إن الفُرْقَة والاختلاف داءانِ وبيلانِ يَقْعُدان بالأفراد والأمم عن الإصلاح والبناء، ويمكنان للهدم والفساد، ويسبِّبان ظلمةَ القلوب، وفساد الألسن، والطعن في الناس، وقد يؤديان إلى الاحتراب والتقاتل…بعد موجة الأزمات الحادة التي اجتاحت المجتمع العربي فقد باتت الامنيات تشكل الهاجس الوحيد الذي نجده عند جميع الافراد فحينما نجد القرآن الكريم يصرح واصفاً الامة الاسلامية بأنها افضل الامم و المؤهلة بمختلف الامكانيات لتتولى قيادة دفة الامور نحو جادة الصواب و تحقيق حلم البشرية بعالم يسوده الامن و الامان و السلم و السلام
عندها نكون حقاً رسل سلام بين الانام فيا اخوتي في الله تعالى كلنا نشترك في محور اساس يبدأ و ينتهي عند نقطة واحد فكل المشتركات القائمة بينا تجعلنا أمة واحدة لها قيمها و مبادئها وحتى نكون القدوة المثلى لباقي المجتمعات الأخرى
علينا أن نتحلى بمنهاج الاسلام الاصيل و نكون قولاً و فعلاً المصداق الحقيقي لرسل السلام و مقدمات السلام و خير أمة اخرجت للناس تأمر بالمعروف و تنهى عن الارهاب الفكري و تقف بوجهه و تحارب الفكر بالفكر ،
الفكر الذي اصله الخلق الكريم و المجادلة بالحسنى و البعيد عن المذهبية القاتلة و الطائفية الدموية و نعود إلى ما يوحد كلمتنا و ينشر ثقافة تعايش السلمي و الاقتداء بمنهاج السلف الصالح من خلفاء راشدين و صحابة كرام ( رضوان الله تعالى عليهم اجمعين )
ورغم التباين في وجهات النظر إلا أن ذلك لم يعكر صفو قيم و مبادئ الرحمة و التعايش السلمي الشائعة بينهم و تلك دعوة صادقة لنا لكي تكون حياتنا الوجه الآخر لما كان سائداً بين الخلفاء الراشدين ، فسياسة احترام الرأي و الرأي الآخر من مقدمات التعايش السلمي وما احوجنا إلى العيش كالأخوة في الجسد الواحد ،
لقد عرف دين الإسلام التعايش السلمي والاعتدال مع الآخر منذ انطلاقته الأولى في مكة المكرمة عندما كان المسلمون أقلية، وعرفه في المدينة المنورة عندما أصبحوا أكثرية، ولهم كيان مستقل، وبعبارة أخرى فإن تجربة الإسلام في التعايش السلمي تمتد منذ أن جاء الإسلام إلى يومنا هذا، ولهذا فهي طويلة ومتنوعة.
وهذه التجربة تتعدد وتتنوع بحسب طبيعة الآخر، وبحسب طبيعة البيئة التي ترعرعت فيها مثل أن تكون بيئة أغلبية إسلامية أو أقلية إسلامية او بيئة من اهل الكتاب او من غيرهم أو بيئة دينية او غير دينية. لقد تعددت ألوان التعايش السلمي الذي كان يتمتع به الناس في ظل النظام الالهي نظام الإسلام العادل الذي كان يطبقه رسول الله محمد (صلى الله عليه واله وسلم) ليشمل النصارى واليهود وغيرهم ممن كان يجمعهم المكان والزمان الواحد هؤلاء العناصر من القبائل والطوائف والمذاهب والأديان والأحرار والعبيد والموالي والأعراب. يعملون بالتجارة والصناعة والزراعة والرعي والصيد والاحتطاب، وكانوا يسكنون على هيأة قرى أو حصون تحيط بها البساتين والأراضي المزروعة يدخلون حصونهم بعد حلول الظلام يحصنون منازلهم خوفاً من الغزو او غارة بعض القبائل، هذا المجتمع النبوي الذي حكمه رسول الله محمد (صلى الله عليه واله وسلم) هو مجتمع متنوع بين الدين الإسلامي وبين دين أهل الكتاب وبين المشركين وبين القبائل المتعصبة، مجتمع ألف رسول الله محمد (صلى الله عليه واله وسلم) بينهم، وضع لهم نظاماً تحت شرعية الله.
فيا اخوتي في الله تعالى لنكن حقاً رسل سلم و سلام و تعايش سلمي بين الانام و ندعو إلى الفكر النير المعتدل الي يدحض الفكر التكفيري الهدام فترتفع بنا رايات الحق و تزهق بوحدتنا رايات الباطل .
