تعزز العديد من حدائق الحيوان فى العالم حماية الحياة البرية والبحرية المهددة بخطر الإنقراض والتنوع البيولوجي كجزء هام من مهمتها. حيث تقوم حدائق الحيوان الحديثة بالعناية والرعاية بحيواناتها وتوفر للناس يومًا ممتعًا بالخارج. والمساعدة في تثقيف الناس حول محنة الحيوانات المهددة بالانقراض.
وهناك فائدة أخرى لحدائق الحيوان هي الفرصة التي تقدمها للباحثين لمعرفة المزيد عن الحيوانات. حيث يركز علماء الحياة البرية أبحاثهم على مقارنة سلوك الحيوان فى الطبيعة بالأسر بينما يبحث آخرون ، مثل أولئك الموجودين في مركز أبحاث الحفظ ، عن طرق للحفاظ على أو حتى زيادة أعداد الأنواع المهددة بالانقراض. من خلال إجراء الأبحاث ، يتعلم علماء الحيوان المزيد عن حيواناتهم وبالتالي يصبحون أكثر قدرة على تلبية احتياجاتهم وحمايتها.
أما عن الأسباب التي تؤدي إلى انقراض الحيوانات، فتتنوع بين اعتداء الإنسان على بيئتها الطبيعية أو قتلها لأسباب مختلفة غالباً تكون مادية، أو إلى التغيرات المناخية أو الصيد الجائر إلى الأمراض والتلوث.
فكان لابد من التعامل مع هذا الخطر بعد حدوثه، وربما كان الحل الوحيد فعلاً هو إنشاء العديد من المحميات والحدائق، فعلى الرغم من أن حدائق الحيوان قد لا توفر الظروف المثالية، إلا أنها تساعد في تثقيف الناس بشأن حفظ الأنواع المعرضة للانقراض وتلعب دورا هاما في حماية الحيوانات المهددة بالانقراض.
اختلفت أشكال الحدائق على مر العصور، فقد بدأت بامتلاك الطبقات الحاكمة بعض الحيوانات من باب التسلية ووضعها فى حدائق خاصة لم تكن مفتوحة للناس ليشاهدوها، ثم تطور الأمر فأصبحت توضع الحيوانات في حدائق على مرأى الناس، لكنها توضع داخل أقفاص تحد من حركتها وحريتها بالمقارنة بحايتها فى موائلها الطبيعية.
ثم بعد ذلك، جاءت فكرة المحميات والحدائق المفتوحة الواسعة التي تعطي للحيوان حرية أكثر ومجال أكبر للحركة، وفي نفس الوقت تؤخذ الاحتياطات اللازمة لمنع صيدها أو الإعتداء عليها ضمن قوانين وأنظمة معينة.
إن إدارة حدائق الحيوانات بشكل يضمن توفير بيئة مناسبة للحيوانات بها، سواء من ناحية نظافة المياه وتغييرها بشكل دوري والتغذية السليمة المطلوبة للحيوانات بمختلف أنواعها، أو من خلال توفير درجة الحرارة المناسبة أو التهوية اللازمة لمختلف الحيوانات ، ومحاولة الحفاظ على ألا تفقد هذه الحيوانات سلوكها وسماتها الطبيعة قدر الإمكان.
وتساعد حدائق الحيوان أيضا فى حماية ورعاية حيواناتها، حيث تقوم بالكثير من أجل حيواناتها. ويفهم أطباء الحياة البرية وحدائق الحيوان الذين يعملون بجد احتياجات مختلف أنواع حيواناتهم وتقديم الرعاية الطبية المناسبة لهم. عندما يمرض حيوان ما ، حيث يعرف هؤلاء الخبراء حدائق الحيوان العلاجات والأدوية التي يجب إعطاؤها لهم لمساعدتهم على التحسن والشفاء. بالإضافة إلى ذلك ، تعيش هذه الحيوانات في حاويات جيدة الصيانة تحاكي بيئاتها الطبيعية ، على الرغم من أنها أصغر بكثير.
جوانب إيجابية (الأثراء البيئى)
يدرك القائمون على حدائق الحيوان فى العالم ، أن الحيوان البري يظل بريا حتى وهو يعيش داخل حديقة الحيوان. لكن الحدائق الحديثة التي تعمل حاليا وفقا لمعاييرعلمية يتم فيها تدريب الحيوان على سلوكيات معينة وبالتالي تقل فرص ظهور بعض السلوكيات التي تحدث عادة في البرية.
ويوجد حاليا برامج عديدة في الوقت الحالي تخفف على الحيوان تسمى الأثراء البيئى لجعل الحيوان أكثر سعادة أثناء وجوده داخل القفص، كما أن التقدم في الطب البيطري وإدخال قسم مميز للعناية بالحيوانات البرية بحدائق الحيوان ساعد في توفير إمكانيات جديدة للحيوانات تقرب حياتها من حياة البرية، فمثلا يمكن حاليا أن تعيش القرود في غابات اصطناعية بعد أن كانت في الماضي رهن العيش داخل الأقفاص المغلقة لأسباب لها علاقة بالحماية من العدوى وانتقال الأمراض.
وتساعد حدائق الحيوان فى حماية الحيوانات البرية أيضا، الحفظ هو طريقة أخرى تساعد حدائق الحيوان من خلالها الحيوانات والبيئة. لدى العديد برامج أو مراكز إكثار تعمل على الحفاظ على الأنواع المهددة بالانقراض وحمايتها. ويعد مركز إكثار بحدائق الحيوان بالجيزة مثالًا جيدًا على ذلك. يشارك المركز في عدد من البرامج التي تهدف إلى حماية بعض الحيوانات المهددة بالانقراض في مصر ، مثل طائر أبو منجل المحرم على سبيل المثال. بدون برامج مثل تلك الموجودة في حديقة حيوان الجيزة ، ستتعرض العديد من الأنواع في جميع أنحاء مصر وحول العالم لمزيد من التهديد أو حتى الانقراض.
وتبقى زيارة هذه الحيوانات من الزيارات التي لا ينساها الواحد منا، فيمكننا من خلالها التعرف على قدرة الله في خلقها، والاستمتاع بجمالها وغرابتها وسلوكها، فهي تُنَمّي المشاعر الإنسانية لدينا تجاه الحيوان وهذا قد يكون سبباً في الوعي على أهمية أخطار الصيد الجائر مما يُكَوّن لدينا الوعي الكافي تجاه هذه القضية لحماية سلالات أخرى من الحيوانات.
وتقوم حدائق الحيوان في العالم فى التخلص من الأقفاص الضيقة التي تؤوي الحيوانات واللجوء الى إنشاء ملاعب كبيرة تسمح للحيوانات بممارسة حياتة اليومية بطريقة مماثلة لحياتة بالغابة ، فإن حديقة الحيوان الحديثة لها مضاهاة مرتفعة للموطن الطبيعى وإعادة تكوين البيئات الطبيعية للحيوانات بعناية وتقديم أنشطة مختلفة يوميا للحد من الضجر والإجهاد التى تؤثر بالسلب على سلوكياتة وتناسلة.
كاتب المقال-مؤسس كلية الطب البيطرى جامعة عين شمس ووكيل الكلية لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة والمشرف على تأسيس قسم الحياة البرية وحدائق الحيوان استاذ وخبير الحياة البرية والمحميات الطبيعية- اليونسكو وبرنامج الأمم المتحدة للتنمية وخبير التغيرات المناخية بوزارة البيئة- الأمين العام المساعد للحياة البرية بالإتحاد العربى لحماية الحياة البرية والبحرية- جامعة الدول العربية