الأسرة هي اللبنة الأولي للمجتمع وهي المؤثر الأول والأساسي في حياة الطفل، وفى بلورة وبناء شخصيته سواء أكان الطفل سليم أو من ذوى الهمم، فالأسرة هي من تقوم ببث الافكار الاولية والمبادئ الاساسية في عقل الطفل وتعيش معه حياته كاملة فهي تظل محفورة وموجودة في عقله الباطن.
فدور الأسرة في تربية وتنشئة الطفل ذوى الهمم اكثر أهمية وأكثر تعقيدا وأكثر جهداً من الطفل العادي، فيكفى الاحساس بأنه طفل مظلوم أو مقيد الحرية حينما يرى أقرانه يلهون ويلعبون ويمرحون وهو لا يستطيع؛ لذلك يجب التعامل معه بأسلوب خاص يتناسب واحتياجاته النفسية وقدراته المحدودة حتى يعوضه عن ذلك الإحساس.
فهناك الأسرة التي تتعامل مع إعاقة ابنها على أنه يجب إخفاؤه عن الاعين حتي لا يمثل حرجا للأسرة، ومنها من يتعامل معه على انه قطعة من اثاث المنزل مجرد يأكل ويشرب ولا تجلس للحديث معه وفي كلا الحالتين قد يؤدى ذلك إلى كارثة نفسية وعاملا مساعدا لتفاقم درجة الاعاقة وزيادة تأثيرها على تدمير شخصية الطفل وقد يصل الاحساس بعدم الرغبة في الحياة و تزيد مشاكله النفسية.
وعلي الجانب الأخر هناك من الأسر التي تعلم قيمة الطفل ذوى الهمم وتقدره كانسان تلك هي الأسر التي تعي جيدا دورها ورسالتها فهي تكون أول عوامل النجاح والإبداع لذلك للفرد في المستقبل فهو يخرج من تلك الأسرة يشعر بقيمته فتجعله يختلط بالمجتمع المحيط به ويتعلم بنفسة خبرات الحياة و تطوير مواهبه التي لن تنمو إلا بالمشاركة في الحياة.
وللأسرة دور كبير في حياة الطفل ذوي الهمم أولها وأهمها هو تقبل هذا الطفل وتأهيل أفراد الأسرة للتعامل معه، حيث أن تقبل الأسرة لطفلها وتهيئة إخوته للتعامل معه من أهم قواعد النجاح في تأهيل الطفل، ثانيها رعاية وتدريب الطفل ذوي الهمم حيث يقع على عاتق أسرته الدور الكبير في تدريبه وتعليمه حتى لو قُدم له الدعم والرعاية في مؤسسة متخصصة، ثالثهما تهيئة الشخص ذوي الهمم للتكيف مع مجتمعه وأن يعتمدوا على أنفسهم بقدر الإمكان وفق قدراتهم وإمكاناتهم. فاستقلالية طفلك هي أهم شيء، بحيث يكون شخصًا معتمدًا على نفسه في أبسط الأمور، حتى تخلق منه فيما بعد شخصًا قادرًا مع الوقت على الاستقلال بحياته، وهذا يساعده في إثبات ذاته أمام نفسه وأمام الآخرين و يعزز ثقته بنفسه.
فيقع علي عاتق الأسرة تعليم الطفل ذوي الهمم بعض المهارات الأساسية بالنسبة له كالمهارات الاستقلالية مثل (استخدام دورات المياه، النظافة الشخصية، اختيار الملابس وارتدائها) والمهارات الأكاديمية مثل (تهجئة المفردات وكتابتها، الاستماع والفهم، والعميات الحسابية الأساسية) والمهارات الاجتماعية مثل(التحية والمحادثة والتفاعل مع الغير) وكذلك المهارات العاطفية مثل ( كيفية التعبير عن المشاعر ، فهم الآخرين والإحساس بهم) وعلي الأسرة احترام تلك المشاعر وتقديرها.
وعلي الأسرة ألا تنسي جانب أساسي لدي الطفل ذوي الهمم بأنه طفل مميز ومختلف وليس طفل معاق كما يتصور البعض، ولا ننسي قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ} الحجرات :11
فالإسلام حثنا بأن نكف الأذى عن أي شخص سواء بالسخرية أو النظرة الدونية ولنا في رسول الله ﷺ أسوة حسنة عندما رأي عبد الله بن أم مكتوم قائلاً أهلا يا من عاتبني فيه ربي وذلك لقول الله تعالى {عَبَسَ وَتَوَلَّىٰٓ (1) أَن جَآءَهُ ٱلۡأَعۡمَىٰ (2) وَمَا يُدۡرِيكَ لَعَلَّهُۥ يَزَّكَّىٰٓ (3) } عبس
فالطفل ذوي الهمم لديه قدرات واتجاهات وميول مختلفة وعلي الأسرة اكتشاف تلك القدرات بأن يكون للطفل دور في ممارسة هواية يفضلها ويحبها يبرز فيها كل طاقاته وإبداعاته كالرسم والأنشطة الفنية والأنشطة الرياضية وغيرها كلٌ وفق طاقاته وقدراته وهوايته ولنا في ذلك أمثال كثيرة علي المستوي المصري والمستوي العربي والعالمي ومنها مصطفى خليل أول مصري يعبر المانش 3 مرات بلا قدمين، وياسين الزغبي والذي فقد ساقه اليسرى وشارك في تحدي ركوب الدراجات، وشريف عثمان حصل على 3 ذهبيات في 3 دورات أولمبية متتالية في رفع الأثقال بكين 2008، ولندن 2012، وريو دي جانيرو 2016، وفاطمة عمر حصلت على 4 ذهبيات في 4 دورات بارأولمبية متتالية واختيرت كأفضل لاعبة في سجلات اللجنة البارأولمبية الدولية عام 2012 ، وإسلام أبوعلي أول مصري يمارس رياضة الـ Cross Fit على كرسي متحرك وحصل على الميدالية الفضية في بطولة السباحة الدولية ببرلين عام 2017، كما حصل على بطولة الجمهورية للسباحة لمدة 6 أعوام متتالية ويطمح لتغيير وجهة نظر المجتمع لأصحاب الهمم، وإشراكهم في كل الأنشطة خاصة الرياضية. وغيرها من النماذج المشرفة .
مدرس بالقسم التربوي كلية الاقتصاد المنزلي-جامعة الأزهر