كتب عادل ابراهيم
فريق الرئيس الأميركي يخشي خسارة الأغلبية في مجلس الشيوخ بسبب البنزين.. وجمهوريو الكونجرس يتهمونه “بايدن” باتباع سياسة طاقة معادية لبلادهم
قال أبوبكر الديب مستشار المركز العربي للدراسات والباحث في الإقتصاد السياسي والعلاقات الدولية، إن تصاعد أسعار النفط ومشتقاته كالبنزين يوما بعد يوم تثير غضب واستياء الرئيس الأمريكي جو بايدن وفريقه الرئاسي، حيث أكد البيت الأبيض، في أكثر من مناسبة، إنه قلق بشأن تأثير ارتفاع أسعار النفط على المستهلكين الأمريكيين، مضيفا أنه يعتقد أن هناك طاقة إنتاج نفطية احتياطية كافية في جميع أنحاء العالم.
وأضاف الديب، أن أسعار النفط العالمية تدور حول أعلى مستوياتها فى 7 سنوات، ولامس “برنت” 86 دولارا للبرميل، مدفوعة بجهود تحالف “أوبك +” من أجل إعادة التوازن إلى الأسواق بعد أن انخفضت الأسعار إلى مستويات تاريخية مع بدء تفشي وباء “كورونا” ما دفع منظمة “أوبك” وروسيا لإعادة التوازن في السوق عبر خفض إنتاجها من الخام.
وأوضح أنه بالطبع تتأثر أسعار الوقود والمشتقات النفطية في أمريكا بأسعار النفط العالمية، ومنذ شهر مايو الماضي اشتعلت أسعار البنزين في أمريكا لأعلى مستوياتها منذ 7 سنوات ولا زالت تواصل الإرتفاع.
وأشار الي أنه رغم كون أمريكا أحد أكبر المنتجين في العالم، فإن استهلاكها يفوق كثيرا حجم الإنتاج المحلي وبالتالي تسعي وتضغط لزيادة الإنتاج من أجل الحفاظ على أسعار النفط منخفضة، وسبق وأن طالب جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي في حكومة “جو بايدن”، في نص مكتوب، دول “أوبك” بزيادة الإنتاج، بهدف التخفيف من ارتفاع البنزين، وركز على أن انخفاض أسعار البنزين مهم للنمو الاقتصادي العالمي.
وذكر أن السائقين الأمريكيين يعانون من ارتفاعات أسعار الوقود التي سجلت مستويات تاريخية بالتزامن مع ارتفاع الطلب على البنزين إلى أعلى مستوى منذ أكثر من عقد.
وقال إن المؤشر الرئيسي للطلب سجل أعلى مستوى له منذ عام 2007، وفقاً لبيانات “إدارة معلومات الطاقة”، كما انخفضت مخزونات وقود السيارات لأدنى مستوياتها لنحو عامين في الخريف الذي عادة ما يتراجع فيه الطلب على البنزين بعد موسم القيادة الصيفي.
وأضاف أن الإدارة الأمريكية تتمسك بدعواتها للدول المنتجة للنفط لبذل المزيد من الجهود لدعم التعافي الاقتصادي العالمي، وذلك بعد أن سجلت أسعار الخام أعلى مستوياتها حيث أكد مسؤول بالبيت الأبيض إن “البيت الأبيض” يراقب من كثب تكلفة النفط والبنزين ويستخدم كل أداة تحت تصرفه للتصدي للممارسات المناهضة للمنافسة في أسواق الطاقة الأمريكية والعالمية لضمان أسواق للطاقة مستقرة وموثوق بها.
وأشار الي أن ارتفاع الأسعار أغضب الجمهوريون حيث اتهم أعضاء منهم في الكونجرس، الرئيس جو بايدن، باتباع سياسة طاقة معادية للولايات المتحدة، وتجعلها تعتمد على “دول مثل الصين وروسيا”، ووجهت العضو في الكونجرس، كارول ميلر، من ولاية فرجينيا، رسالة إلى الرئيس الأمريكي بهذا الشأن انضم إليها أكثر من 140 من زملائها أعضاء الحزب الجمهوري على خلفية ارتفاع أسعار الوقود ودعوة الإدارة الأمريكية الأخيرة دول أوبك+ “إلى إنتاج المزيد من النفط لمواجهة ارتفاع أسعار البنزين بالنسبة للمستهلكين الأمريكيين.
وأشار الي أن أعضاء الكونجرس قالوا في رسالتهم للرئيس بايدن: “وجهة نظركم القائلة إن زيادة إمدادات النفط ضرورية لخفض أسعار محطات الوقود تعد منطقية ونتفق أيضا مع مساعد الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان، الذي قال إن ارتفاع أسعار البنزين يشكل “خطرا يضر بالتعافي الاقتصادي العالمي” مع ذلك، نحن غير موافقين على جهود إدارتكم للحد من الوصول إلى موارد الطاقة الأمريكية والدعوات المتزامنة لأوبك + لزيادة إنتاج مواردها.
