الاخبارية مسقط:
لا شك أن تنفيذ الرؤية المستقبلية (عُمان 2040) والتي تضع السلطنة في مصاف الدول المتقدمة بحلول عام 2040، يتطلب مواجهة الآثار المترتبة على تنفيذ محاورها ومرتكزاتها، والتغلب على المصاعب والتحديات التي تفرضها طبيعة المرحلة.
وكانت القيادة السياسية الحكيمة مدركة تماماً حين أطلقت تلك الرؤية في مطلع العام الجاري، أن ثمة آفاقاً واعدة تنتظر عُمان في المستقبل المنظور، وأن ثمة تحديات ومصاعب لابد للحكومة من مواجهتها والعمل على تهيئة الظروف للمضي قدماً في بناء النهضة المتجددة.
إن ما حصل في السلطنة أمس دليل آخر على أن القيادة السياسية العليا قادرة على التعامل مع التحديات التي تواجه مسيرة التنمية بكثير من الحكمة والهدوء، وأنها تملك من الخيارات ما يؤكد أن خططها تستوعب المتغيرات رغم الظروف المحلية والعالمية، وهذا دليل قوة الدولة ورسوخها وخبرتها في إدارة الملفات التي تمس حياة الناس بشكل مباشر. وهذا ما يُشعر المواطنين بكثير من الطمأنينة والثقة في طريق المستقبل.
لقد وصلت رسالة الشعب إلى القائد كما أرادها الشباب، وكان الرد السريع دليلا على أن السلطان هيثم بن طارق سلطان عُمان، متابع لطموحات الشباب، وأمينا على خارطة الطريق التي تمثلها «رؤية عمان 2040» والتي تنطلق من أن الشباب هم ثروة الأمم وموردها الذي لا ينضب.
ولم تأتِ الحلول والمبادرات التي أعلنت أمس لتسريع معالجة ملف الباحثين عن عمل مجرد حلول احتوائية أو علاجية يمكن أن تساهم في صناعة مشاكل وتحديات أخرى مع الوقت ولكنها بداية يمكن أن ينطلق منها الإطار الوطني الشامل للتشغيل الذي تعمل عليه الجهات المعنية في الحكومة والذي كان السلطان هيثم بن طارق قد أكد عليه في خطابه خلال شهر فبراير من العالم الماضي.
وتأتي هذه الأحداث والقرارات التي في زمن صعب لا يخفى على أحد مقدار تأثيره في الوضع الاقتصادي الناتج عن الأزمة المالية العالمية ولا التأثير الذي أضافته جائحة كورونا والتي أوقفت عمل الكثير من القطاعات الحيوية والإنتاجية في البلاد وفي العالم أجمع وتسببت في تقطع السبل بملايين العمال في مختلف دول العالم.
ولا شك أن المبادرات التي أعلن عنها أمس والتي تأتي في سياق الآمان الاجتماعي الذي ترعاه الدولة وتهتم به كثيرا من شأنها أن تخفف الكثير من الأعباء عن كاهل الكثير من الفئات التي تأثرت بالأوضاع الاقتصادية الجديدة وذلك عبر صرف إعانة شهرية مقطوعة من صندوق الأمان الوظيفي ولمدة ستة أشهر للعاملين لحسابهم الخاص المؤمن عليهم لدى الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية المتأثرة أعمالهم بسبب الوضع الاقتصادي ومن في حكمهم والبالغ عددهم قرابة (15000) خمسة عشر ألفًا.
إضافة إلى صرف إعانة شهرية مقطوعة من صندوق الأمان الوظيفي للمنهية خدماتهم من العمانيين العاملين بدول مجلس التعاون الخليجي وذلك لمدة ستة أشهر. وستبدأ الجهات الحكومية في توظيف ألف شخص كل شهر ولغاية استكمال الإثني عشر ألف وظيفة المطروحة في القطاع الحكومي.
واقع الأمر أن هذه المبادرات لا تأتي بمعزل عن المبادرات والحوافز التي سبق أن طرحتها الدولة خلال الأشهر الماضية في سبيل تخفيف أعباء الأزمة الاقتصادية التي أحدثتها الجائحة.
فضلاً عن ضرورة أن يستعيد القطاع الخاص قدرته على مواصلة عمله وبالتالي توليد فرص وظائف أخرى، في إطار الشراكة بين العام والخاص كإطار حاكم للاستراتيجية العُمانية في البناء والتنمية على مدار تاريخها.
وعُمان تخطو نحو المستقبل بكثير من الطموحات التي أطرتها رؤية عمان 2040 ولكن هذه الطموحات لا تتحقق بمعزل عن الشباب، الذي يبادر سريعا في الانخراط بفرص العمل التي سيطرحها القطاع الخاص على الباحثين عن عمل وفق المحددات المعلن عنها والتي ستوفر له أجرا جيدا مدعوما من الدولة بـ 200 ريال وهذا دعم مزدوج للقطاع الخاص حتى تستمر أعماله وللموظف ليكون دخله معقولا مع ما توفره الوظيفة من خبرة وفرصة للتطور في السلم الوظيفي.