العام لكل سورة، أن الغرضَ من إظهارِ البلاغيات ليس فقط الوقوف على أسرارِ القرآن ولطائفهِ الإعجازيةِ والبلاغية ِولكن ما يترتب على ذلك من معانٍ وتوصيات عملية وهو الغرض الأساسي للقصة في القرآن والتي جاءت عبرةً وعظةً لأولي الألباب، أن البحثَ في أسبابِ اختلافِ الصياغةِ يُسهِل كثيرًا تدبرَ القرآنِ ومعرفةِ متشابهاتِ التلاوة وتعليلها، وهو ما يعين قارئَ القرآنِ على الاتعاظِ والاعتبار.
وأوصى بالباحث في نهاية بحثه بعدة توصيات منها أن استحضار النيةِ حالَ الإقدامِ وأثناء البحث هو خير عون على استعذاب صعوبته لاسيما الدراسات اللغوية التي تحتاج لصبر بليغ وجهد مضاعف، كما أوصى بعدم التوقف عن البحث في القرآن الكريم وعدك الركون إلى الدراسات القديمة فبرغم أهميتها، فإن الباحث لا يقف عندها فقط بل عليه أن ينوع مصادرَه بين القديم والحديث حتى ينتفع بكل ما قيل في مجال بحثه، كما ينبغي للباحث ألا يقف مترددًا بين الإقدام والإدبار على البحث القرآني على اعتبار أنه قد قتل بحثًا، لكن عليه أن ينقّب على الجديد الذي لم يدرس، وما يمكن أن يثري به البحثَ في مجال القرآن الذي لا ينضب عطاؤه أبدًا، أيضا أن يكون البحث في قصص القرآن وحواراته مشفوعًا بما يترتب على ذلك من معان وتوصيات عملية تعين قارئ القرآن على تدبره والعمل به، كما أوصي بمزيد من البحث حول قصة موسى؛ فالقصة تحتاج دراسات متتابعة وجهودا متضافرة لاستخراج معانيها لاسيما من الناحية الدلالية والدعوية.