واضاف أن الرسالة نصت علي: “كما تعلمون، تضم أوبك + دولا تعد خصوما مشهورين للولايات المتحدة، مثل روسيا وإيران وفنزويلا وليس من مصلحة أمريكا الاعتماد على هذه البلدان للحصول على الطاقة.. بالمقابل فإن إزالة العقبات التي تحول دون إنتاج النفط والغاز الأمريكيين ستؤدي إلى نمو الإقتصاد الأمريكي وتوفير المزيد من فرص العمل، وتحسين الأمن القومي وأمن الطاقة، وخفض أسعار الطاقة للأسر الأمريكية، وانخفاض الانبعاثات العالمية لأن الولايات المتحدة تنتج الطاقة بطريقة أكثر مسؤولية تجاه البيئة من البلدان التي تريدون أن تعتمد أمريكا عليها.. وكان بايدن قد ركز منذ بداية رئاسته على القضايا البيئية والتوسع في استخدام مصادر الطاقة النظيفة، ووصف قضية مكافحة التغير المناخي بأنها من أولويات إدارته.
وأوضح أن المشرعين الأمريكيين انتقدوا في رسالتهم تصرفات إدارة واشنطن في الموقف مع خط أنابيب الغاز الروسي “نورد ستريم 2″، حيث نصت الرسالة على أنه “في الوقت الذي سيتم فيه إضعاف البنية التحتية للطاقة الأمريكية، فقد دعمتم بطريقة منافقة إنتاج الوقود الأحفوري الأجنبي والبنية التحتية إن أفعالكم الأخيرة لإعطاء الضوء الأخضر لخط أنابيب الغاز الروسي نورد ستريم 2.. فظيعة بشكل خاص”.
وأوضح أن “السيل الشمالي-2” هو مشروع روسي لمد أنبوبي غاز طبيعي يبلغ طول كل منهما 1200 كيلومتر، وبطاقة إجمالية تبلغ 55 مليار متر مكعب سنويا، من الساحل الروسي، عبر قاع بحر البلطيق، إلى ألمانيا ويمر أنبوبا المشروع عبر المناطق الاقتصادية الاستثنائية والمياه الإقليمية لكل من ألمانيا والدنمارك وفنلندا والسويد وروسيا ومن المقرر بدء تشغيل خط أنابيب الغاز هذا بحلول نهاية هذا العام وتقول بيانات شركة غازبروم الروسية إنه يمكن تسليم 5.6 مليار متر مكعب من الغاز عبر نورد ستريم 2 هذا العام.
وقال إن خام برنت القياسي العالمي وصل الي مستوى لم يشهده منذ عام 2018 في حين أن أسعار الخام الأمريكي وصل إلى مستويات مرتفعة لم تصل إليها منذ 2014 بسبب عوامل من بينها تعافي الطلب حول العالم بوتيرة أسرع مما كان متوقعا كما أن أسعار الغاز الطبيعي المرتفعة تحفز بعض الدول على التحول إلى النفط بدلا من الغاز لتوليد الكهرباء كما أن ارتفاع الطلب، وتخفيف قيود السفر إضافة إلى التوقعات بنقص المعروض من النفط والغاز في الأشهر المقبلة، كل هذه عوامل ساعدت أسواق الطاقة للارتفاع إلى مستويات قياسية.
وتجاوزت عقود خام برنت 85 دولارا للبرميل في آخر جلسة تداول في الأسبوع الماضي عند التسوية.
من جهة أخري – حسب مستشار المركز العربي للدراسات – عالجت شركات النفط الصينية كميات قياسية من الخام في يونيو، ما يعطي المزيد من الإشارات إلى أن أكبر اقتصاد في آسيا قد يتجاوز أمريكا ، ليصبح أكبر مكرِر للنفط هذا العام حيث وصلت كميات النفط التي تمّ تكريرها في الصين إلى 14.86 مليون برميل يومياً الشهر الماضي، مرتفعةً بنسبة 3.8% عن مستوى مايو، وفقاً لـ “بلومبرج” وتضاعفت الطاقة التكريرية الصينية 3 مرات تقريبا منذ بداية الألفية الجديدة. وتتوقع وكالة الطاقة الدولية أن يتفوق التنين الآسيوي على الولايات المتحدة العام الحالي. في حين تقدر مؤسسة البترول الوطنية الصينية أن تتوسع الطاقة التكريرية للخام في البلاد إلى مليار طن سنويا، أي 20 مليون برميل يومياً بحلول 2025.
وقبل 3 أيام من عيد الميلاد في عام 1975، وقع الرئيس الأمريكي الراحل، جيرالد فورد، قانوناً لإنشاء أول مخزون نفط خام احتياطي للطوارئ في الولايات المتحدة الأمريكية، بعد أن أصيبت البلاد بصدمة كبيرة بسبب حظر نفطي قبل بضع سنوات ولا تزال الولايات المتحدة الأمريكية تحتفظ بمخزونها من النفط، إذ يحتوي احتياطي النفط الاستراتيجي على 645 مليون برميل، ما يجعله أكبر مخزون احتياطي للنفط في العالم.
وقال إن بنك أوف أمريكا جلوبال ريسيرش رفع التوقعات لسعر خام برنت للعامين الجاري والمقبل، مؤكداً أن زيادة التوازن بين العرض والطلب في 2022 قد ترفع سعر النفط إلى 100 دولار للبرميل فترة وجيزة.. وقال البنك «نعتقد بأن وتيرة التعافي القوي للطلب العالمي ستفوق نمو الإمدادات في الثمانية عشر شهراً المقبلة، ليزيد السحب من المخزونات ويمهد لزيادة أسعار النفط.