أن الإسلام شرع للمؤمنين التعايش مع مخالفيهم في الدين على أساس من الود، وأمرهم ببرهم، وتحرى العدل في معاملاتهم، .كما رسخ قواعد التعايش السلمى مع أهل الملل والديانات الأخرى تحت راية السلام الاجتماعي في عدة جوانب، منها:
ـ إباحة التعامل مع غير المسلمين في كل الأمور الحياتية من مأكل ومشرب وملبس ومسكن وأخذ وعطاء، وبيع وشراء، وجوار، وفق الحقوق و الواجبات التي شرعها الإسلام.
ـ تطبيق مبدأ احترام الإنسانية بين البشر جميعا وتذويب الفوارق، وإزالة الحواجز والطبقات بين الناس باعتبارهم من أصل واحد يرجع إليه الجميع، فلا فضل لعربي على أعجمي ولا لأبيض على أسود ولا مكان لطبقية ولا عنصرية، ليعلم الناس جميعا أن أكرمهم عند الله أتقاهم.
ـ معاملة غير المسلمين معاملة حسنة تتسم بالإنسانية والمودة والعدل والرحمة، وذلك لأنه دين الرحمة الشاملة والسلام الكامل، فالرسالة الإسلامية جاءت رحمة لكل الناس بصرف النظر عن عقائدهم وأجناسهم، كما يؤكد القرآن الكريم “وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين”.
وأشار إلى أن أساس قواعد التعايش بين المسلمين وغيرهم يكمن في اعتقاد كل مسلم بكرامة الإنسان أيا كان دينه أو جنسه أو لونه، واعتقاده أن اختلاف الناس في الدين واقع بمشيئة الله تعالى الذى منح خلقه هذا النوع من الحرية والاختيار فيما يفعلون لقوله تعالى “فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر”، وقوله أيضا “ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين”.
فينتج عن ذلك التعايش السلمي بين الشعوب، الذي هو أصل التنمية البشرية، التي ينبغي أن نحافظ عليها لتنعم الشعوب كافة بالأمن والأمان، من خلال التراحم والتكافل الاجتماعي العام، تحقيقاً لقول الرسول (ص): “ارحموا مَن في الأرض يرحمكم مَن في السماء”.►
إن إطلاق مبادرة جديدة في السلام والتعايش السلمي والمواطنة هو هدف واقعي في الوطن العربي، يمكن تحقيقه من خلال الدعوة الجريئة، والبحوث الجادّة، والمثابرة في السعي إلى تحقيق تغيير اجتماعي وثقافي.
وفيما تمرّ الامة العربية مرحلة من التحوّل السياسي والاجتماعي، توفّر التربية من أجل المواطنة المسؤولة فرصة واعدة لأطفالهما وشبابهما لكي يتطوروا ويتحولوا إلى مواطنين مسؤولين مسلحين بالمعرفة المدنية والدينية المطلوبة، وبالمهارات والكفاءات اللازمة لتحقيق الازدهار في مجتمع تعدّدي وحرّ ومسالم. وأحد العناصر الأساسية في هذه المقاربة ينبغي أن يتمثّل في برنامج تعليم ديني منقّح يعزّز التفاهم والاحترام بين مختلف الأديان، وإقرار حقوق الإنسان، ولاسيّما المساواة والحرية. لذلك توصياتنا توصي بالاتي :
- التوصية لدى صانعي القرار السياسي بتدعيم العمل المشترك بين الحكومة ومؤسسات المجتمع المدني لصياغة استراتيجية قومية لتحقيق الأمن الاقتصادي والسلام الاجتماعي.
- التوصية لدى الجهات المعنية بعدم الاقتصار على المواجهة الأمنية للإرهاب الذى يتعرض له الشعب العربي، بل يجب أيضا نشر ثقافة الديموقراطية وحقوق الانسان.
- التوصية لدى الحكومات العربية بالتركيز على التنمية المستدامة وتحقيق الأمان الإنساني، على أسس من الحرية والديموقراطية.
- التوصية لدى الصفوة الثقافية والسياسية في الوطن العربي بتوحيد جهودهم لمواجهة ثقافة العنف والارهاب.
- التوصية لدى بعض فصائل العمل السياسي في الوطن العربي بالكف عن التهريج السياسي واللعب بالنار والاستقواء بالخارج ضد شعب وطنهم وجيشهم الوطني.
- التوصية الى كل من يهمه الأمر ويعمل لصالح هذا البلد أن يكون هدفه تحقيق الأمان الإنساني بما يحتويه من الأمن الاقتصادي والعدالة الاجتماعية.
- التوصية لدى كل انسان يسمع هذه الكلمة أن يعيد سماعها وفهمها، لعله يجد فيه علما نافعا.
دكتور القانون العام والاقتصاد
وخبير امن المعلومات
وعضو المجلس الأعلى لحقوق الانسان
Virus-free. www.avast.com